الجزائر: انتخابات الرئاسة تقسّم الأحزاب الإسلامية

بين مترشح للسباق ورافض للمشاركة وداعم لبوتفليقة

عبدالرزاق مقري المرشح لرئاسية 2019 بعد مؤتمره الصحافي في العاصمة أمس والذي وعد فيه أنصاره بالفوز بالرئاسة (أ.ف.ب)
عبدالرزاق مقري المرشح لرئاسية 2019 بعد مؤتمره الصحافي في العاصمة أمس والذي وعد فيه أنصاره بالفوز بالرئاسة (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: انتخابات الرئاسة تقسّم الأحزاب الإسلامية

عبدالرزاق مقري المرشح لرئاسية 2019 بعد مؤتمره الصحافي في العاصمة أمس والذي وعد فيه أنصاره بالفوز بالرئاسة (أ.ف.ب)
عبدالرزاق مقري المرشح لرئاسية 2019 بعد مؤتمره الصحافي في العاصمة أمس والذي وعد فيه أنصاره بالفوز بالرئاسة (أ.ف.ب)

أعلن عبد الله جاب الله، أقدم شخصية إسلامية في العمل السياسي بالجزائر، عزوفه عن الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، بحجة أن نتيجتها «محسومة لمرشح النظام بسبب التزوير المتوقع». وأحدثت هذه الانتخابات شرخاً عميقاً في صفوف التيار الإسلامي، فمنهم من ترشح ومنهم من ساند ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المحتمل، ومنهم من يتحاشى اختيار شكل التعامل مع الحدث.
وقال حزب «جبهة العدالة والتنمية»، الذي يرأسه جاب الله، أمس، على موقعه الإلكتروني، إثر انتهاء اجتماع «مجلسه الشوري»، الذي دام ثلاثة أيام، إنه لن يقدم مرشحاً للانتخابات «ولكن نعتبر أنفسنا معنيين بالعمل مع جميع قوى المجتمع الفاعلة والمعارضة، أحزاباً وشخصيات من أجل اعتماد خيار الالتفاف حول مواقف موحدة وجادة، بما فيها تقديم مرشح موحد للمعارضة يتبنى مشروعاً متوافقاً عليه يتضمن على الخصوص الإصلاح الدستوري والقانوني الذي يكفل حق الأمة في السلطة والثروة وحرية الاختيار والتصرف فيهما، ويوفر كل الشروط الضامنة لحرية ونزاهة الانتخابات».
وخاض جاب الله معترك الانتخابات مرتين؛ الأولى عام 1999، لكنه انسحب 24 ساعة قبل انطلاق التصويت، مع 5 مرشحين آخرين، على أساس أنهم اكتشفوا أن الجيش «انحاز للمترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة»، وترشح لاقتراع عام 2004 وانهزم أمام بوتفليقة.
وعلى عكس جاب الله، دخل السباق الحزب الإسلامي الكبير «حركة مجتمع السلم»، برئيسه عبد الرزاق مقري مستفيداً من رصيد الحزب الطويل في الساحة السياسية ومن الزعامة الروحية لمؤسسه الراحل محفوظ نحناح (توفي عام 2003)، خصوصاً من الأعداد الكبيرة لمناضليه وأنصاره، ممن يعول عليهم في جمع 60 ألف توقيع مواطنين من 25 ولاية (من مجموعة 45 ولاية)، كأحد شروط سلامة ملف الترشح. ويعارض ترشح مقري، رئيس الحزب سابقاً أبو جرة سلطاني المحسوب على السلطة.
وسعى مقري بقوة لتأجيل الانتخابات، بذريعة أن النظام «سيختار مرشحه على استعجال، وبالتالي سيعطينا مرشحاً أسوأ من بوتفليقة»، حسب تصريحات سابقة له. وقد بنى هذه الفكرة على أساس أن بوتفليقة لن يطلب لنفسه التمديد. وجمعته لقاءات مع شقيق الرئيس ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة، حول موضوع التأجيل. ولما تبين له أن الكفة تميل نحو ترشح بوتفليقة، قرَر المشاركة في السباق لمنافسته.
والثابت، في الطبقة السياسية، أن النظام لا يمكن أن يسمح لإسلامي أن يصل إلى سدَة الحكم. وحدث في الانتخابات البرلمانية عام 1991 أن تدخل الجيش لإلغاء نتائجها بعد فوز ساحق حققته «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». ومن المفارقات أن «حركة مجتمع السلم» (كانت تسمى حركة المجتمع الإسلامي)، أيَّدت موقف الجيش عندما استشيرت بخصوص وقف زحف الإسلاميين على السلطة. وشارك نحناح في انتخابات الرئاسة عام 1995، لكن هزم أمام مرشح السلطة الجنرال اليمين زروال. واتهم الإسلاميون، يومها، الحكومة بـ«التزوير».
من جهته، أعلن فيلالي غويني رئيس «حركة الإصلاح الوطني» (أسسها جاب الله عام 1999 وترأسها إلى 2004، وتم الانقلاب عليه)، انحيازه لمجموعة الأحزاب التي ناشدت بوتفليقة الترشح لفترة جديدة. وبذلك، يعد الحزب الإسلامي الوحيد الذي يدعم مرشح النظام المفترض، علماً بأن «حركة مجتمع السلم» سارت في ركب بوتفليقة ثلاث مرات، في 1999 و2004 و2009. ولم يفهم كثير من المراقبين سرَ هذا التخبط في مواقف أكبر الأحزاب الإسلامية.
وبقيت «حركة النهضة» (أسسها جاب الله في ثمانينيات القرن الماضي، وترأسها حتى 1998 وتم الانقلاب عليه)، بقيادة أمينها العام الجديد يزيد بن عائشة، إذ لم يصدر عنها موقف حيال الرئاسية. وحسب مصادر في الحزب، فإن قيادته لا تنوي الترشح ولا مساندة الإسلامي مقري.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.