تراجعت قيمة مؤشر «داكس» الألماني، الذي يشمل أفضل 30 شركة ألمانية يعمل فيها نحو 4 ملايين موظف، بنسبة 18.26 في المائة خلال عام 2018. ويحوم اليوم حول 10600 نقطة، تواكبه تقلبات يومية خفيفة تصيبه بالهبوط أو الصعود. ويعزي الخبراء الألمان في برلين هذا التراجع إلى عدة أسباب أضحت واضحة للجميع.
فتباطؤ النمو الاقتصادي المحلي الذي سيرافق البلاد هذا العام (2019) له دور بارز في ذلك، ناهيك بالأجواء الضبابية السياسية المقلقة في ألمانيا ودول أوروبية مجاورة أخرى وما أقره الرئيس الأميركي دونالد ترمب من تدابير حمائية آلت إلى إشعال حرب الضرائب في قلب التجارة الدولية. ولا شك أن علامات الاستفهام التي تخنق النمو الاقتصادي الألماني أدت إلى كبح استهلاك الأسر الألمانية، وشلت بصورة شبه تامة استثمارات الشركات بصرف النظر عن حجمها وثقلها في السوق.
ويجمع هؤلاء الخبراء على أن قطاع السيارات المحلي، الذي يعتبر قاطرة الاقتصاد الألماني، يعاني كثيراً جرّاء المعايير الجديدة الأوروبية لمكافحة التلوث البيئي وتحديات العربات الكهربائية والهجينة، خصوصاً تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لقيادة السيارات دون سائق.
ويقول الخبير المصرفي الألماني لوك زيلبرناغل من فرانكفورت، إن مصرف «دويتشه بنك» وهو بين أبرز المدرجين داخل مؤشر «داكس» تلقى صفعة تجارية قاسية عام 2018. فقيمة سهمه هوت 56 في المائة. وبالتالي أوقفت جميع التداولات بسهمه في مؤشر «يورو ستوكس 50» اعتباراً من 24 سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي اليوم نفسه، أوقفت جميع التداولات بسهم مصرف «كوميرس بنك» في مؤشر «داكس».
ويضيف هذا الخبير أن سهم «دويتشه بنك» تراجعت قيمته إلى مستوى قياسي أواخر عام 2018 لتصل إلى 6.68 يورو فقط. ورغم مواصلة المصرف تقليص المخاطر في موازنته مثل تخفيض درجة الانكشاف على الولايات المتحدة الأميركية، فإن المشكلة تظل تلك المتعلقة بالربحية. عدا عن ذلك، لن ينجح هذا المصرف في توطيد أرباحه عن طريق تقليص حجم خدماته المصرفية الاستثمارية للتركيز على الخدمات المصرفية للأفراد في ألمانيا. فالخدمات الاستثمارية تبقى مصدراً مهماً لجني الأرباح، خصوصاً أن عملية توحيد أسواق رؤوس الأموال الأوروبية، وهي مبادرة أوروبية تهدف إلى تعميق دمج الأسواق المالية لـ28 دولة تابعة للاتحاد الأوروبي أكثر فأكثر، دخلت حيز التنفيذ.
والمتوقع أن يواكب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منافع مالية متعددة تصب في صالح ألمانيا.
ويختم الخبير القول: «حقق البريد الألماني (دويتشه بوست) وهو مدرج أيضاً في مؤشر (داكس) نتائج مخيّبة عام 2018. فبدلاً من تحقيق أرباح تتخطى 4 مليارات يورو، جنى 3.2 مليار فقط. كما تراجعت قيمة سهمه في عام 2018 أكثر من 40.60 في المائة».
وتذكر دارينا شاتمان، الخبيرة الألمانية في الأسواق المالية، أسماء شركات أخرى مدرجة في مؤشر «داكس» تكبدت خسائر فادحة عام 2018. فسهم شركة «باسف» للصناعات الكيميائية خسر نحو 34 في المائة من قيمته في العام الماضي. ما دفع إدارتها لمراجعة توقعاتها وتوخي الحذر. ورغم تسريح شركة «سيمنز» أكثر من 2900 موظف ووضع خطة عمل جديدة، فإن قيمة سهمها تراجعت 16 في المائة عام 2018.
وتستطرد شاتمان قائلة إن قيمة سهم مجموعة «تيسن غروب» تراجعت 38 في المائة في العام الماضي. ونجح مديرها الجديد غويدو كيركهوف في تقليص النفقات والادخار في الوقت ذاته. إلا أن أرباح قطاع المصاعد تشهد انهياراً مدوياً. وفيما يتعلق بشركة «لوفتهانزا» التي حققت أرباحاً جعلت قيمة سهمها ترتفع 140 في المائة عام 2017، كان عام 2018 كابوساً لها.
فقيمة سهمها تآكلت 38 في المائة بسبب إفلاس شركة «إير برلين» وإعادة تنظيم الشركة. وكان لما حدث من فوضى عارمة في المطارات الألمانية، خلال فترات عطل أغلبية الموظفين، تأثير سلبي في حركة الإقلاع والهبوط.
وتختم الخبيرة: «تراجعت قيمة سهم شركة (دايملر) عام 2018 أكثر من 35 في المائة، مع أن الشركة حققت نتائج مالية مرضية في قطاع السيارات الرياضية.
وللمرة الأولى منذ 10 أعوام أجبرت شركة (بي إم دبليو) على تخفيض توقعات أرباحها هذا العام جراء أوضاع أسواق السيارات الأوروبية غير المشجعة. كما هوت قيمة سهمها نحو 19 في المائة عام 2018».
تباطؤ محركات الاقتصاد الألماني أبرز أسباب تراجع «داكس» في 2018
المؤشر فقد 18 % من قيمته العام الماضي... والسيارات والبنوك في قلب الأزمة
تباطؤ محركات الاقتصاد الألماني أبرز أسباب تراجع «داكس» في 2018
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة