روسيا تراقب الاتصالات الأميركية ـ التركية

TT

روسيا تراقب الاتصالات الأميركية ـ التركية

سيطر الغموض على الموقف الروسي حيال التصريحات المتعاقبة من جانب تركيا حول الوضع في منبج، إذ تجنبت موسكو التعليق أمس، على تأكيدات أنقرة حول التوصل إلى «تفاهم مع موسكو على خريطة طريق بشأن الوضع في منبج» ما عكس تفضيل موسكو ترقب نتائج المحادثات التركية - الأميركية حول الملف. وتزامن ذلك مع تحضيرات موسكو للقمة الثلاثية الروسية - التركية - الإيرانية التي ستعقد في سوتشي في الـ14 من الشهر الحالي، وسط إشارات إلى «تزايد عدد الملفات التي باتت تحتاج إلى نقاش تفصيلي لحسمها»، وفقا لتعليق دبلوماسي روسي أشار إلى أن «موضوع المنطقة العازلة في شمال سوريا والوضع في إدلب والتحركات حول منبج كلها مسائل مرتبطة ولا يوجد توافق كامل حول أي منها حتى الآن».
وكان ملاحظا أمس، أن المستوى الرسمي الروسي التزم الصمت حيال تصريحات الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن بأن بلاده توصلت إلى تفاهم مع روسيا بخصوص خريطة الطريق حول مدينة منبج السورية، وفقا للاتفاق المبرم بين أنقرة وواشنطن.
وشدد كالن على أن الإسراع بتنفيذ خريطة الطريق «مهم جدا للعلاقات الثنائية مع واشنطن وأمن المنطقة ومسار الحل في سوريا». وأشار إلى أنه كان من المفترض أن «يبدأ التنفيذ منذ وقت طويل، وتكتيكات المماطلة لن تفيد أحدا». اللافت أن موسكو كانت اكتفت أول من أمس، بإعلان أنها وسعت مسار نشاط الشرطة العسكرية الروسية حول مدينة منبج، وأكدت مجددا أن هدفها الأساسي «مراقبة تنفيذ وقف النار وتحركات الفصائل والمساعدة على تحسين الوضع الإنساني».
وقال دبلوماسي روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط» إن موسكو تراقب نتائج الاتصالات التركية الأميركية وترغب في معرفة آفاق الإعلان الأميركي عن انسحاب من الأراضي السورية، لكنه زاد أن «المهم حاليا أنه لم يعد ممكنا مناقشة ملف منبج بمعزل عن التوافق على رزمة إجراءات كاملة في المنطقة تشمل ملف المنطقة العازلة في الشمال والوضع في إدلب»، خصوصا أن تركيا نفت صحة معطيات حول التوصل إلى تفاهم كامل مع واشنطن حول «المنطقة الأمنية». وأكد كالن أن «المفاوضات في هذا الشأن لا تزال مستمرة». مشددا على أن «تركيا تتطلع إلى أن تكون بيدها السيطرة على المنطقة الأمنية».
وكانت موسكو اقترحت على الجانب التركي إطلاق محادثات مباشرة مع الحكومة السورية حول تأسيس منطقة عازلة في الشمال تقوم على أساس اتفاق أضنة الموقع بين دمشق وأنقرة في عام 1998. وبدا أن موسكو مستعدة للعب دور في دفع حوارات مباشرة بين الطرفين، وهو أمر أكدته عدة مصادر روسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط». وتعاملت موسكو بترحيب مع إعلانات أنقرة المتتالية خلال الأيام الأخيرة، حول وجود قنوات اتصال بين تركيا والحكومة السورية. ووفقا للدبلوماسي الروسي فإن هذا الموضوع سوف يكون مطروحا للبحث خلال القمة الثلاثية التي تستضيفها روسيا، التي باتت أجندتها مزدحمة بملفات عدة تنتظر التوصل إلى تفاهمات نهائية بشأنها، بينها «إطلاق عملية عسكرية مشتركة ودقيقة في إدلب، فضلا عن الوضع في منبج وحول فكرة المنطقة العازلة».
وكان الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال أمس، إن الرئيس فلاديمير بوتين سيلتقي نظيره الإيراني حسن روحاني بشكل ثنائي على هامش القمة الثلاثية، في إشارة إلى رغبة روسية بإجراء مناقشات تفصيلية منفردة مع كل من الطرفين التركي والإيراني قبل طرح الملفات المطروحة للنقاش على المستوى الثلاثي، علما بأن الكرملين كان أعلن أول من أمس، أن بوتين سيجري لقاء منفردا أيضا مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.