تصدر قطاع الشقق السكنية في السعودية على الفروع الأكثر إنخفاضاً مع نهاية يناير، بعدما أسقطت الفيلات السكنية من منافستها، حيث بلغ إنخفاض متوسط أسعارها خلال الشهر الأول من 2019 ما يزيد عن 10.9 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم ويأتي النزول استجابةً للإصلاحات الحكومية التي تحد بشكل كبير من حركة السوق تمهيداً لتصحيح الأسعار وهو ما نجحت في حتى الآن بعد فرض العديد من القرارات التاريخية التي دفعت بالسوق لتحقيق نزول في القيمة بعد سلسة من التضخم الذي تجاوز الضعف خلال العقد الأخير فقط.
وأكد عقاريون بأن معدل الطلب يعتبر متوسطاً إلى حد كبير إذا ما قورن بالفروع الأخرى مثل الأراضي والفيلات الذي تشهد نزولاً هائلاً في الطلب، إلا أن ذلك لم يكن شافعاً لها لتتماسك في القيمة، حيث سجلت إنخفاضاً كبيراً في متوسط السعر نتيجة الضغوطات المختلفة في القطاع، كما تعتبر شقق التمليك ملائمة إلى حد كبير من قدرة المشترين مدفوعة بالنزول وسهولة الحصول على تمويل للشراء، وهو ما يوحي بتغير كبير في عقلية المشتري وتكيفه مع الوضع الجديد الذي يجب أن يتعايش معه٬ خصوصا بعد تباعد قدرة المشترين في تملك الفيلات والمنازل الصغيرة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل عام وعدم القدرة على مسايرتها مما ضاعف فرص رواج قطاع شقق التمليك الأرخص نسبياً.
أشار مشعل الغامدي الذي يدير مكتب استشارات عقارية، بأن النسبة الكبرى من راغبي السكن هم من فئة الشباب لذا تعتبر الشقق ذات طابع مناسب لهم من ناحية تلبية حاجتهم للسكن لكن ذلك لم يكن شافعاً لها لتتمساك في القيمة، لكن الجديد في الامر هو أن تصميم الشقق تغير بحيث أصبحت توفر خيارات أوسع مثل الدورين ووجود مساحات صغيرة ومداخل، لافتاً بأن ثقافة المواطنين وحتى وقت قريب ترفض السكن فيها حتى أصبحت الحاجة إليها واجبه في ظل ارتفاع أسعار الخيارات الأخرى، مبيناً أن التصميم الجديد للشقق يوحي بتفنن وتغير كبير في اختيار المواطنين لهذا النوع من القطاعات العقارية، كما أن أسعارها تعتبر منخفضة نوعا ما إذا ما قورنت بالفيلات التي يبلغ أقل سعر لها قرابة الضعف، بالإضافة إلى تغير ثقافة السكن وهذا الأهم.
وحول الأسعار الحالية للشقق كشف الغامدي أن المناطق الشمالية لمدينة الرياض تظل الأعلى طلبا ويصل سعر الشقة المتوسطة بمساحة 220 مترا إلى ما يقارب الـ 700 ألف ريال كمتوسط أسعار وتنخفض الأسعار قليلا في شرق العاصمة ووسطها الشمالي٬ حيث تبلغ قرابة 450 ألفا٬ وتليها المناطق الجنوبية والغربية من العاصمة التي تصل إلى 350 ألف ریال، مضيفاً بأن الحديث هنا عن الشقق الجديدة٬ وأنه كلما تقدم عمر العقار نقصت قيمته٬ فإنها لا تقل بأي حال من الأحوال عن 240 ألف ریال٬ وإن الأسعار متقاربة إلى حد كبير٬ تختلف بحسب تشطيبها وديكوراتها وقربها من الخدمات العامة والطرق الرئيسة٬ لكن يبقى عمر العقار وموقعه علامتين فارقتين في تحديد القيمة العامة للشقة».
وأظهرت نشرة المساكن لمنتصف عام 2018 الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تحسنا طفيفا على مستوى معدلات تملك المساكن للأسر السعودية، مسجلا معدل تملك المساكن ارتفاعا من 59.9 في المائة المسجلة في منتصف عام 2017، لتستقر مع منتصف عام 2018 عند مستوى 60.5 في المائة، التي لا تزال أدنى من المعدل المسجل في منتصف عام 2016 البالغ نحو 63.2 في المائة.
