بألوان جديدة وطاقة إبداعية متأججة تضيء مسيرته في عالم التجريد، افتتح الفنان فاروق حسني وزير ثقافة مصر الأسبق معرضه الجديد بغاليري بيكاسو في الزمالك مساء أول من أمس، وسط حفاوة كبيرة من مختلف الأطياف الثقافية المصرية. فمعرض حسني الذي يستمر حتى نهاية شهر فبراير (شباط) الجاري، جمع الفنانين التشكيليين والفنانين المسرحيين والسينمائيين والسياسيين والأطباء والمفكرين والإعلاميين حول لوحاته.
ويضم المعرض 44 لوحة متباينة الأحجام رسمها حسني ما بين 2018 و2019. وبعض اللوحات التي تعود لعام 2015. كما تضمن لوحات من عام 2004. بأحجام صغيرة نسبياً. وتبدو اللوحات الجديدة مغايرة ببالتة ألوان جديدة، مقدماً ظواهر بصرية تحلق في عوالم تتماس مع الواقع في ظاهرها، لكنها تسعى لآفاق خيالية لا محدودة، ويفاجئنا حسني في معرضه الحالي ببراعته في التلاعب بالضوء والظلال وتطويع اللون الأصفر وتدرجاته، بينما يبدو في لوحاته تسليطه الضوء على عمق اللون الأزرق والأكوامارين فيما بدت المساحات الرمادية والبيضاء تتخذ حيزاً أكبر في لوحاته، مما يوحي برغبة جديدة في الاشتباك مع كافة الألوان وهو ما لمسناه مع انفعاله باللونين الأزرق والأخضر.
في كثير من لوحات المعرض قدم حسني مزجاً قائماً على التضاد بين الألوان المشرقة والداكنة، كان من اللافت استعانته باللون البنفسجي الذي يبوح بانفعالات نوستاليجية تندرج تحت سياق السرد البصري تارة وتستلهم من المقاطع الشعرية حيويتها ورشاقتها وتكثيفها تارة أخرى.
مستعيناً بألوان الأكريليك والباستيل يستدعي فاروق حسني الذاكرة وروح الشباب متحرراً من قيود الزمان والمكان مقدماً في لوحاته تجريداً قائماً على اللعب بالخطوط والتكتلات اللونية. تحمل لوحات حسني إضاءات على رؤى فلسفية في الكون والوجود والهوية والإبداع وتتحدى لوحاته الإطار الذي يحددها وتنفتح على مساحات الفكر واللاوعي.
«في كل لوحة أقدم انطباعات ومشاعر أترك لها العنان لترسم ملامح اللوحة وخطوطها وإيقاعها، لتصل للمتلقي فقط إذا قرأها بمشاعره، أسعى دائماً للتجديد والتجريب وفي هذا المعرض ابتعدت عن التشخيص»، هكذا تحدث فاروق حسني لـ«الشرق الأوسط» عن معرضه، مؤكداً أنه يعيش حالة إبداعية جديدة ويسعى من خلالها للتأكيد على منجزه الفني والإنساني ويطرح المزيد من التساؤلات الفلسفية.
دائماً ما تشكل معارض الفنان فاروق حسني نقطة انطلاق ودفعة جديدة لسوق الفن التشكيلي في مصر، وهو ما أكده الفنان الدكتور أشرف رضا، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «فاروق حسني يقدم نقلة نوعية في أعماله، وهو ما يزال على رأس قائمة الفنانين التجريديين في مصر، ويقدم ألواناً جديدة بنفس مفرداته، ويغلب على المعرض اللون الأزرق ويمثل ولعه بالبحر والإسكندرية (الكوزموبوليتانية)، لكن الملاحظ أن هناك إخراجاً جديداً وتشكيلاً جديداً في اللوحات الأخيرة، ويعطينا إحساساً بالطبيعة المصرية والأمكنة في مصر... البحر والقناة والنيل والصحراء بكل موروثاتها الثقافية». ويعتبر رضا أن التيار التجريدي في مصر يمثل الفكر الجديد والإبداع والرؤية غير المكررة. وأن كل أعمال حسني لها خلفيتها الثقافية المستقاة من مصر أو من روافد ثقافته الفنية العالمية.
وأثناء تأمله للوحات التقت «الشرق الأوسط» الفنان الكبير جورج بهجوري الذي قال: «فاروق حسني به ميزة تجعله متفرداً، هي أنه يصنع من التجريد لوحة، ويصنع من اللامفهوم مفهوماً، ومن كل شيء فكرة، وتنضح لوحاته بحب للناس وللأشياء رغم أنها لا تجسد أشخاصاً».
أما الفنانة القديرة سميحة أيوب فكانت تجوب المعرض، معتبرة أن الفن التشكيلي يمثل رافداً مهماً من روافد الإلهام للفنان، لافتة إلى أن لوحات حسني تشع بطاقة إبداعية، كذلك أكدت الفنانة إلهام شاهين حرصها الدائم على حضور معارض الفنان فاروق حسني، باعتبارها تجسد مسيرة واحد من أهم رواد الفن التجريدي في العالم العربي. بينما قالت الفنانة التشكيلية الشابة نيها حتة: «حسني أيقونة من أيقونات الفن التجريدي في مصر والشرق الأوسط، لديه ألوان معبرة، ومعارضه تحمل طابعه الخاص، وبالنسبة لنا كفنانين بغض النظر عن المتعة والمتابعة، إلا أنها تشحن طاقتنا الإيجابية وتشحذ الفكر والتفكير».
فاروق حسني يحلق بمفردات تجريدية شعرية بعيداً عن التشخيص
في معرضه الجديد بـ{غاليري بيكاسو} في القاهرة
فاروق حسني يحلق بمفردات تجريدية شعرية بعيداً عن التشخيص
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة