عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> الدكتور خالد بن عبد الله النامي، الملحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، استقبل عضو مجلس الشورى السعودي، أحمد الأسود، أثناء زيارته جناح المملكة المشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ50 «اليوبيل الذهبي». وأشاد الأسود بحسن التنظيم والتنسيق داخل الجناح، لافتاً إلى أن دور النشر السعودية المشاركة سواء الأهلية أو الحكومية تميزت بتنوع إصداراتها في كافة المجالات الثقافية والعلمية.
> حصة بنت عيسى بوحميد، وزيرة تنمية المجتمع بالإمارات، افتتحت جناح الصحة النفسية للأطفال واليافعين في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، والذي يعد الأول من نوعه على مستوى منطقة الخليج العربي. وأكدت أن احتضان الإمارات لمستشفى أطفال بمواصفات عالمية يرسخ من مكانتها كنموذج رائد يقتدى به من حيث الاهتمام بكافة أفراد المجتمع صغارا وكبارا.
> عناية عز الدين، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، شهدت حفل إطلاق «مهرجان صور للتسوق والسياحة والترفيه» الذي نظمته بلديتا صور والعباسية واتحاد البلديات، بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب. وأكدت أن مهرجان التسوق للجنوب الذي تطلقه مدينة صور هو دليل حيوية ونشاط وإرادة حياة وتعبير عن تصميم أبناء المدينة على النهوض والاستمرار في مسيرة التنمية، ويأتي المهرجان ليؤكد أهمية المجتمع الأهلي في إنعاش الاقتصاد الوطني.
> السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، التقت الجالية المصرية في أبوظبي بدولة الإمارات، في لقاء مفتوح شهد نقاشا في كافة الجوانب التي تهم الجالية. وأكدت الوزيرة، خلال اللقاء، أن الجاليات المصرية بالخارج هم جزء من تنمية الدولة المصرية في كافة مشروعاتها وأنهم خط الدفاع الأول للوطن، مشيرة إلى أن المصريين بالخارج على قلب رجل واحد ويشاركون في مسيرة التنمية التي تحدث على أرض وطنهم.
> محمد عامر، سفير المملكة المغربية ببلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، عقد لقاء مع أفراد الجالية في بروكسل، حيث تطرق إلى الجهود التي تبذلها السفارة والقنصلية العامة من أجل تجويد الخدمات الإدارية المقدمة، مناشدا الجالية الدفاع عن مكتسبات وقيم بلدهم الأم، حيث حقق المغرب في السنوات الأخيرة مجموعة من المكتسبات في عدد من المجالات، تحت قيادة الملك محمد السادس، مما جعله نموذجا يحتذى في المنطقة، ينعم بالأمن والاستقرار والازدهار.
> نفديب سينغ سوري، سفير جمهورية الهند في أبوظبي، أقام حفل استقبال بمناسبة يوم الجمهورية الـ70 لبلاده، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي. وأكد السفير الهندي، في كلمة له بهذه المناسبة، قوة العلاقات التي تربط البلدين الصديقين، والتي ترسخت منذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويسير على نهجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
> الشيخ يوسف أدعيس، وزير الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين، افتتح تكية «أبو بكر الصديق» في بلدة قراوة بني زيد بمحافظة رام الله والبيرة، لتقديم وجبات مجانية للفقراء والمحتاجين من أبناء القرية وتلبية احتياجاتهم. وأكد أدعيس أن وزارة الأوقاف معنية بدعم المزيد من المشاريع الحيوية والأساسية كالتكايا في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، التي تعود بالنفع والفائدة على المجتمع الفلسطيني، وتحقق سياسة الوزارة ورؤيتها في مساعدة الفقراء والمحتاجين.
> أيمن بن توفيق المؤيد، وزير شؤون الشباب والرياضة البحريني، توج الأندية الفائزة في البرنامج التنافسي الرياضي للفتيات «رياضية»، وذلك في الحفل الختامي الذي نظمته الوزارة لإسدال الستار على النسخة الأولى التي انطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي واستمرت شهرين بمشاركة عدد من الأندية في أربع ألعاب (كرة السلة وكرة الطائرة وكرة اليد وكرة الطاولة).
> صقر أبو شتال، سفير المملكة الأردنية بالكويت، استقبل في مقر السفارة وفدا من الخبراء البيئيين عقب مشاركتهم في مؤتمر الإعلام العربي البيئي الأول، حيث تحدث الوفد عن موضوعات المؤتمر وجلساته الحوارية، فضلا عن التطرق للحديث عن مشاركتهم لنقل التجارب العربية في إطار التعريف باليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والنزاعات العسكرية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)