إلى ذلك أكد محمد المقيرن المستثمر العقاري، الذي أوضح بأن الطلب على الشقق في ما يخص التمليك يعتبر منخفضاً إلى حد كبير مقياساً على باقي العقارات الأخرى، حيث تشهد نوعاً من نزول الحركة نتيجة إنخفاض محدود في القيمة في أقل من سنه واحدة، وبالتحديد بعد غربلة السوق العقاري بشكل عام بالعديد من القرارات والإجراءات والمشاريع، ودفعت به إلى تحقيق مستويات قياسية في الإنخفاض لم تشهدها السوق منذ عقود طويلة، وأردف القول بأن المؤشر العقاري يوضح المستويات التي وصل إليها السوق في كافة قطاعاته إلا أن الطلب على الشقق يعتبر جيداً رغم نزوله ، لافتاً بأن الإقبال على الشقق كان متواضعاً بالنسبة للمواطنين طيلة عمر العقار السعودي إلا أن السنوات الثلاث الأخيرة بالتحديد أختلفت الأمور وأضحت تحقق مستويات معقولة.
وحول توجه بوصلة المستثمرين إلى ذلك، أكد المقيرن بأن هناك توجه من المستثمرين وتكتلات لإنشاء المشروعات العقارية ذات الطابع الشقق لكنها ليست ضخمة، مما يشير إلى تغيير حاصل على توجه السعوديين نحو تملك الشقق التي أصبحت خيارا قويا من خيارات التملك، لافتا إلى أنه يجب على المسؤولين الحكوميين مراقبة الأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة من أجل ضبطها وعدم ارتفاعها وذلك بضخ المزيد من انزلاقها إلى مستويات مرتفعة يعجز على أثرها المواطن البسيط عن تملك حتى الشقة التي أصبحت الحلم الأقرب إلى تحقيقه ، خصوصاً بعد النجاح التي حققته في السنوات الأخيرة بالتحديد وأصبحت تشكل رقماً هاماً على قائمة الطلبات العقارية. وارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 3.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 7.4 في المائة، ليستقر عند مستوى 6936 صفقة عقارية. وارتفع عدد العقارات المبيعة بنسبة 3.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 7.9 في المائة، ليستقر عند 7198 عقارا مبيعا. كما سجلت مساحة الصفقات العقارية ارتفاعا أسبوعيا بنسبة قياسية بلغت 56.1 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 9.1 في المائة، لتستقر عند 23.0 مليون متر مربع.
وفي صلب الموضوع تحدث علي التميمي الرئيس التنفيذي لشركة جبره العقارية، بأن المطورين العقاريين بدأوا يفهمون العقلية الجديدة للراغب في السكن٬ حيث تجاوزوا مرحلة ألا يكون المنزل مجرد مكان للعيش فقط بل إن بعض هذه الشقق تضاهي كبرى المشروعات الترفيهية من حيث التجهيزات التي يحرص بعض المستثمرين على إيجادها ومنافسة المنازل والفيلات٬ حيث إن بعض الشقق تحتوي على مدخل سيارة أو على مساحة صغيرة للاستجمام».
وأضاف: «الإقبال على الشقق يوحي بتغيير في عقلية المواطن السعودي الذي لم يكن وحتى وقت قريب يفضل السكن في الشقق، إلا أن الواقع يجبره على ذلك خصوصا أن فكرة سكن الشباب في شقق التمليك أصبحت دارجة وبشكل كبير، خصوصا لمن لا يمتلك عائلة كبيرة في ظل العروض التي تقوم بها شركات التطوير العقاري والتسابق في خفض القيمة وهو ما أوجد فرصة ثمينة للراغبين في الشراء بعد إنحسار موجة الإرتفاع"، لافتاً أن السوق سيشهد إنخفاضاَ أكبر متوقع في القيمة متى مبدأ المستثمرون دفع رسوم الأراضي وهي رصاصة الرحمه بالنسبة إلى تضخم قيمة القطاع، لافتاً بأن مشاريع وزارة الإسكان أيضاً ستساهم في خفض أسعارها مستقبلاً في ظل تزايد العرض وهو ما سيمكن شريحة أكبر من التملك.
يشار أن القطاع العقاري السعودي شهد خلال السنوات الخمس الماضية انقلاباً حقيقياً في قيمته، حيث انخفض الطلب لمستويات قياسية صاحبة نزول في القيمة غير ملائم للحركة إلا انه يعتبر مؤشراً جيداً لحال السوق، وهو الأمر الذي انعكس على رواج العديد من الأنشطة الجديدة مثل تملك الشقق السكنية .
السعودية: قطاع الشقق السكنية الأكثر انخفاضاً في يناير
تليه الفيلات ثم سعر المتر السكني
السعودية: قطاع الشقق السكنية الأكثر انخفاضاً في يناير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة