قتلى في قصف للنظام السوري على إدلب

تفجير انتحاري يستهدف مقر «حكومة المعارضة» شمال البلاد

TT

قتلى في قصف للنظام السوري على إدلب

قُتل وجُرح مدنيون في قصف من قوات النظام السوري على مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، جراء استهداف الأحياء السكنية في المدينة بعشرات الصواريخ، من مناطق تمركزها جنوب شرقي إدلب.
وأفادت «شبكة الدرر الشامية» المعارضة بأن «11 مدنياً ارتقوا، بينهم أطفال ونساء، وجُرح آخرون، بقصفٍ صاروخي لقوات النظام استهدف الأحياء السكنية والأسواق في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي».
وأضافت: إن «فرق الإنقاذ والدفاع المدني عملت على انتشال الضحايا وإسعاف الجرحى، ورفع الأنقاض التي سببها القصف الذي استهدف بشكلٍ عشوائي أغلب أحياء المدينة، بالإضافة إلى السوق».
كما طال قصف قوات النظام كُلاً من مدينتي كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشمالي، وقرية العريمة بريف حماة الغربي، إضافة إلى الحي الشمالي بمدينة خان شيخون جنوبي إدلب.
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إنه رصد «حشوداً متواصلة لكل من الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا، بالإضافة لميليشيات موالية لقوات النظام، وذلك في أرياف حماة الشمالية والغربية والشمالية الغربية».
وتأتي الحشود المستمرة هذه في مؤشرات لبدء عملية عسكرية مشتركة انطلاقاً من الريف الحموي، ذلك أن «قوات النظام تواصل استقدام التعزيزات العسكرية بشكل يومي إلى مواقع ونقاط وسط سوريا وشمالها، كان آخرها خلال ساعات الليلة الأخيرة».
وفي التفاصيل، أرسلت قوات النظام «رتلاً عسكرياً يضم أكثر من 35 آلية معظمها للفيلق الخامس المدعوم والمسلح روسيا والفرقة التاسعة، وتضم الآليات سلاحاً وذخيرة وجنوداً ومعدات عسكرية ولوجستية أخرى، وذلك إلى مواقعها في الجرنية والجلمة وتل ملح الواقعة بما يعرف بـ(الطار الغربي) بين بلدتي محردة والسقيلبية في الريف الحموي».
كما وصل رتل جديد لقوات العميد في قوات النظام سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» إلى بلدة إلى منطقة جورين بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي بعد زيارة «النمر» يوم الخميس الماضي.
و«النمر»، الذي قاد أغلب معارك استعادة السيطرة لصالح قوات النظام، والمقرب من القيادة الروسية، والذي يتزعم قوات معروفة باسم قوات النمر مدعومة ومسلحة روسياً، أجرى جولة في القطاعين الغربي والشمالي الغربي من الريف الحموي، على خطوط التماس مع مناطق تواجد الفصائل العاملة في المنطقة.
وجاءت زيارة الحسن بعد إرسال متتالٍ لأرتال من قوات النظام وحلفائها إلى جبهات القتال وخطوط التماس بين مناطق سيطرة الفصائل العاملة في إدلب وحماه.
كما تأتي بعد سيطرة «هيئة تحرير الشام» على نحو 9000كلم مربع من مساحة الأراضي السورية في محافظات إدلب وحماة واللاذقية وحلب، عقب اقتتال دامٍ مع فصائل الجبهة الوطنية للتحرير، التي انسحب المئات من عناصرها نحو منطقة عفرين بعد اتفاق مع هيئة تحرير الشام.
من جهة أخرى، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن انتحارية استهدفت مقر رئاسة وزراء حكومة الإنقاذ الوطني في مدينة إدلب، وهو مجلس حاكم مرتبط بجبهة النصرة السابقة، الثلاثاء مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين.
واستهدف الهجوم حكومة الإنقاذ الوطني التي ترتبط بهيئة تحرير الشام المتشددة التي تسيطر على أغلب أرجاء المنطقة الواقعة في شمال غربي سوريا. ويأتي الهجوم، الذي قال المرصد إن منفذته امرأة، بعد سلسلة هجمات في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة في الأشهر القليلة الماضية حيث تتقاتل فصائل تتنافس على السيطرة.
وتشكلت هيئة تحرير الشام باندماج عدة جماعات بقيادة جبهة النصرة وسيطرت على أغلب مساحات إدلب هذا الشهر بعد أن قاتلت فصائل معارضة مدعومة من تركيا.
وأثارت مكاسبها في المنطقة الشكوك بشأن مصير اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين روسيا حليفة دمشق وتركيا حليفة المعارضين على إقرار السلام في شمال غربي سوريا. ونقل عن متحدث باسم الكرملين الأسبوع الحالي قوله إن الاتفاق لم ينفذ بالكامل.
وخسر تنظيم داعش كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا لكنه أبقى على وجود في إطار حرب عصابات وأعلن مسؤوليته عن هجمات في شمال شرقي سوريا في منطقة تسيطر عليها قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة.
ووقعت هجمات أخرى في الفترة الأخيرة في مناطق يسيطر عليها معارضون متحالفون مع تركيا في الشمال وفي مدن تحت سيطرة الحكومة لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.