اكتشاف جزء من معصرة نبيذ أثرية في دلتا مصر

بداخلها قطع فخارية تعود للعصر اليوناني الروماني

اكتشاف جزء من معصرة نبيذ أثرية في دلتا مصر
TT

اكتشاف جزء من معصرة نبيذ أثرية في دلتا مصر

اكتشاف جزء من معصرة نبيذ أثرية في دلتا مصر

أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف جزء من معصرة نبيذ ذات طراز معماري متميز تعود للعصر اليوناني الروماني بمنطقة تل كوم تروجي، بمحافظة البحيرة بدلتا مصر.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس، إن «البعثة الأثرية التابعة للمجلس العاملة بتل آثار كوم تروجي، مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، عثرت على بقايا وحدة معمارية متكاملة، تتضمن المرحلة الثالثة من معصرة نبيذ، ووحدات تخزين لمنتجات المعصرة، محاطة بسور كبير من الطوب اللبن، إضافة إلى مبنى سكني بجوار المعصرة».
وأشار وزيري إلى «تميز الطراز المعماري للمعصرة، ووحدات التخزين، حيث اعتمدت المعصرة في طرازها المعماري والتقني بصفة رئيسية على بناء وحدات تخزينية بجدران سميكة من الطوب اللبن ذات مساحات مختلفة».
وأوضح الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار المصرية، أن «الكشف أظهر استخدام بلوكات صغيرة من الحجر الجيري المنتظم وغير المنتظم في الأساسات مع الطوب اللبن، للمساعدة في التحكم في درجات الحرارة المناسبة لحفظ النبيذ الذي ذاع صيته في إقليم مريوط، حيث كان النبيذ المريوطي من أجود وأهم أنواع النبيذ في العصرين اليوناني والروماني».
من جانبها، قالت الدكتورة نادية خضر، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري: «تم العثور على بقايا قطع متناثرة من الجص الملون، كانت تغطي جدران المبنى، وأجزاء من الموزاييك، ربما استخدمت في الأرضيات، وبعض أجزاء من الكرانيش الجصية، ومنها يتضح أنه كان هناك مبنى للمشرف على المعصرة».
وأوضح خالد عبد الغني فرحات، مدير عام منطقة آثار البحيرة، أن «البعثة وجدت بداخل الوحدات المعمارية مجموعة من الأفران، وبعض اللقى الأثرية الفخارية المستخدمة في الحياة اليومية، ترجع لفترات تاريخية متعاقبة، بداية من العصر البطلمي، وصولاً إلى العصر الإسلامي»، مشيراً إلى أنه «تم العثور على مجموعة من العملات المعدنية، أقدمها لبطليموس الأول، مروراً بالإمبراطور دومتيانوس الروماني، وصولاً للعصر الإسلامي».
وأضاف فرحات أن «اللقى الأثرية المكتشفة بموقع كوم تروجي تشير إلى عمق العلاقات التجارية بين حاضرة تروجي وبعض المدن اليونانية، مثل كينيدوس وقبرص ورودس، ويظهر ذلك من خلال الأختام المطبوعة على أيادي الأمفورات التي اكتشفت بالموقع، كما تم الكشف عن كثير من اللقى الأثرية الفخارية المتنوعة، ما بين محلية الصنع ومستوردة، وبعض قطع العاج المشغولة التي تشير إلى الحالة الاقتصادية لقاطني هذا الموقع».
إلى ذلك، أوضح الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، أن «منطقة تل تروجي، أو (تروجه) كما ينطقها أهالي القرية، من المناطق الأثرية المهمة جداً التي ترجع للعصر اليوناني الروماني، والتي عانت من آثار الزحف العمراني، وتحتاج كثير من الحفائر الأثرية للكشف عن أسرارها المهمة».
وقال عبد البصير لـ«الشرق الأوسط» إن «محافظة البحيرة (شمال القاهرة) واحدة من محافظات دلتا مصر المليئة بالتلال الأثرية، التي تتكون من مجموعة طبقات تكونت على مدار العصور المختلفة، بدءاً من العصور الفرعونية التي تكون في الطبقة السفلى، وصولاً إلى العصور الإسلامية في الطبقات العليا»، مشيراً إلى أن «معظم التلال تكونت بدءاً من العصر الصاوي، نهاية العصور الفرعونية، نحو 500 سنة قبل الميلاد، أي أن عمرها نحو 2500 سنة، وقد تراكمت فيها الآثار في العصور اليونانية الرومانية».
وحول اكتشاف معصرة نبيذ في المنطقة، قال عبد البصير إن «مصر كانت تشتهر في تلك الفترة بصناعة النبيذ، الذي ارتبط بالآلهة في مختلف العصور، إضافة إلى أن مصر في العصرين اليوناني والروماني كانت سلة غذاء أوروبا، خصوصاً في منطقة الدلتا التي كانت تزرع القمح، وتصنع النبيذ الذي يقدم على موائد النبلاء في روما».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».