الأوبرالي بوتشيلي يصدح بعالمية «العلا» السعودية

حضور رسمي وجماهيري ضمن مهرجان «شتاء طنطورة»

جانب من حفل بوتشيلي الذي أقيم ضمن «شتاء طنطورة» في العلا أمس  -  الفنان بوتشيلي ظهر بالغترة السعودية
جانب من حفل بوتشيلي الذي أقيم ضمن «شتاء طنطورة» في العلا أمس - الفنان بوتشيلي ظهر بالغترة السعودية
TT

الأوبرالي بوتشيلي يصدح بعالمية «العلا» السعودية

جانب من حفل بوتشيلي الذي أقيم ضمن «شتاء طنطورة» في العلا أمس  -  الفنان بوتشيلي ظهر بالغترة السعودية
جانب من حفل بوتشيلي الذي أقيم ضمن «شتاء طنطورة» في العلا أمس - الفنان بوتشيلي ظهر بالغترة السعودية

عززت محافظة العلا السعودية في شمال غربي السعودية، حضورها العالمي عبر مهرجانها الشتوي «شتاء طنطورة» في ليلتها الفنية السابعة التي توشحت مساء أمس (الجمعة) بصوت الأوبرالي أندريا بوتشيلي، وسط حضور كبير من شخصيات رسمية وطيف جماهيري واسع.
وأدى بوتشيلي بمرافقة أكثر من 140 عازفاً ومؤدياً، ضمن الفرقة الموسيقية، 10 مقطوعات وأغانٍ، حيث كانت البداية بالموسيقى الكلاسيكية الشهيرة، التي منحت الفنان الإيطالي شهرته منذ عام 1994، وتعزز فيها ذلك الحضور بدعم أحد أعمدة الفن الأوبرالي لوتشيانو بافاروتي.
وشارك الفنان، الذي يعد اليوم أهم أوبرالي، وأعاد وهج الموسيقى الكلاسيكية لتتربع مجدداً في قائمة الجماهيرية؛ الحضور روائعه في جزء الحفل الثاني التي اتسم بأغانيه وإصداراته الأكثر شعبية، ومنها ما تم غناؤه وعرضه ضمن أفلام عدة، وأبرز ما تم غناؤه تسجيلاً في الألبومات الـ(15) التي انفرد بها للفن الكلاسيكي، علاوة على ألبومات أخرى للأغاني التي امتزجت بجاذبية شعبية.
وشهد حفل الفنان الإيطالي بوتشيلي الذي تزين بارتداء الغترة السعودية في إحدى فقرات الأمسية الفنية، ضمن مهرجان «شتاء طنطورة»، حضوراً رسمياً للسفراء المعتمدين لدى السعودية، وكذلك حضور لنخبة من الشخصيات من إيطاليا التي أبرزت السمة الإيطالية في حفلة العلا أمس.
بوتشيلي الذي اشتهر بفرادة الصوت مع الموسيقى رغم إصابته بالعمى، كان في أمسية مسرح مرايا العلا أمس، منسجماً مع أفراد من عائلته، إضافة إلى ماريا أندريا، وفنانات العزف المنفرد عبر الكمان، وكذلك الدويتو الغنائي، بما في ذلك أغنية «بروشيا لا تيرا» في فيلم العراب التاريخي، وموسيقى «ماريا» التي دمجت قصص الأحياء الإيطالية، بالإضافة إلى أغانٍ شهيرة من عروض أوبرالية، أبرزها «لا ترافياتا».
الفنان الإيطالي أبرز صفة العلا وعالمية جذبها، التي خطتها لها الهيئة الملكية للمحافظة، حيث سبق لبوتشيلي أن كان في سجلات الفوز بجوائز «غرامي» الشهيرة، علاوة على فوزه بجائزة «غولدن غلوب» لأفضل أغنية، وترشح لجائزة الأوسكار بالفئة نفسها، كما فاز بكثير من الجوائز العالمية الأخرى.
وتعد أمسية بوتشيلي العالمية، السابعة ضمن حفلات «شتاء طنطورة»، في حين ستشهد الأسابيع الثلاثة المقبلة ليالي أخرى من فنون عالمية، بحفلة للموسيقار العالمي ياني، وبعد تمديد المهرجان لأسبوعين إضافيين سيشهدان ليلة تكريم للفن العراقي بليلة إلهام مدفعي وكاظم الساهر، وليلة تكريم للفنان الكويتي عبد الكريم عبد القادر التي سيغني فيها الفنانان راشد الماجد، وماجد المهندس، بعد أن شهد المهرجان إطلالة الفنانة أم كلثوم بتقنية «الهولوغرام» الأسبوع الماضي.
ويضم المهرجان فعاليات تراثية وثقافية وفنية مستوحاة من تراث العُلا، التي تعتبر موطن الآثار في شمال شبه الجزيرة، وملتقى كثير من الحضارات على مر العصور.
وتستضيف محافظة العلا سباق كأس خادم الحرمين الشريفين، للقدرة والتحمل، الذي يشهد مشاركة 80 من أفضل الفرسان، ويقام السباق بالشراكة بين الاتحاد السعودي للفروسية والهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتتضمن الفعاليات أيضاً جولات لمشاهدة آثار العلا المنحوتة في الصخور وسوق البلدة القديمة التي تتيح التعرف على الحرف اليدوية التي لا تزال تتوارثها الأجيال في العلا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».