افتتاح المهرجان القومي السابع للحرف التراثية في مصر اليوم

تحت شعار «معا لحماية الهوية» وبمشاركة 25 جمعية و30 فنانا

منتجات من الحرف التراثية المختلفة
منتجات من الحرف التراثية المختلفة
TT

افتتاح المهرجان القومي السابع للحرف التراثية في مصر اليوم

منتجات من الحرف التراثية المختلفة
منتجات من الحرف التراثية المختلفة

تحت شعار «معا لحماية الهوية»، وبعد تأجيله مرتين، حدادا على أرواح ضحايا الجيش في حادثة واحة الفرافرة، والانتهاء من إجازة عيد الفطر، يفتتح مساء اليوم (الثلاثاء) رئيس الوزراء المصري، المهندس إبراهيم محلب، يرافقه د. جابر عصفور، وزير الثقافة، ود. أحمد عبد الغني، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، المهرجان القومي السابع للحرف التراثية، في قصر الفنون بالأوبرا، ويحضر الافتتاح عدد كبير من الشخصيات الرسمية والثقافية والفنية، وقيادات وزارة الثقافة، والفنان الناقد عز الدين نجيب «قوميسير عام المهرجان».
يشارك في هذه الدورة نحو 25 جمعية أهلية تمثل مختلف محافظات الجمهورية بجانب مراكز الإنتاج الفني والبحوث التراثية التابعة لقطاع الفنون التشكيلية، وبعض الجهات التابعة لوزارة الصناعة المختصة بتطوير المنتج الحرفي، وصندوق التنمية الثقافية، وكذلك نقابة العاملين المهرة في الحرف، وتصاحب المهرجان عدة فعاليات فنية وثقافية هامة منها مجموعة من ورش العمل اليومية للحرفيين، ومعرض لأعمال الفنانين المقدمة لمسابقة التصميمات القابلة للتنفيذ في منتجات الحرف التراثية المختلفة من أجل تحديثها وتلبيتها لاحتياجات العصر والسوق، ومعرض لأعمال أكثر من 30 فنانا تشكيليا يستلهمون فيه منابع التراث والزخارف والعناصر التراثية لتحقيق التفاعل بين الأصالة والحداثة، أيضا سيقام عرض للأزياء التراثية والمستلهمة من التراث، وندوة حول مستقبل الحرف التراثية يطرح من خلالها مشروع قومي للنهوض بها يشارك فيها نخبة من الباحثين، فضلا عن العروض الفنية والاستعراضية التي تؤديها فرق الفنون الشعبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة.
وحول المهرجان يقول قوميسيره الفنان عز الدين نجيب لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على الحرف التراثية في مصر وحمايتها من الاندثار، كما يبحث في وسائل تنميتها وتطويرها تكنولوجيا، مع المحافظة على الروح التراثية التي تمتعت بها على مر العصور، إضافة إلى إبراز لجيل جديد من الصناع المهرة من خلال عرض إبداعاتهم في المهرجان».
يستمر المهرجان لمدة أسبوعين ويشمل إقامة معرض لأعمال أكثر من 30 فنانا تشكيليا يستلهمون التراث والزخارف والعناصر التراثية «لتحقيق التفاعل بين الأصالة والحداثة»، وعرضا للأزياء المستلهمة من التراث يمثل أقاليم مصر.
ولفت عز الدين نجيب إلى أن «المهرجان تكمن أهميته في أنه يسعى إلى حماية الهوية المصرية التي واجهت مخاطر كثيرة في الفترة الماضية»، وسينظم أنشطة ثقافية وفنية منها ورش عمل يومية للحرفيين.
وأضاف أن المهرجان سينظم ندوة حول مستقبل الحرف التراثية، «يطرح من خلالها مشروعا قوميا للنهوض بالحرف التراثية ويناقش أحوالها من حيث الإنتاج، والتوثيق، والتطوير، والتسويق، والتدريب».
يشار إلى أن مصر تزخر بتاريخ حافل من الحرف والصناعات التراثية والتقليدية، وتعد من أهم المكونات الثقافية التي تشكل الهوية المصرية، التي من أبرزها صناعات الأرابيسك، والمشغولات الفضية والذهبية، والأعمال النسجية النوبية والبدوية، وأعمال الزجاج، والحفر على النحاس، والخرط الخشبي.
ويؤكد مختصون وخبراء أن ازدهار هذه الصناعات يحول دون الذوبان في الكيانات العالمية التي فرضتها سياسات العولمة على الشعوب، مشيرين إلى أنها أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على الخصوصية الثقافية والفلكلورية للشعب المصري.
وطالب الخبراء بضرورة إعادة نشر هذا التراث في كل أنحاء العالم، على أسس علمية صحيحة، خصوصا في ظل الرواج الذي تلقاه هذه المنتجات التراثية في الأسواق الأوروبية والعالمية، وأيضا التوسع في إقامة المعارض لهذه المنتجات التراثية في الدول العربية والأوروبية والنهوض بالمدارس الحرفية والصناعية، فضلا عن الاستفادة من التقنية الحديثة الملائمة في إنتاج أعمال محملة بالقيم التراثية نفسها بما يخدم متطلبات الإنسان المعاصر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».