قلعة تبوك في السعودية... معلم يربط العهود

أنشئت في العصر العباسي وتحيطها بركتان وعين

تعدّ قلعة تبوك أبرز المواقع التّاريخية في المدينة الحضرية (تصوير: خالد الخميس)
تعدّ قلعة تبوك أبرز المواقع التّاريخية في المدينة الحضرية (تصوير: خالد الخميس)
TT

قلعة تبوك في السعودية... معلم يربط العهود

تعدّ قلعة تبوك أبرز المواقع التّاريخية في المدينة الحضرية (تصوير: خالد الخميس)
تعدّ قلعة تبوك أبرز المواقع التّاريخية في المدينة الحضرية (تصوير: خالد الخميس)

تعّد تبوك (شمال غربي السعودية) أبرز المناطق التاريخية ذات الحضارات المتعاقبة. كان لها الاسم الأكبر فيما قبل التاريخ بأكثر من 500 عام قبل الميلاد، وظلّت ممراً للتّجارة وقوافل الحياة التي عزّزت من مكانة المدينة والمنطقة.
اليوم، لمنطقة تبوك مرحلة حضارية أكثر قرباً من المستقبل، حيث تحتضن جغرافيتها مدينة «نيوم»، إضافة إلى مواقع أخرى تعتزم السعودية تأهيلها وتحقيق تنميتها بما يتناسب مع مرحلة جديدة للبلاد المتجددة التي تهدف إلى الاستفادة وتعظيم الفوائد من كل موقع، و«الشرق الأوسط» تُبرز العديد من المواقع ذات المكانة في التاريخ والمستقبل في منطقة تبوك.
في وسط المدنية تشدّ الزائر كتابة رائعة صُممت على طريقة الزخرفة، ومرسومة على بلاطات خزفية معلقة على الباب الرئيسي لمبنى عتيق يتجاوز تاريخه عدة قرون. الكتابة المرصودة على البوابة الرئيسية لقلعة تبوك الأثرية، نُفّذت بطريقة أقل ما توصف بها أنّها فريدة، فضلاً عن جمالياتها كما لو كانت لوحة فنية مستقلة. وجاء في مطلع العبارة: «أمر بتجديد القلعة المباركة حضرة السلطان محمد خان». أمّا القلعة بشكل عام فقد صُممت بطراز هندسي معماري بديع يثير شعور الحنين إلى الماضي لدى ناظرها.
وتعدّ القلعة الأثرية في تبوك إحدى محطات الحج على الطريق القديم الواصل ما بين الشام والمدينة المنورة. ويتكون من قلاع ومحطات تبدأ من الحدود السعودية الأردنية وحتى المدينة المنورة لاستقبال الحجاج. ويعود تاريخ بناء القلعة إلى عام 1559.
وأولت الحكومة السعودية اهتماماً واسعاً بقلعة تبوك كإرث تاريخي هام، إذ جدّدت عمارتها عام 1950. كما أجرت وكالة الآثار والمتاحف في وزارة التربية والتعليم سابقاً عليها ترميمات شاملة عام 1993. وتتكوّن القلعة من دورين يحتوي الدور الأرضي على فناء مكشوف يضمّ عدداً من الحجرات ومسجداً وبئراً، وهناك سلالم تؤدي إلى الدور الأول. كما تضمّ القلعة أيضاً سلالم أخرى تؤدي إلى الأبراج التي تستخدم للحراسة والمراقبة.
ويقول دخيل العطوي أحد منسوبي حماية الآثار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «القلعة بُنيت في عصر السلطان العثماني سليمان، مضيفاً أنّ بناءها جُدّد في عصر السلطان محمد الرابع سنة 1064 هجرية الموافق لسنة 1653 ميلادية. وبيّن العطوي أنّ أعمال التجديد سُجلت على البلاطات الخزفية التي لا تزال موجودة فوق عقد الباب الرئيسي لمدخل القلعة. كما جُدّدت مرّة أخرى في عهد السّلطان العثماني عبد المجيد 1844. وكُتب بذلك نقش وُضع فوق محراب مسجد القلعة حسب ما يذكره العطوي.
وتبيّن سندس جحلان إحدى زائرات القلعة أن أكثر ما شدّها في مقتنيات القلعة هي الأواني القديمة التي تبين حياة البشر قبل عدة قرون. في حين كانت الكتابات القديمة وطريقة تصميم الحجرات والسلالم هي أكثر ما شد وداد علي باراجي التي ترى أن زيارة مثل هذه المواقع الأثرية تعطي شعوراً للزائر كما لو أنّه يعايش تلك الحقبة بصورة حقيقية، خصوصاً أن مبنى القلعة شهد اهتماماً وترميماً حافظ على الصبغة التاريخية له.
وما إن يخرج المتجوّل من الباب الرئيسي للقلعة، حتى يتّجه نحو سور القلعة حيث المدخل الصّغير من الناحية الغربية للقلعة، يقوده نحو عين تُدعى عين السِكِر. ويلحظ المتجول آثار العين واضحة أمامه. ورغم قلّة منسوب الماء بها فإنّ مقدار عمقها في قاع الأرض يوحي بأنّ منسوب المياه بها كان عالياً جداً.
ويذكر الباحث حمدان عبد الله وهو أحد زوار القلعة ومن المهتمين بعلم الآثار أنّ «سبب تسمية العين بهذا الاسم يعود إلى اسم نبات السِكِر وهو أحد أنواع النّباتات التي كانت تنمو حول العين». مضيفاً أنّ المياه كانت تجري في العين أثناء وجود الرسول محمد (صلّى الله عليه وسلّم) في تبوك.
ويوجد عدد من الزوار ولا سيما العائلات في منطقة أخرى محاذية لعين السِكِر، تضمّ بُركتين أطلق عليهما «برك عين تبوك». وتذكر مها الصقر، وهي سيدة أعمال سعودية، تملك مقهى تراثياً مقابلاً للقلعة، أنّه «حسب المعلومات التاريخية الموثقة التي اطّلعت عليها، وتعرضها أيضاً المنشورات التي تصدرها الجهات المعنية القائمة على القلعة، أنّ برك عين تبوك أُنشئت في الفترات التالية لعصر الخلفاء الراشدين. وأضافت: «ربما تكون الفترة المقصودة هي بداية العهد المملوكي».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».