عثر فريق من العلماء في طشقند على كنز تاريخي، تقدر قيمته بأكثر من مليون دولار أميركي، يحتوي على مجموعة من المجوهرات والحلي والأدوات القديمة وعدد من الكتب، تشكل كلها معاً «مجموعة أثرية» أو كنزاً يعود إلى واحد من أمراء سلالة رومانوف القيصرية الروسية، أُبعد إلى أوزبكستان في القرن التاسع عشر. وكان فريق علماء من جامعة أوزبكستان الوطنية يقومون بأعمال «حفريات» في الطبقات السفلية في واحد من المباني التاريخية وسط العاصمة الأوزبكية طشقند، شُيد عام 1870، واكتشفوا طابقاً إضافياً تحت قبو المبنى، لم يلاحظه أحد من قبل، نظراً لتراكم ردم أغلق المدخل إليه. وخلال تلك الأعمال عثر العلماء على كنز من المواد القديمة يتضمن لوحات فنية نادرة وحلياً ذهبية وفضية، وقطعاً نقدية، وسبائك ذهب وفضة قديمة جداً، ومجموعة كبيرة من الكتب العلمية والتاريخية، بينها مؤلفات باللغة العربية، والكثير من الأدوات القديمة التي تستخدم في الأبحاث والدراسات، فضلاً عن أيقونات وحلي من المعادن النفسية. وسُلّمت كل تلك المواد على الفور إلى المتحف الوطني، وستُرمم بعض المواد التي عُثر عليها في مختبرات خاصة يديرها فريق علمي من ألمانيا وبولندا.
وقال الفريق العلمي الأوزبكي إنّ الكنز الذي عثروا عليه، هو في الواقع «مجموعة» الأمير نيكولاي رومانوف، أي من سلالة آخر القياصرة الروس، الذي توفي عام 1918، وأخذ معه سرّ المكان الذي خبأ فيه مجموعته الأثرية. وطيلة العقود الماضية باءت كل محاولات البحث عن ذلك الكنز بالفشل. وتشير المراجع التاريخية إلى أنّ الأمير نيكولاي قسطنطينوفيتش رومانوف، هو ابن أخ الإمبراطور نيكولاي الثاني، وعاقبه الإمبراطور عام 1874 على خلفية فضيحة اختفاء مجوهرات كانت تزين أيقونة أهداها الإمبراطور لوالدة الأمير نيكولاي، رمز مباركته لزواجها.
وأصر المحققون على أنّ الأمير نيكولاي مسؤول عن اختفاء تلك المجوهرات وإرسال مساعده لبيعها، لذلك قرر الإمبراطور أولاً اتهامه أمام الرأي العام بأنّه «مختل عقلياً»، وذلك حرصاً على هيبة السلالة القيصرية، كي لا يُقال إن أميراً منها «لص»، وثانياً أمر الإمبراطور بعدم ذكر اسم الأمير نيكولاي في المدونات عن السلالة القيصرية وإبعاده، على أن يقيم في منفاه أياً كان، تحت الحراسة. إلّا أنّه على الرّغم من تلك القرارات، منح الإمبراطور لاحقاً 300 ألف روبل للأمير المنفي، كي يشيد بها قصراً له في طشقند. لكنّ الأمير نيكولاي الذي سخر كل وقته للأبحاث العلمية في مجال الجغرافيا ومجالات أخرى، خصّص ذلك المبلغ لبناء مسرح في طشقند. ومع ذلك شُيد لاحقاً قصر لإقامته، ويشكل ذلك القصر اليوم أحد أهم المعالم الأثرية في المدينة، وتستخدمه الحكومة حالياً بصفة «دار ضيافة تابعة لوزارة الخارجية الأوزبكية».
هذه سيرة مختصرة لحياة الأمير الروسي الذي عثر العلماء في طشقند على كنوزه، التي احتوت إلى جانب الحلي والمجوهرات على أدوات ومقتنيات شخصيات من الحاشية الإمبراطورية، وعلماء سوفيات انتقلوا للحياة في طشقند، التي وصلوها من بطرسبورغ وبعض المدن الأوروبية في العشرينات، فضلاً عن أدوات من «دار الجنرال جورابيك»، وهو قائد عسكري أوزبكي، عُين قائداً لواحدة من الإمارات التابعة لبخارى نهاية القرن التاسع عشر. وبينما قدر العلماء الأوزبك ثمن الكنز بنحو مليون دولار أميركي، قال علماء روس إنّ الثمن الحقيقي أكبر من ذلك بكثير. ووفق القوانين يبقى الكنز ملكية الدولة الأوزبكية، على الرّغم من أنّه يعود إلى أمير روسي.
العثور على كنوز في طشقند اختفت في عهد البلاشفة
العثور على كنوز في طشقند اختفت في عهد البلاشفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة