تقول عبارة يتداولها العاملون في مجال الصحة إنّه «إذا كان من الممكن تعبئة التمرين في حبة دواء، فإنّه سيكون الدّواء الوحيد والأكثر فائدة»، وهو ما سعت دراسة أجراها باحثون من جامعة غلاسكو في أسكوتلندا إلى تأكيده من خلال إثبات أنّ ممارسة رجال يعانون من زيادة الوزن لبرنامج تدريب يتضمّن تمارين مقاومة عالية الكثافة قصيرة الأجل، يمكن أن يحميهم من الإصابة بالسّكري ويزيد في الوقت ذاته من حجم العضلات وقوتها.
وخلال الدراسة المنشورة أول من أمس، في دورية الفزيولوجيا التجريبية Experimental Physiology»»، قال الباحثون إنّ البرنامج التدريبي المكثّف الذي يتكوّن من ثلاث جلسات لمدة 15 دقيقة أسبوعياً، ساهم بشكل كبير في تحسين حساسية الإنسولين لدى الرجال الذين شملتهم الدراسة، وهو ما انعكس إيجابياً في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري، وساعد على بناء العضلات.
وحساسية هرمون الإنسولين، هي مدى استجابة الجسم لتأثيرات الهرمون، ويؤدي أي خلل بهذه العملية إلى جعله أقل فاعلية في أداء وظيفته لتخفيض مستوى السكر في الدم، ونتيجة لارتفاع مستوى السكر تحدث آثار صحية ضارة، ويعد المصابون بالسمنة الحشوية (درجة عالية من الأنسجة الدهنية في البطن) الأكثر تعرضاً لهذه المشكلة.
وذهبت أبحاث سابقة إلى أنّ 45 دقيقة من التدريب على المقاومة مع مجموعات متعدّدة من كل تمرين يمكن أن يزيد من حساسية الإنسولين وحجم العضلات وقوتها، وتأتي أهمية هذه الدراسة في أنّها تثبت فعالية برامج تمارين أقصر، حيث عادة ما يقف حاجز الوقت أمام قدرة الكثيرين على ممارسة النشاط البدني بشكل متكرر.
وللوصول إلى هذه النتيجة، جنّد فريق البحث 10 رجال يعانون من زيادة الوزن (مؤشر كتلة أجسامهم من 25 - 30)، وتدربوا ثلاث مرات في الأسبوع لمدة 6 أسابيع، تضمنت كل جلسة تدريبية مجموعة واحدة من تمارين المقاومة القياسية التسعة مثل مكابس الساق والضفائر ذات الرأسين، وتم قياس حجم العضلات وقوة العضلات وحساسية الإنسولين قبل فترة التدريب وبعدها.
أظهرت مقارنات هذه القياسات زيادة حساسية الإنسولين بنسبة 16 في المائة بعد انتهاء البرنامج التدريبي، وتمّ زيادة حجم العضلات وقوتها بشكل ملحوظ بعد أسبوعين فقط من التدريب.
ويحتاج الفريق البحثي لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها إلى دراسات تالية ستُجرى، كما أكّد ستيوارت غراي، الأستاذ في معهد القلب والأوعية الدّموية والعلوم الطبية في جامعة غلاسكو وقائد الفريق البحثي.
وقال غراي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «جميع المشاركين في الدراسة كانوا من الرّجال وأصحاء نسبياً (رغم زيادة الوزن)، ويجب دراسة المجموعات السّكانية الأخرى في تجربة أكبر لتأكيد ما توصّلنا إليه في هذه الدراسة». ولا يوجد مبرّر منطقي من وجهة نظره يمنع امتداد هذه التأثيرات التي رصدتها الدراسة إلى كبار السن، ولكنّهم سيؤكدون ذلك من خلال دراسات تشملهم مع مجموعات أخرى من السكان مثل النساء، والأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني. وأوضح غراي أنّ «الدراسة الأقرب ستكون مع المصابين بالسكري من النوع الثاني، الذين تنخفض لديهم حساسية الإنسولين، مسببة ارتفاع نسبة السّكر في الدم».
وكان غراي قد أعرب في تقرير نشره موقع جامعة غلاسكو بالتزامن مع نشر الدراسة عن تطلعه لنجاح التجربة مع مرضى السكري من الدرجة الثانية. قائلاً: «سيكون من المشجّع ملاحظة نتائج مماثلة لما توصلنا له مع مرضى السكري، بالنّظر إلى التكاليف الإجمالية لهذا المرض في المملكة المتحدة، التي من المتوقع أن تصل إلى 40 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول 2035 - 2036». وأشار في التقرير ذاته إلى أنّهم سيسعون في الدراسات التالية إلى اختبار فاعلية بعض التمارين المنزلية في تحقيق نفس الفوائد التي تحققت في هذه الدراسة والتي اعتمدت على التمارين التي تجرى في الصّالات الرياضية.
التدريبات الشّاقة لوقت قليل تحمي البدناء من السّكري
التدريبات الشّاقة لوقت قليل تحمي البدناء من السّكري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة