محكمة مصرية تكتب نهاية «حزب الإخوان» بعد ثلاثة أعوام من تأسيسه

(«الشرق الأوسط») اطلعت على تحقيقات ضمت أدلة الثبوت في قضية «تخابر مرسي»

محكمة مصرية تكتب نهاية «حزب الإخوان» بعد ثلاثة أعوام من تأسيسه
TT

محكمة مصرية تكتب نهاية «حزب الإخوان» بعد ثلاثة أعوام من تأسيسه

محكمة مصرية تكتب نهاية «حزب الإخوان» بعد ثلاثة أعوام من تأسيسه

وضع المستشار فريد تناغو، رئيس المحكمة الإدارية العليا في مصر، أمس (السبت)، نهاية حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي حكم البلاد قبل عامين. وقضى المستشار تناغو بحل الحزب ورد أمواله إلى الخزانة العامة، في الطعن المقدم من لجنة شؤون الأحزاب، في حكم نهائي غير قابل للطعن عليه. ووصف محامي الحزب قرار المحكمة بـ«الصادم»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن أوراق القضية خلت من أي اتهام للحزب، أو تحقيقات مع قادته.
ولم تصدر المحكمة حيثيات حكمها بعد، لكن «الشرق الأوسط» اطلعت على أوراق القضية، وتبين من الوثائق التي تضمها الدعوى أن نيابة أمن الدولة العليا التي أجرت التحقيقات سعت إلى إثبات العلاقة العضوية بين حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، وتنظيمها العالمي.
ومن بين الطعون الـ11 التي طالبت بحل «حزب الإخوان»، قبلت المحكمة طعن لجنة شؤون الأحزاب المخولة قانونا بإقامة الدعوى بحسب نص «المادة 17» من قانون إنشاء الأحزاب، ورفضت الطعون الأخرى لرفعها من «غير ذي صفة».
وواجه حزب الإخوان عشر دعاوى أقامها محامون، وبدأت أولى الملاحقات القضائية للحزب في يوليو (تموز) من العام الماضي، بعد أيام من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي ترأس الحزب قبل انتخابه لرئاسة البلاد منتصف عام 2012. وتقدمت لجنة شؤون الأحزاب الشهر الماضي بطعن آخر لحل الحزب. واستندت لجنة شؤون الأحزاب في طعنها على أربعة بنود في نص المادة الرابعة من قانون إنشاء الأحزاب، حيث ينص البند الخامس على حظر «قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي أجنبي»، وهو النص الذي يرجح محامي الحزب أن تكون المحكمة استندت إليه في حكمها. كما ينص البند الثالث على حظر «قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته أو أعضائه على أساس ديني أو جغرافي أو على أساس التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو لأي سبب آخر».
وضمت أوراق القضية محاضر مضبوطات عثر عليها في أحد مقار حزب الإخوان، بينها محاضر جلسات لقادة الحزب، وأوراق تتعلق بجماعة الإخوان، كما حوت القضية مقطعا مصورا لاجتماع قادة «الإخوان» ناقشوا خلاله تأسيس الحزب.
وتقدمت لجنة شؤون الأحزاب أيضا بأدلة الثبوت في القضية المعروفة إعلاميا بـ«قضية التخابر» المتهم فيها مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، والرئيس المعزول مرسي، وآخرون. وحظرت المحكمة التي تباشر القضية تناولها إعلاميا.
وأعرب المحامي محمود أبو العينين، الذي يتولى الدفاع في ملف قضية الحزب، عن صدمته من الحكم، قائلا إن أوراق القضية خلت تماما من أي تحقيقات للنائب العام مع قادة الحزب، وهو أمر ملزم بموجب نص المادة 17 من قانون الأحزاب.
وتفيد وثيقة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها بأن لجنة شؤون الأحزاب أخطرت حزب الحرية والعدالة في 7 يوليو 2013، بعد أربعة أيام من عزل مرسي، وإلقاء القبض على رئيس الحزب الدكتور سعد الكتاتني، بالرد على مخالفات منسوبة إليه، وقررت اللجنة مطلع سبتمبر (أيلول) إحالة أوراق الحزب إلى النائب العام للتحقيق. وأشارت وثيقة أخرى من أوراق القضية صادرة عن مكتب النائب العام إلى أنه حتى يوم 31 مايو (أيار) من العام الحالي، لم ترد إلى مكتب النائب العام أي تحقيقات خاصة بحزب الحرية والعدالة.
ويرى مراقبون أن بقاء الحزب دون ملاحقة قضائية جدية حتى منتصف العام الحالي يوحي بأن السلطات حاولت إبقاء الباب مواربا أمام قادة «الإخوان» للانخراط مجددا في الحياة السياسية عبر الحزب فقط.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم