هجوم «تويتري» على الحكومة اللبنانية

TT

هجوم «تويتري» على الحكومة اللبنانية

شهد موقع «تويتر» احتدام الخلاف السياسي بين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فور إعلان تشكيل الحكومة قبل أيام، وبعد تسعة أشهر من الانتظار.
فقد كتب جنبلاط على صفحته الرسمية غامزاً من قناة الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل، من دون أن يسميهما: «لا، يا صاحب الجلالة، الدولة ليست ملكاً لكم أو لزميلكم. والدولة ليست دفتر شروط لتلزيمها بالمطلق للقطاع الخاص، وفق فلسفة وزير الاتصالات، وكما فعل بعض الوزراء (الذين) باعوا المصفاة ودير عمار».
ورد الحريري بتغريدة على حسابه بعد خمس دقائق، قال فيها: «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح، هدفه إنقاذ الدولة من الضياع، وإحالة حراس الهدر على التقاعد. التغريد على (التويتر) لا يصنع سياسة... أنها ساعة تخلي عن السياسة لمصلحة الاضطراب في الحسابات. هيك... مش هيك؟».
ولا يقتصر الأمر على جنبلاط، فقد انقض السياسيون والفنانون والمواطنون العاديون على حدث تشكيل الحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من لحظة إعلانها. والصورة الأولى التي انتشرت كانت للحريري بلباس الأطباء حاملاً رضيعاً، مع عبارة: «ولدناها». أما التغريدات الأولى للحريري، فكانت وعد اللبنانيين بأنهم سيرون «تعاوناً كبيراً بين الوزراء - ومجلس الوزراء سيكون متضامناً لنعمل لمصلحة لبنان واللبنانيين».
إلا أن أحد المغردين رد: «بدنا أفعال، وليس وعود وأقوال». وآخر تمنى على الحكومة التي «أخذت 9 أشهر حتى ولدت... ألا تأخذ سنتين حتى تمشي». وقمة السلبية سجلتها تغريدة جاء فيها: «تباً للحكومات الماضية، وللحكومة الجديدة، وللحكومات التالية»، أرفقتها ناشرتها بصور لبواخر الكهرباء ونهر النفايات وانفجار مجرور الرملة البيضاء.
بدورها، حظيت الصورة التذكارية لأعضاء الحكومة بنصيبها من السخرية، فكتب أحدهم: «أهلاً وسهلاً، وين هالغيبة؟». وغرد آخر: «8 شهور حتى جمعوا بعضهم وتصوروا».
وحتى الفنانات أدلين بدلوهن، فغردت نجوى كرم: «مبروك لنا تشكيل الحكومة. وإن شاء الله تكون عندها خطة تنقذ فيها الشعب من قلقه وخوفه»، لتشاركها نانسي عجرم التهاني والأمنيات، حيث كتبت: «مبروك الحكومة الجديدة. مبروك للرئيس سعد الحريري، ومبروك لكل الوزيرات والوزراء... نتمنى أن تكون حكومة لخدمة لبنان والشعب اللبناني، أملنا كبير... صار وقت الشغل»، في حين غرد إيلي ضومط، مستعيناً بصورة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ولحيته المستحدثة، فكتب: «طلعت الخبرية أن الدقن (اللحية) تطول على قدر التنازلات».
من جهته، اعتبر النائب جميل السيد أن كل الوزراء «يتبعون للقوى التي أوصلت البلد لحالته اليوم - نتفاءل أم نتشاءم - نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج»، مضيفاً في تغريدة ثانية: «كلهم يبشرون بإصلاح الدولة، ومحاربة الفساد... كأن معظمهم لم يكونوا أصل هذه المصائب، كأنهم جاؤوا من كوكب آخر، أو خلقوا من جديد... استحمار للناس بس مش لهالدرجة». أما المستشار السابق لرئيس الجمهورية، جان عزيز، فغرد منتقداً «صفقة الحكومة» التي استغرقت «9 شهور... أكثر من 20 في المائة من الوقت الباقي من العهد الحلم... وخسائر وطنية لا تحصى... راحوا هدر، كرمال شو؟ كرمال مين؟».
إلا أن الحصة الأكبر من التغريدات كانت من نصيب «حزب الله» الذي تسلم وزارة الصحة في الحكومة. ففيما اعتبر محمد حيدر أن «لا صحة للحكومة إلا بحزب الله»، سجلت هجمة سخرية، منها: «وزارة الصحة من نصيب (حزب الله) - قريباً (Panadol) بزعفران وفوار بقرفة»، و«شعار وزارة الصحة الجديد: وداووا مرضاكم بالصدقة».
كذلك شن بعض المغردين هجوماً شرساً على الحزب، فكتب أمجد طه: «في حكومة لبنان الجديدة... 3 وزراء لميليشيا (حزب الله) الإرهابي... الذي يخزن الأسلحة المدمرة وصواريخ إيران في وسط بيروت، ويدرب الإرهابيين لمهاجمة دول الخليج، بما فيها الكويت والبحرين والسعودية، وضرب أمن المنطقة، وكان السبب في مقتل أكثر من 74 ألف عربي». وقمة الهجوم عبر عنها مقطع فيديو لرئيس مجلس النواب نبيه بري، يتحدث خلاله عن اغتيال «حزب الله» للقيادي في حركة «أمل»، داود داود، عام 1988، والد وزير الثقافة محمد داود. وتم تداول الفيديو الذي يتهم فيه بري «حزب الله» بتفوقه على الإسرائيليين في قتل المقاومين، بكثافة عبر «تويتر» و«فيسبوك» و«واتساب». واعتبر المغرد «لبناني» أنه «للأمانة، وبغض النظر عن المواقف السياسية، فإن توزير محمد داود هو درس بالوفاء من نبيه بري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».