ملتقى الإبداع الثقافي في الرياض وتبادل معرفي بين بريطانيا والسعودية

بحضور أبرز الشخصيات والمؤثرين في القطاع الثقافي والإبداعي

ملتقى الإبداع الثقافي في الرياض وتبادل معرفي بين بريطانيا والسعودية
TT

ملتقى الإبداع الثقافي في الرياض وتبادل معرفي بين بريطانيا والسعودية

ملتقى الإبداع الثقافي في الرياض وتبادل معرفي بين بريطانيا والسعودية

تشهد العاصمة السعودية يومي الأحد والاثنين ملتقى دوليا مختلفا من نوعه من تنظيم الهيئة العامة للثقافة في السعودية والمجلس الثقافي البريطاني فهو يبحث في الإبداع الثقافي وفرصه ودوره في تنمية الاقتصاد العام عبر منصات للنقاش والحوار وتبادل الخبرات بين شخصيات فعالة في المجال من 10 دول.
وخلال الملتقى سيتبادل المشاركون من الشخصيات المؤثرة في المجال الثقافي في السعودية والخليج مع نظرائهم من المملكة المتحدة أفكارا وطروحات وشراكات للتبادل في مجالات الثقافة والترفيه.
ويستهدف الملتقى بشكل رئيسي مناقشة الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية والإبداعية المهمة في منطقة الخليج، والتخطيط حول كيفية تعاون الحكومات والمؤسسات والخبراء المبدعين والمجتمع بشكل عام، وبحث تمكين وتوفير الفرص الذهبية المستقبلية من الوظائف والمهارات وتطويرها للأجيال القادمة.
المهندس أحمد بن فهد المزيد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للثقافة علق على إقامة الملتقى وأبرز أهميته بالقول: «نحن متفائلون جداً بهذا الحدث الضخم وهذه المنصة الثقافية والإبداعية، ونطمح من خلالها إلى استنتاج العديد من الأفكار وتبادل الخبرات والآراء لتطوير ودعم جميع القطاعات الثقافية والا بداعية المشتركة». ومن جانبه، قال أمير رمضان مدير المجلس الثقافي البريطاني في المملكة العربية السعودية في حوار مع «الشرق الأوسط» بمقر المجلس الثقافي البريطاني بلندن بأن الهدف من الملتقى هو بالأساس تبادل الخبرات بين المشاركين وأضاف: «هدف الملتقى هو خلق منصة للمحترفين العاملين بالاقتصاد الإبداعي للالتقاء سويا وتبادل الأفكار والتعلم من بعضهم البعض الطرق التي تمكنهم من دفع عملية الاقتصاد الإبداعي للأمام».
يتحدث رمضان بحماسة حول أهمية تنمية الاقتصاد المرتبط بعملية الإبداع الفني والثقافي ويضرب المثل بالمملكة المتحدة التي يستفيد اقتصادها عموما من الأنشطة الإبداعية بما يساوي 100 مليار جنيه إسترليني في العام وينمو اقتصادها الإبداعي بنسبة سبعة في المائة كل عام وما هو يخلق الفرص الوظيفية.
ويربط بين ذلك وبين هدف الملتقى في الرياض قائلا: «للوصول لمثل هذه النتائج يجب أن يكون هناك البنية التحتية الموائمة ولهذا فإن من أهم مبادئ الملتقى هي بحث طرق خلق الوظائف المفيدة للاقتصاد والتعرف على المهارات اللازمة لذلك وتوفرها لدى الأفراد في المجتمع الخليجي».
من أهم القطاعات التي يركز عليها الملتقى في جلسات الحوار هي حماية التراث الثقافي الذي يعتبر من أهم دعامات الاقتصاد في بريطانيا وفي العالم وأيضا له مكان مهم في رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. يقول رمضان: «السعودية حددت أهدافا لعدد المواقع التي سترشحها للدخول في قائمة اليونيسكو» للتراث، ويجب القول بأن التراث الثقافي مهم لأي مجتمع ليربط سكانه بماضيهم ولكنه أيضا من جهة توفير الوظائف والفرص في مجالات السياحة والثقافة.
تتضمن قائمة المتحدثين الرئيسيين والمشاركين، الدكتور أحمد العيدروس من جامعة الملك سعود، هاجر النعيم من المجلس السعودي للأفلام، الدكتورة مائسة صبيحي، نواف النصار وممثلين عن مجموعة ترجمان الفائزة بها كاثون الحج، بالإضافة إلى ممثلين من الهيئة العامة للثقافة، اليونيسكو، تشكيل، فن جميل، جامعة كينقز في لندن، جامعة لندن للفنون، مختبر الفنون الرقمية، كرييتيف سكوتلاند وكلتشرال إنوفيشنز، وسينضم إليهم الأميرة نورة الفيصل ومجموعة من صانعي الأفلام والمخرجين والفنانين والمصممين والكتاب والمهندسين المعماريين.
وستتناول الجلسات الحوارية مواضيع: تحديد المهارات الثقافية؛ المهارات الرقمية للقطاع الثقافي، مسارات التوظيف في القطاع (التدريب المهني والتعليم العالي)؛ كيفية ازدهار الحياة المهنية في القطاع؟ حفظ التراث، المهارات اللازمة في قطاع صناعة الأفلام، كيفية قياس التأثير والقيمة الثقافية لبرامج الفنون والثقافة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».