وزير الثّقافة المغربي يعلن برنامج المعرض الدولي للنشر والكتاب

ينطلق الأسبوع المقبل بمشاركة 42 بلداً من أنحاء العالم

جانب من المؤتمر الصّحافي لوزير الثّقافة والإعلام المغربي (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصّحافي لوزير الثّقافة والإعلام المغربي (الشرق الأوسط)
TT

وزير الثّقافة المغربي يعلن برنامج المعرض الدولي للنشر والكتاب

جانب من المؤتمر الصّحافي لوزير الثّقافة والإعلام المغربي (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصّحافي لوزير الثّقافة والإعلام المغربي (الشرق الأوسط)

قدّم محمد الأعرج، وزير الثّقافة والاتصال المغربي، في لقاء صحافي نظمته وزارته أمس، في الرباط، الخطوط العريضة لبرنامج الدورة الخامسة والعشرين من المعرض الدُّولي للنشر والكتاب، الذي تستعدّ لاحتضانه مدينة الدار البيضاء خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 17 فبراير (شباط) الحالي، بمشاركة 42 دولة من مختلف القارات.
وقال الأعرج إنّ المعرض الدُّولي للنشر والكتاب يمثّل أكبر تظاهرة ثقافية في البلاد، مؤكّداً أنّ دورة هذه السنة ستعرف مشاركة «أزيد من 700 عارض مباشر وغير مباشر، يمثّلون أكثر من 40 بلداً من مختلف أصقاع العالم»، مبرزاً أنّ العرض سيتضمن 128 ألف عنوان تغطّي مختلف صنوف المعرفة والإبداع بما يستجيب لانتظارات القرّاء من مختلف الفئات العمرية.
وأكّد وزير الثّقافة المغربي تطلّعه إلى استقطاب المعرض لأزيد من 520 ألف زائر في الدّورة الحاليّة، موضحاً أنّ الجمهور سيكون على موعد مع «ندوات موضوعاتية ولقاءات بين الكتاب وتقديم الإصدارات الجديدة وأمسيات شعرية وموسيقية ولحظات احتفائية بأسماء إبداعية وجوائز تكريمية، كجائزة الأركانة العالمية للشّعر وجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة وجائزة القراءة». كما سجّل الأعرج أنّ دورة هذه السنة تعرف حضوراً لافتاً لكتاب الطفل؛ حيث ستشكّل الإنتاجات الخاصة بهذه الفئة 17 في المائة من مجموع العناوين المعروضة، بمعدل 21 ألفاً و950 عنواناً، بالإضافة إلى برنامج متنوع من «الفقرات التثقيفية والورشات الفنية واليدوية والعروض المسرحية والتربوية، داخل فضاء جديد يتيح لهذه الفئة نسج علاقة مع عالم الكتاب وقضاء أوقات تجمع بين المتعة الفنية والفائدة العلمية».
وتتصدّر كتب الآداب قائمة أصناف الكتب المشاركة في المعرض، بنسبة 21 في المائة، بما مجموعه 27 ألفاً و206 عناوين، يليها مجال العلوم الاجتماعية الذي يشغل نسبة 14 في المائة، من 128 ألف عنوان حاضر في المغرب، تليه كتب العلوم الحقة والعلوم التطبيقية بنسبة 8 في المائة، من ثمّ الفلسفة والدّيانات والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والقانون بـ7 في المائة، وبعدها اللغات بـ6 في المائة، والعناوين العامة والمختلفة بنسبة 4 في المائة.
وسجّل المسؤول الحكومي أنّ البرنامج الثّقافي للمعرض، سيشهد مشاركة نحو 350 من المفكرين والأدباء والشّعراء وشخصيات من عوالم السّياسة والاقتصاد والفن والقانون، يرتقب أن يسمعوا في تنشيط «الفقرات الثّقافية المتنوعة التي ستستمر على مدى 10 أيام بمعدل 14 نشاطاً في اليوم». وأعلن الأعرج أنّ إسبانيا ستحل ضيفة شرف على المعرض، معتبراً أنّ هذا الحضور يندرج ضمن سياق «يؤكد على رسوخ العلاقات التاريخية والثّقافية بين المغرب وجارته الشّمالية بما يجمعهما من إرث حضاري مشترك ضارب في أعماق التاريخ».
وزاد الأعرج مبيّناً أنّ البلدين تجمعهما «رهانات مستقبلية مرتبطة بحوار جغرافي يمثّل فيه البلدان معاً همزة وصل بين ضفتي المتوسط»، وأشار إلى أنّ إسبانيا ستقدّم «برنامجاً ثقافياً يعكس مشهد الثّقافة الإسبانية المعاصرة ويلقي في الوقت نفسه الضوء على المناطق المشتركة بين الثّقافتين المغربية والإسبانية».
ورداً على سؤال صحافي عن حضور الكتب التي تحرّض على العنف والإرهاب، قال الأعرج إنّ المعرض «لن يسجّل حضور الكتب التي تحرّض على التطرف والعنف والإرهاب»، مؤكّداً أنّ هناك لجنة مختصّة «تقرأ مضامين الكتب التي ستشارك في المعرض، وعندنا ثوابت في المملكة، من بينها محاربة التطرف والإرهاب، ولا يمكن أن نسمح بشيء يمسّها بدخول المعرض».
وتحاشى المسؤول المغربي الرّد على منع إيران من المشاركة في التظاهرة التي تشهد مشاركة 42 بلداً من مختلف القارات، وقال الأعرج: «نحن لا نتعامل مع الدّول وإنّما نتعامل مع دور النّشر»، من دون أن يقدّم تفاصيل أكثر في الموضوع، غير أنّ حسن الوزاني، مدير الكتاب في وزارة الثّقافة، كشف في اللقاء الصّحافي ذاته، أنّ 142 طلباً لدور نشر دولية رفضت الوزارة مشاركتها في المعرض الدُّولي للكتاب، معلّلاً ذلك بكونها «لا تحترم المعايير المهنية، ولا تحترم حقوق المؤلفين».
من جهته، عبر السّفير الإسباني لدى الرباط، ريكاردو هوشليتنر دييز رودرغيز في كلمة بالمناسبة، عن امتنانه لاختيار بلاده ضيفة شرف في الدورة الخامسة والعشرين من المعرض الدُّولي للنشر والكتاب، مؤكداً على عمق العلاقات التاريخية والثّقافية التي تجمع بين البلدين، حيث وصفها بـ«الأخوية»، كما نوّه بمستوى التعاون الثّقافي بين البلدين، ودعا إلى مزيد من العمل والتنسيق لتوطيده أكثر.
يذكر أنّ اللقاء عرف حضور عدد من المسؤولين عن تنظيم التظاهرة الثّقافية الكبرى في المغرب، بالإضافة إلى نائب المديرة العامة لدعم الكتاب والقراءة والآداب في إسبانيا، بالشأن الثّقافي والكتاب في المغرب، ومنابر إعلامية محلّيّة ودوليّة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».