وفاة 3 محتجزين داخل معتقلات جهاز الأمن السوداني

أكاديمي إسلامي بارز: مشروع الترابي ـ البشير فشل وينتظر شهادة وفاته

TT

وفاة 3 محتجزين داخل معتقلات جهاز الأمن السوداني

تفاقم التوتر في السودان، بصورة لافتة أمس، بعد وفاة ثلاثة محتجزين، في ظروف غامضة أثناء وجودهم في معتقلات جهاز الأمن السوداني، حسب بيان صادر عن «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي يقود الحراك الشعبي المناوئ لحكومة الرئيس عمر البشير. وأكد أكاديمي وناشط إسلامي بارز فشل تجربة الإنقاذ الوطني، ومشروعها في السودان، التي قادها الرئيس عمر البشير، والراحل حسن الترابي، «بعد فشلها سياسيا»، مشيرا إلى أن «نظامهما دخل غرفة الإنعاش بانتظار تحرير شهادة وفاته».
وأكد بيان صادر عن تجمع المهنيين أمس أن الرجال الثلاثة، تم احتجازهم بواسطة قوات الأمن السودانية، ولقوا حتفهم داخل معتقلات جهاز الأمن الوطني، مشيرا إلى أن أحدهم يعمل «مدرساً» سلمت جثته لذويه بمنطقة «خشم القربة» بشرق السودان، ورجلين آخرين في ولاية جنوب كردفان دفنا دون تسليم الجثامين لذويهم، وأكد البيان «استشهاد فائز عبد الله عمر، وحسن طلقا، في جنوب كردفان، وأحمد الخير من خشم القربة، بعد احتجازهم في بأحد بيوت الأشباح (وهو تعبير شعبي يطلق على معتقلات جهاز الأمن السوداني)».
وقالت أسرة قتيل «خشم القربة» إن ابنها، ويعمل معلماً، قتل بالتعذيب داخل مباني جهاز الأمن، بعد أن اقتادوه من منزله بمدينة «خشم القربة» شرقي البلاد الخميس الماضي، على خلفية المظاهرات التي شهدتها المدينة. وقال شقيقه «سعد الخير» في إفادات هاتفية، إن الأسرة تسلمت الجثمان وعليه آثار تعذيب وضرب في كل جسده «اليدين، المعدة، الظهر، الكليتين، الدبر»، وإن لون الجثمان كان متغيراً.
وأوضح أن سلطات المستشفى رفضت تسليمهم «تقرير التشريح»، وأبلغتهم أن التقرير لدى النيابة، بيد أنه قال: «دفنا الجثمان بعد أن شاهدناه وصورناه، ورأينا بأعيننا». وأضاف «قناعتنا أن الوفاة حدثت بسبب التعذيب».
من جهتها، نفت شرطة الولاية أن يكون «المدرس أحمد الخير» قد توفي بسبب التعذيب، وقالت إن مرضاً ألم به أثناء التحقيق داخل مباني جهاز الأمن. وبحسب مدير شرطة ولاية كسلا اللواء يس محمد حسن في تصريحات أمس: «الشخص المتوفى لقي حتفه أثناء التحقيق معه ضمن متهمين آخرين، تم التحفظ عليهم في حراسة الجهاز». وأضاف الرجل الذي يشغل في ذات الوقت منصب مقرر لجنة الأمن بالولاية: «بعد أن شعر بأعراض المرض، تم تحويله إلى المستشفى، وأفاد الكشف الطبي الأولي أنه فارق الحياة».
وأوضح اللواء حسن أن السلطات سمحت لذويه بحضور التشريح، وأنهم «تأكدوا تماماً من عدم المساس به من أي أيدٍ خارجية، أو تعرضه لتعذيب أو ضرب».
من جهتها، قالت «لجنة أطباء السودان المركزية»، إن «فائز عبد الله عمر، وحسن طلقا» قتلا تعذيباً، وإن نيابة العباسية بولاية جنوب كردفان أمرت بدفنهما دون علم ذويهما.
ووفقاً لبيان صادر عن اللجنة المحسوبة على المعارضة، فإن الرجلين اعتقلا بواسطة جهاز الأمن أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي ومعهما آخرون، وإن «محامي دارفور» بحكم انتماء الرجلين للإقليم مارسوا ضغوطا حقوقية قضائية، دفعت السلطات لإبلاغ شقيق أحد القتيلين بالخبر الفاجعة.
وفي سياق قريب، قطع الأكاديمي الإسلامي الشهير، بروفسور حسن مكي، بأن المشروع الإسلامي بنسخته الثنائية «الترابي- البشير» فشل في جانبه السياسي، رغم إنجازات اجتماعية واقتصادية حققها، بسبب افتقاره للمؤسسية والدستورية وعدم إعمال سيادة القانون، ما أدخله غرفة الإنعاش بانتظار تحرير شهادة وفاته.
وأوضح مكي أن النظام يواجه معارضة شبابية قوية لن يستطيع الصمود أمامها مها بلغت قوته، وتابع: «النظام الحاكم مهما كانت قوته، فهو في غرفة الإنعاش، وينتظر تحرير شهادة وفاته».
ورأى مكي أن الشباب ومن يقودون العمل ضد النظام نشأوا وتعلموا وشبوا خلال حقبة الإنقاذ «لكنهم لم يروا شفافية ودستورية وعدل الإسلام، ولم يجدوا قدوة، لذلك دخلوا في قطيعة مع النظام السياسي».
وتابع: «لقد وجدوا الطريق مسدوداً أمام طموحاتهم، ومع ذلك لم يدخلوا في قطيعة مع الثقافة الإسلامية، فوجود عدد من شباب أئمة المساجد في المعتقلات دليل على تمسكهم بثقافتهم الإسلامية».
وأبدى مكي دهشته لتحرك الشباب بقيادة «وسائط التواصل الاجتماعي»، وقال: «هم لا يعرفون الأشخاص، سواء كان في تجمع المهنيين أو الإسلاميين، ومع هذا يتجاوبون معهم»، وأضاف: «هوية وميول هؤلاء الشباب لن تتحدد إلاّ بعد حدوث تغييرات جذرية، ومجيء نظام يسمح بالتداول السلمي للسلطة، ويعلي من سيادة القانون، ويتيح الحريات والتدافع».
وسخر مكي من محاولات تجيير المظاهرات والاحتجاجات للخط الشيوعي أو اليساري بشكل عام، وقال: «الشيوعية سقطت في العالم، لكن النظام يحاول أن يتخذ من الشيوعية واللادينية فزاعة، لكن هذه الفزاعة لم تعد تنفع لأن المجموعة الحاكمة تفتقر للقدوة، ولن يشفع لها الحديث عن النظام الإسلامي».
وأشار مكي إلى ما سماه «مراجعات» داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم بقوله: «سمعت أن بالمؤتمر الوطني تيارات لا تؤيد تعديل الدستور من أجل الرئيس البشير، ورغم التفاف البشير حول الحزب والضغط عليه بالطرق الصوفية ورجال القبائل، فهناك مراجعات داخله».
ومنذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اندلعت احتجاجات ومظاهرات بدأت تلقائية وتطورت لتطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته. وتفيد حصيلة حكومية بمقتل 30 شخصاً خلال الاحتجاجات لكن المعارضة تضع الرقم بحدود 50 قتيلاً، فيما تقول منظمة العفو الدولية إن عدد الضحايا يبلغ قرابة 40 شخصا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.