ترمب يرهن اتفاقاً تجارياً مع الصين بلقائه شي

أكد تفاؤله بأجواء المباحثات... وطالب بكين بفتح أسواقها

TT

ترمب يرهن اتفاقاً تجارياً مع الصين بلقائه شي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الخميس)، إن المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تجري بشكل جيد في روح تصالحية. وتحدث عن لقاء مقبل مع نظيره الصيني شي جينبينغ لتبديد نقاط الخلاف... لكنه حذر في الوقت نفسه من أن اتفاقيةً للتجارة مع الصين ستكون «غير مقبولة» ما لم تفتح بكين أسواقها أمام قطاعات الخدمات المالية والصناعات التحويلية والزراعة وصناعات أميركية أخرى. وكتب ترمب في سلسلة تغريدات على موقع «تويتر»: «أتطلع إلى أن تفتح الصين أسواقها ليس فقط أمام الخدمات المالية، وهو ما يفعلونه الآن، بل أيضاً أمام صناعاتنا التحويلية ومزارعينا والشركات والصناعات الأميركية الأخرى».
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن «اللقاءات تجري في شكل جيد وبإرادة طيبة (...) من الجانبين»، موضحاً أنه «لن يتم إبرام أي اتفاق نهائي قبل أن نلتقي أنا وصديقي شي جينبينغ في مستقبل قريب للنقاش والاتفاق على بعض النقاط الأكثر صعوبة والقائمة منذ فترة طويلة بهدف التوصل إلى اتفاق بشأنها... صفقة شاملة جداً».
وبعدما ذكّر بأن الرسوم الجمركية على ما قيمته مائتا مليار دولار من الواردات من الصين يُفترض أن تزيد بنسبة 25% في الأول من مارس (آذار) المقبل، قال إن «الجميع يعملون بجدّ» لإنجاز الاتفاق «بحلول هذا الموعد».
ورأى ترمب الذي كان من المقرر أن يستقبل نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، الذي يرأس الوفد الصيني في المحادثات مع واشنطن منذ الأربعاء، أن الصين لا ترغب في زيادة الرسوم الجمركية العقابية بينما يسجل اقتصادها تباطؤاً. وأكد أن كل الخلافات التجارية مطروحة على طاولة المفاوضات.
وكانت الولايات المتحدة والصين قد استأنفتا، أول من أمس (الأربعاء)، المحادثات التجارية بينهما في البيت الأبيض من أجل تطبيع هذه العلاقات لفترة طويلة، قبل الأول من مارس، وإلا ستستأنف الحرب التجارية.
وفيما وضع ترمب رأب العجز التجاري الأميركي المتصاعد مع الصين في قمة أولوياته، يطالب المسؤولون الأميركيون أيضاً بإصلاحات بعيدة المدى للسياسة الصناعية الصينية للحد من السرقة الصينية المزعومة للتكنولوجيا الأميركية والتدخل الحكومي الصيني الكبير في السوق.
وقبل انطلاق المباحثات، أكد وزير الخزانة الأميركي ستيفين منوتشين، أن إنفاذ أي اتفاق، وحماية الملكية الفكرية الأميركية، ووضع حد للسياسة الصينية الإجبارية للمشاريع المشتركة كشرط لدخول السوق الصينية، تعد «ثلاثاً من أهم القضايا على جدول الأعمال». وأشار إلى أنّ الحاجة إلى جعل أي اتفاقية قابلة للتنفيذ أمر «واضح». وتابع: «نريد التأكد من أنه عندما نتوصل لاتفاق، سيمكن تنفيذ هذا الاتفاق»، وأوضح أنّ «هناك اتفاقاً مع الصين بأنهم يفهمون ذلك».
وفي غضون ذلك، كشفت وزارة التجارة الصينية في تقرير لها، أن الصين استثمرت 20.17 مليار دولار في 57 دولة واقعة على طول مبادرة «الحزام والطريق» في عام 2017، بزيادة قدرها 31.5%، على أساس سنوي، وهو ما شكّل 12.7% من إجمالي الاستثمار الصيني في الخارج. وتهدف مبادرة «الحزام والطريق» إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا، على طول مسارات طريق الحرير التجاري القديم. وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، أمس (الخميس)، بأن التقرير الصادر تحت عنوان «تنمية الاستثمار الصيني في الخارج لعام 2018» ذكر أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت إحدى أكثر الدول الجاذبة للاستثمار الصيني بين الدول الواقعة على طول «الحزام والطريق»، إذ بلغ حجم الاستثمار الصيني القائم في دولة الإمارات 5.37 مليار دولار بنهاية عام 2017.
وتوقع التقرير أن تحافظ الصين على نمو سريع في حجم استثمارها في الدول الواقعة ضمن مبادرة «الحزام والطريق»، كما ستشهد تنوعاً في مجالات التعاون. فيما سيزيد حجم الاستثمار في قطاعات التأجير والخدمات التجارية والمالية والبيع بالجملة والتجزئة ونقل المعلومات وخدمات البرامج، بالإضافة إلى قطاعات التعاون التقليدية مثل الطاقة والكهرباء والمواصلات والنفط والكيماويات النفطية والبناء.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.