ملتقى ثقافي في الرياض يسلط الضوء على الصناعات الإبداعية بالخليج

بمشاركة صناع القرار الرئيسيين من أكثر من 10 دول

جانب من الحراك الثقافي الذي شهده أمس مركز الملك فهد الثقافي في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من الحراك الثقافي الذي شهده أمس مركز الملك فهد الثقافي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

ملتقى ثقافي في الرياض يسلط الضوء على الصناعات الإبداعية بالخليج

جانب من الحراك الثقافي الذي شهده أمس مركز الملك فهد الثقافي في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من الحراك الثقافي الذي شهده أمس مركز الملك فهد الثقافي في الرياض (الشرق الأوسط)

شهد مركز الملك فهد الثقافي بالرياض أمس حراكاً كثيفاً، تمثل في ملتقى الإبداع الثقافي، أمّه وشارك فيه نخبة من المتحدثين الرئيسيين، يمثلون أكثر من 10 دول مختلفة، بما في ذلك صناع القرار الرئيسيين في مجموعة من الصناعات الإبداعية من منطقة الخليج والمملكة المتحدة.
الملتقى الذي يستمر لمدة يومين، ويختتم أعماله اليوم، ناقش التأثير الاجتماعي والاقتصادي للقطاع الثقافي والإبداعي في منطقة الخليج، حيث استقطب كثيراً من الخبراء والطلاب والفنانين على مدار يومين.
وانطلق الملتقى بكلمة افتتاحية من المهندس أحمد بن فهد المزيد، والسير كيران ديفان. وبعد ذلك، بدأت المحادثات حول الطرق الإبداعية في مجال العمل مع الميرة نورة الفيصل، مصممة المجوهرات الراقية.
وتواصلت جلسات أمس بحلقات نقاشية حول المهارات الرقمية للقطاع الثقافي، بمشاركة روهان غوانتليك من المجلس الثقافي البريطاني، وسماهر الهذلي من مجموعة ترجمان.
وانفردت جلسة لمسارات التوظيف في القطاع الإبداعي بمشاركة ممثلي مؤسسة «تشكيل» للفن المعاصر والتصميم في دولة الإمارات، بالإضافة إلى ماركوس أودير من جامعة الفنون في لندن، وأمبر غريغوري، والدكتورة مها السنان، بجانب جلسات حول أهمية المناهج الإبداعية والتعليم، وحفظ التراث، وكيفية ازدهار الحياة المهنية في قطاع الفنون والثقافة.
واستهدف الملتقى بشكل رئيسي مناقشة الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية والإبداعية المهمة في منطقة الخليج، والتخطيط حول كيفية تعاون الحكومات والمؤسسات والخبراء المبدعين، والمجتمع بشكل عام، فضلاً عن بحث تمكين وتوفير الفرص الذهبية المستقبلية من الوظائف والمهارات وتطويرها للأجيال المقبلة.
ويبرز الملتقى المهارات الإبداعية من خلال ممثلين رئيسيين من خبراء المنظمات من منصات ثقافية رائدة، لمناقشة مدى أهمية مساهمة الشراكات الدولية، وتبادل الخبرات والآراء والأفكار الإبداعية، وتنمية القطاع الإبداعي في التعليم، وكذلك أفضل الطرق الجديدة للتوظيف، ومدى زيادة الاستثمار في المهارات الرقمية للقطاع الثقافي، بما يدعم التنوع الاقتصادي، وزيادة معدلات النمو والابتكار.
وقال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للثقافة، المهندس أحمد المزيد: «يعد ملتقى الإبداع الثقافي بمثابة منصة لصانعي القرار الرئيسيين واللاعبين في الصناعة لتبادل الأفكار، ومناقشة القضايا الرئيسية، وطرح رؤيتهم لمستقبل الصناعات الإبداعية، التي تسهم بشكل كبير في تحفيز النمو الاقتصادي».
وأضاف: «نحن سعداء بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني، ونتطلع إلى رؤية مخرجات هذا الملتقى التي يمكن أن تساعد في تشكيل وتطوير رؤى وخطط القطاع الثقافي في المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى».
وقال أمير رمضان، مدير المجلس الثقافي البريطاني في المملكة العربية السعودية: «يشكل ملتقى الإبداع الثقافي منصة تجمع الفنانين ورواد الأعمال المبدعين وصانعي السياسات لمشاركة رؤيتهم وخبراتهم من مختلف التخصصات والمجالات». وأكد أن مخرجات هذا الملتقى تدعم تطوير الاستراتيجيات والسياسات والبرامج التي من شأنها أن تسهم في نمو قوة العمل الإبداعية الحديثة في منطقة الخليج، مشدداً على أن رعاية ودعم وتطوير المواهب الإبداعية تحتل صدارة أولوياتهم وشراكاتهم.
وتشهد الهيئة العامة للثقافة كثيراً من الإنجازات والمبادرات، ومن أهمها ملتقى الإبداع الثقافي الذي يهدف إلى صقل وتعزيز مختلف المواهب والطاقات الشابة، وتطويرها في المجالات المختلفة.
ويمثل ملتقى الإبداع الثقافي أحد المبادرات الكثيرة التي يطرحها المجلس الثقافي البريطاني، في إطار تعزيز علاقاته الثقافية، التي تشمل مشاريع متنوعة في مجالات الفنون والتعليم والعلوم والرياضة، وهي تتناغم مع طموحات جيل الشباب في العمل ضمن بيئة يتعلمون فيها المهارات والسلوكيات الإيجابية الأساسية التي تطلق قدراتهم الكامنة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».