إسرائيل تحقق في قتل مستوطنين فلسطينياً قرب رام الله

عباس يحذر من أجواء خطيرة... ودعوة إلى تكثيف الحراسات الشعبية

صدامات فلسطينية مع القوات الإسرائيلية أمس رداً على قتل مستوطنين شاباً من قرية المغير في الضفة الغربية (رويترز)
صدامات فلسطينية مع القوات الإسرائيلية أمس رداً على قتل مستوطنين شاباً من قرية المغير في الضفة الغربية (رويترز)
TT

إسرائيل تحقق في قتل مستوطنين فلسطينياً قرب رام الله

صدامات فلسطينية مع القوات الإسرائيلية أمس رداً على قتل مستوطنين شاباً من قرية المغير في الضفة الغربية (رويترز)
صدامات فلسطينية مع القوات الإسرائيلية أمس رداً على قتل مستوطنين شاباً من قرية المغير في الضفة الغربية (رويترز)

فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقا في ظروف قتل فلسطيني في قرية المغير في رام الله خلال مواجهات مع مستوطنين والجيش الإسرائيلي، السبت، فيما دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة «التصعيد الاحتلالي» وقال الجيش الإسرائيلي بأن تحقيقا أوليا أظهر أن حمدي نعسان وهو أب لأربعة أطفال، قُتل برصاص مستوطن مسلح بالقرب من القرية.
وقتل نعسان خلال تصدي أهالي قرية المغير لهجوم مفاجئ من مستوطنين وأصيب آخرون في المواجهات.
وقال المسؤول المحلي فرج نعسان: «بحماية من الجيش، حاول مستوطنون مداهمة القرية من الجهة الشمالية. واجه السكان بعدها المستوطنين لمنعهم من دخول القرية. أطلق المستوطنون النار علينا، وقتلوا أحد أبنائنا، بينما أطلق الجيش النار بالهواء. الشخص الذي قتلوه كان ابن شقيقي». وتبين من التحقيق الأولي أن الشاب حمدي نعسان (38 عاما) قتل برصاص مستوطن.
وفوجئ أهالي القرية بهجوم مستوطنين ملثمين ومدججين بالسلاح على منازل في المنطقة الشمالية لقرية المغير، تضمن إحراق أراضٍ ومحاولة إلحاق الضرر بمنازل قبل أن يهبوا للدفاع عن قريتهم. وقال شهود بأن المستوطنين أطلقوا الرصاص الحي باتجاه الأهالي، قبل أن يبدأ بذلك قوات الجيش الإسرائيلي فيما كانت مساجد القرية تهيب المواطنين الدفاع عن أراضيهم.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن الاشتباكات اندلعت بين الطرفين، وأن مستوطنا أو أكثر أطلقوا النار خلالها، ما أدى على ما يبدو إلى مقتل نعسان وإصابة عدة أشخاص آخرين. وما زال تحقيق الجيش في الحادث جاريا. في وقت أطلقت فيه الشرطة الإسرائيلية تحقيقا موازيا.
وحاول مستوطنون الادعاء أن فلسطينيين هاجموا مستوطنا في المنطقة وأصابوه بطريقة لم تستدعِ علاجه، قبل أن يهاجم المستوطنون القرية، لكن سكان القرية نفوا ذلك وقالوا بأن مستوطنين من بؤرة «عادي عاد» الاستيطانية المجاورة وصلوا بستان زيتون بالقرب من قرية المغيّر وهاجموا السكان، وأطلقوا النار عليهم، وأصابوا العديد منهم.
ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة «التصعيد الاحتلالي ضد أبنا شعبنا، الذي كان آخره هجوم المستوطنين على قرية المغير شمال شرقي رام الله ما أسفر عن استشهاد مواطن وإصابة العشرات».
وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان «إن هذه الجرائم وهذا القتل، يؤكد مجددا أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في سياسة التصعيد»، محملة حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الذي سيؤدي إلى نتائج خطيرة، وإلى مزيد من التوتر وخلق أجواء خطيرة لا يمكن السيطرة عليها.
وجددت الرئاسة دعوتها إلى المجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية الدولية لشعبنا، مؤكدة «أن شعبنا وقيادته سيبقى صامدا، ولن يتنازل عن حقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية بمقدساتها، مهما بلغت الجرائم الإسرائيلية».
وجاء بيان الرئاسة على خلفية قتل إسرائيل 4 فلسطينيين في الضفة وقطاع غزة يومي الجمعة والسبت.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، بأن الفلسطينيين يدفعون «ثمنا باهظا لتقاعس المجتمع الدولي تجاه إرهاب المستوطنين، والمطلوب منه أن يتحرك سريعا لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني قبل فوات الأوان، وإلا فإنه يتحمل المسؤولية الكاملة».
وأضافت الخارجية «أن تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين أصبح أمرا متكررا وسائدا بدل أن يكون حالة شاذة أو عابرة، حيث استجمعت عصابات المستوطنين الإرهابية قوتها من خلال الدعم الذي تحصل عليه من الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة وبحماية معززة من قوات الاحتلال، لتقود هجمات إرهابية على أطراف القرى والبلدات الفلسطينية، أو مهاجمة أراضي المواطنين الفلسطينيين المزروعة بالأشجار، أو إغلاق الطرق لتعطيل حركة الفلسطينية وتعكير حياتهم، أو في إلقاء الحجارة على مركبات المواطنين بهدف القتل، أو إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين العُزل».
وتابعت «جماعات الإرهاب اليهودي أصبحت معروفة بتشكيلاتها المختلفة كشبيبة التلال، ومجموعات «تدفيع الثمن»، وغيرها ممن يعيشون على الحقد، والكراهية، والقتل، ومعاداة الآخر، بحماية وإسناد وتسليح مؤسسات دولة الاحتلال وجيشها وتمويلها، وحتى في الحالات الاستثنائية لم يتم اعتقال أحدهم، بل يتم استعمال الأنظمة والقوانين لتخفيف التهم الموجهة لهم أو لإطلاق سراحهم ليس هذا فحسب، بل نشاهد اندفاع رجالات السياسة والأحزاب والدين لتعظيم دور هؤلاء الإرهابيين والدفاع عنهم مجتمعيا».
ورأت الخارجية «أن المطلوب وأمام هذه التعابير والمظاهر التي نشاهدها يوميا أن نتحرك جميعا، فلا بد للقرى والبلدات الفلسطينية أن تواظب على تشكيل لجان الحراسة وتنسق فيما بينها».
وشكل الفلسطينيون خلال السنوات الماضية لجان حراسة شعبية لحماية القرى القريبة من المستوطنات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».