واشنطن تدعم الجهود لمنع سيطرة «حزب الله» على لبنان

أبدت عدم ارتياحها لتسلمه وزارة الصحة

وزراء «حزب الله» في الحكومة الجديدة من اليسار: محمود قماطي وجميل جبق ومحمد فنيش (إ.ب.أ)
وزراء «حزب الله» في الحكومة الجديدة من اليسار: محمود قماطي وجميل جبق ومحمد فنيش (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدعم الجهود لمنع سيطرة «حزب الله» على لبنان

وزراء «حزب الله» في الحكومة الجديدة من اليسار: محمود قماطي وجميل جبق ومحمد فنيش (إ.ب.أ)
وزراء «حزب الله» في الحكومة الجديدة من اليسار: محمود قماطي وجميل جبق ومحمد فنيش (إ.ب.أ)

مع أن الموقف الأميركي من تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة يتراوح بين تهنئة رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري على تشكيلها، وتطلُّع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لزيارة بيروت، وبين قلق واشنطن حيال إسناد وزارة الصحة إلى «حزب الله» المصنّف على لائحة الإرهاب، فإن مصادر وزارية ونيابية كانت واكبت الجولة التي قام بها مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب على الرؤساء الثلاثة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووزير المال علي حسن خليل، وجمعية المصارف، ومن قبله المحادثات التي أجراها وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل مع كبار المسؤولين وشخصيات مستقلة، كشفت لـ«الشرق الأوسط» حقيقة الموقف الأميركي منعاً للالتباس أو الدخول في اجتهادات غير دقيقة.
وفي هذا السياق، قالت المصادر إن هيل لم ينقل إلى أركان الدولة موقفاً أميركياً مفاده أن واشنطن تضع «فيتو» على إعطاء وزارة الصحة لوزير ينتمي إلى «حزب الله» بمقدار ما أبدى عدم ارتياحه لتسلّم الحزب هذه الوزارة، لما سيكون لها من احتكاك مع المنظمات والمؤسسات الدولية التي تهتم بالشأن الصحي، وتقدّم للبنان مساعدات مالية وتقنية في هذا المجال.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن هيل لم يطلق أي إشارة سلبية في اتجاه عدم استعداد واشنطن للتعامل مع حكومة يتمثّل فيها «حزب الله»، وقالت إنه كان حاسماً في دعم استقرار لبنان، ومساعدته على تطبيق القرار الدولي 1701، منتقداً بشدة دور الحزب في زعزعة الاستقرار في لبنان والمنطقة، باعتباره ينفّذ السياسة التي تمليها عليه إيران.
ورداً على سؤال، قالت المصادر إن واشنطن كانت تدرك مسبقاً أن «حزب الله» سيتمثّل في الحكومة، ولم تُفاجأ بذلك، لكنها تدعم الجهود الآيلة إلى ضبط إيقاعه لمنعه من السيطرة على لبنان، وهذا يتطلب من الحكومة الجديدة الانضمام بلا شروط إلى الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، لإدراكها سلفاً أن محاصرة الحزب اقتصادياً يمكن أن تؤدي حتماً إلى تجفيف مصادر تمويله، ليكون عاجزاً عن تمويل أنشطته المهدِّدة للاستقرار في لبنان والمنطقة.
ورأت أن المحادثات التي أجراها مساعد وزارة الخزانة لمكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي في بيروت تناولت النقاط الآتية:
- التشدُّد في مراقبة الأصول المالية لـ«حزب الله»، والتنبُّه من وجود حسابات وهمية غير موثّقة في المصارف اللبنانية باسم أشخاص لمصلحة آخرين من الحزب.
- رفع جهوزية الأجهزة الأمنية لمنع التهريب الذي يوفّر دعماً للحزب، خصوصاً في مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت، وأيضاً مسارب التهريب في المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا.
- توفير الحماية القصوى للاقتصاد اللبناني، والتنبُّه لأي خرق يستهدفه، علماً بأن الموفد الأميركي يتناول للمرة الأولى الوضع الاقتصادي.
- منع إفادة المستشفيات والمؤسسات الصحية التابعة لـ«حزب الله» من موارد وزارة الصحة، مع وجود وزير على رأسها ينتمي إلى الحزب، وإن كان الوزير جميل جبق قد أكد في مقابلاته التلفزيونية أنه لا ينتمي إلى الحزب، مع الإشارة إلى أنه متزوج من شقيقة زوجة النائب في الحزب علي المقداد، وهما من بلدة مقنة البقاعية.
- اتخاذ الإجراءات لمنع وزارة الصحة من استيراد الأدوية من إيران التي لديها مصانع متطوّرة لإنتاجها.
لذلك، فإن مساعد وزارة الخزانة الأميركية تحدّث هذه المرة في لقاءاته في بيروت بشدة أكثر من المرات السابقة وهو يحدد آلية مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولقي تفهُّماً من قبل الذين التقاهم من دون أي تردُّد. وعليه، فإن واشنطن - كما تقول المصادر - ليست في وارد فرض أي من أشكال الحظر على لبنان، بل ستكون حاضرة ليس من خلال السفيرة الأميركية في بيروت فحسب، وإنما عبر تدفّق الموفدين الأميركيين إلى لبنان، لأنه لا مصلحة للإدارة الأميركية في إخلاء الساحة لـ«حزب الله» الذي يشكّل رأس حربة لمحور «الممانعة».
وتؤكد المصادر نفسها أن واشنطن ستواصل دعمها للبنان، لأن مجرد غيابها سيريح «محور الممانعة»، ويتيح له الإطباق عليه سياسياً، وتقول إن استعدادها لإقامة التوازن في وجه إيران انطلاقاً من بيروت من شأنه أن يعزّز الحضور الأوروبي، وأيضاً العربي، وإنما سيُترجم هذه المرة بخطوات ملموسة، أولها تفعيل مقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان على النهوض من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى مراقبتها الدقيقة لبعض القوى المشاركة في الحكومة بغية تحقيق التوازن السياسي المطلوب الذي سيؤمّن المشاركة الحقيقية، وهذا يتطلب من الأطراف عدم الانخراط في محور «الممانعة»، لما سيترتب عليه من تدابير أميركية تتجاوز من هم في «حزب الله» إلى أطياف ومكوّنات لبنانية أخرى.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.