يعد الأسبوع الأخضر، الذي يقام سنوياً ببرلين في شهر يناير (كانون الثاني)، معرضاً دولياً فريداً من نوعه، فهو ليس فقط مكاناً للمنتجين والمزارعين من كل أنحاء العالم، يبلغ عددهم 1750 من 61 دولة، لعرض ما لديهم من سلع ومنتجات فلاحية وغذائية، من أسماك ولحوم وغيرها، بل منبراً لمنظمات دولية تهتم بحياة الإنسان، فتطرح للنقاش أزمات يواجهها العالم، بالأخص مع موجات التصّحر والجفاف وقلة المياه، وتراجع المساحات المزروعة نتيجة التلوث أو قطع الأشجار.
وكانت فنلندا، ضيف المعرض هذا العام، قد رفعت راية ضرورة حماية البيئة، ردعاً للعواقب المتوقعة إذا ما واصل الإنسان إساءة استخدام الموارد الطبيعية. فموجة الجفاف تهدد اليوم أوروبا بالكامل، بعد موجة جفاف صيف العام الماضي، فتعرض كثير من المحاصيل للتلف الخطير، وهذا ما أثاره كثير من المسؤولين الدوليين ضمن حلقات لمناقشة وضع قطاع الإنتاج الزراعي في العالم وتربية المواشي وغيرها من المسائل.
وذكر يواخيم روفيد، رئيس جمعية المزارعين الألمان، أن انعكاسات الجفاف الذي شهدته أوروبا وألمانيا سيلقي بظلاله لسنوات، لذا تخطط ألمانيا لاستثمار 4.3 مليار يورو للنصف الأول من عام 2019، لمواجهة انعكاسات هذه الموجة التي أدت إلى تراجع الصادرات الزراعية بنسبة 0.4 في المائة عام 2018.
ولم يغب تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث ذكر فيل هوغن، مفوض الشؤون الزراعية في الاتحاد الأوروبي، أن انعكاس هذه الخطوة ما يزال غير واضح الأبعاد والنتائج. ومن أجل مواجهته، على دول الاتحاد الـ27 توحيد الجهود. فبعد أول خطوات، تراجعت الصادرات الفلاحية بين الاتحاد وبريطانيا.
كما تمت مناقشة أوضاع المزارعين وقطاع إنتاج المواد الغذائية وتربية المواشي وغيرها في ظل التحولات المناخية، كذلك رقمنة الزراعة والمناطق الزراعية والسياسة الزراعية الأوروبية المشتركة. كذلك مشكلة الجوع، وتراجع حجم المساحات المزروعة، وبالتالي تراجع الإنتاج الزراعي.
فخلال السنوات الـ50 الماضية، زاد الإنتاج الزراعي في العالم ثلاثة أضعاف، ومع ذلك ما زال يعاني أكثر من 821 مليون إنسان من الجوع، و2.5 مليون لا يتلقون الغذاء الكافي. ولأن عدد سكان الأرض في ازدياد متواصل، يحتاج هذا التزايد لموارد مثل الماء والأرض الصالحة للزراعة والطاقة.
هذا الوضع دفع خبراء للبحث عن بدائل مفيدة، ومشاريع يمكنها التخفيف من وطأة هذه المشكلة، منها الاعتماد في غذاء الإنسان على أنواع معينة من أعشاب البحر كغذاء كامل، فهي تحتوي على كميات كبيرة من الألياف والبروتين الكامل.
وعرض المعرض ما يسمى «إتش 2 غرو» أي «كيف تنمو»، لزراعة أنواع معينة وبسيطة من الخضراوات، تستفيد منها العائلات، بالأخص النساء، في البلدان الفقيرة التي تعاني من شحّ المياه. وهذا البرنامج تشرف عليه منظمة الفاو، وينفذ حالياً في مناطق تعاني من قلة المياه، في السودان والجزائر وتشاد وبيرو والأردن. هذا النوع من الزراعة لا يحتاج إلى أرض، بل يمكن زرع البذور في التراب أو في أوعية مليئة بقطع صغيرة من الخشب أو الحطب، ويحتاج للري إلى 90 في المائة أقل من المياه. وبعد أن تنمو النبتة، توضع في أوعية مسطحة، فيها القليل من الماء ليكتمل نموها. ومن الخضراوات التي تنمو بهذه الطريقة الخس والبندورة والجرجير.
غير أن معرض الأسبوع الأخضر مناسبة للمتذوقين لأطيب المأكولات، حيث تتحول بعض قاعاته إلى تجمع مطاعم من معظم البلدان المشاركة، وهذه مناسبة لتذّوق أو شراء منتجات لا تتوفر في الأسواق الألمانية، منها الفاكهة واللحوم وأنواع من الأسماك اللذيذة من كل أنحاء العالم.
وبلغ عدد الزوار هذا العام رقماً قياسياً تجاوز 400 ألف، وحضر نحو 85 زائراً تجارياً من 75 بلداً للاستطلاع، وإبرام عقود تجارية تجاوز حجمها 80 مليون يورو.
معرض الأسبوع الأخضر في برلين يعالج التصحر وقلة المياه
معرض الأسبوع الأخضر في برلين يعالج التصحر وقلة المياه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة