بمناسبة مرور 44 عاماً على رحيل فريد الأطرش، أقيم في «مركز الصفدي الثقافي» في مدينة طرابلس حفل لاستعادة ريبرتوار هذا الفنان الذي ترك بصمات لا تنسى بصوته كما بألحانه التي غناها كبار ذاك العصر. وإن كان النصف الأول من الحفل قد خُصّص لأغاني فريد، فإنّ النصف الثاني كان مخصّصاً لأغنيات شقيقته التي سحر صوتها الكثيرين، وبقيت قصة حياتها وكذلك الغموض الذي أحاط بحادث موتها موضع جدل إلى اليوم. وقد أعادت «دار الجديد» مؤخراً إصدار كتاب قديم يحكي حياة أسمهان برواية فؤاد الأطرش وتدوين فوميل لبيب.
وقد غصت القاعة التي أقيم فيها الحفل، بأعداد غفيرة تقاطرت من مختلف المناطق اللبنانية، من أجل المناسبة. والملاحظة أن متوسط أعمار الحاضرين كان يشي بوضوح أنّ فريد الأطرش هو معشوق كبار السّن وأنّ الشباب هم الغائب الأكبر عن هذا الحفل. أمّا المفاجأة الكبرى فكانت الصبية سندي لطي التي لا يتجاوز عمرها 21 ربيعاً، جلست واحتضنت عودها، من دون أي فرقة موسيقية مصاحبة، لتأخذ الحفل كلّه على عاتق صوتها الأخاذ. وكانت سندي لطي قد شاركت سابقاً في أحد برامج المواهب التلفزيونية التي يتنافس خلالها المتبارون للوصول إلى النهائيات، لكنّها بقيت اسماً مجهولاً بالنسبة لغالبية الحضور.
بداية الغناء كانت «مع أحبابنا يا عيني» التي أظهرت أنّ لسندي قدرة على أداء أغنيات فريد الأطرش من دون أن تشعر السّامع بغربة أو بعد عن أجواء الفنان الكبير بل بالعكس، بدت قادرة على إعادتنا إلى مناخ صوته المليء بالشجن. ومع «اشتقتلك» بدت الفنانة أكثر تمكناً، وعندما كرت السبحة بأغنيات «يا قلبي يا مجروح، اصبر ع المقسوم» و«قلبي ومفتاحه» ثم «إياك من حبي» وبعدها «حبينا»، و«تعالى سلم». أبدعت سندي لا بل أذهلت. عزفها على العود كان رناناً وشجياً والمقطوعات التي سبقت بعض الأغنيات أذابت القلوب.
توسط الحفل كلمة رئيس منتدى أصدقاء فريد الأطرش المهندس محمود الأحمدية، الذي تحدث عن مكانة الراحل التي وصفها بالعالمية، نظراً لتكريمه من أكثر من جهة غير عربية لا سيما في فرنسا ونيويورك. وعزف الموسيقي أحمد المصري ثلاث مقطوعات لفريد الأطرش على الكمان قبل أن تعود ساندي لمرة ثانية.
في الجزء الثاني من الحفل حيث غنت سندي لأسمهان بصحبة عودها «أهوى»، و«يلي غرامك شاغل بالي»، و«الورد جميل»، و«اللي بحبه سعيد». ثم استأذنت الجمهور أن تغني من دون العود ومن دون أي مصاحبة موسيقية. كان صوتها وحده يتردّد صداه في القاعة وهي تؤدي «نويت أداري آلامي، واخبي دمعي ونحيبي، واحكي شجوني وغرامي لحالي ولطير حبيبي». المفاجأة أنّ صوت سندي العذب الصّافي بدا أكثر سطوعاً ونقاء، والجمهور لا يصدق أنّ هذه الصبية الغضة قادرة على هذا الأداء الطّربي من دون أن تشوبه أي زلة. صوت سندي ودائماً من دون موسيقى، كان يتجوهر أكثر وأكثر وهي تختتم بواحدة من الأغنيات الأشهر والأجمل لأسمهان «ليالي الأنس في فيينا»، ليخرج الجمهور بعد هذا الحفل منتشياً بألحان أغنيات فريد وإنّما أيضاً متسائلاً عن سرّ أن تبقى مواهب صوتية استثنائية مثل سندي، في الظل، فيما تعطى الصّدارة لأصوات لا تسمو إلى بعض مما تمتلكه من حنجرة وخامة صوتية وطواعية ودربة في الأداء، أقل ما يقال فيها إنّها نادرة.
حفل لبناني يستعيد فريد الأطرش في ذكراه الـ44
سندي لطي غنّت مع العود ومن دون موسيقى وخلبت الحاضرين
حفل لبناني يستعيد فريد الأطرش في ذكراه الـ44
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة