أهالي العسكريين المخطوفين: نطالب الحكومة بتكثيف جهودها.. ولا نعرف طعم النوم منذ أسبوع

«هيئة العلماء المسلمين» تواصل مساعيها للإفراج عن المحتجزين لدى المتشددين

لبنانية تجهش بالبكاء خلال اعتصام بمدينة بعلبك نظمته عائلات الجنود اللبنانيين  الذين اختطفوا من قبل متشددين إسلاميين في عرسال (رويترز)
لبنانية تجهش بالبكاء خلال اعتصام بمدينة بعلبك نظمته عائلات الجنود اللبنانيين الذين اختطفوا من قبل متشددين إسلاميين في عرسال (رويترز)
TT

أهالي العسكريين المخطوفين: نطالب الحكومة بتكثيف جهودها.. ولا نعرف طعم النوم منذ أسبوع

لبنانية تجهش بالبكاء خلال اعتصام بمدينة بعلبك نظمته عائلات الجنود اللبنانيين  الذين اختطفوا من قبل متشددين إسلاميين في عرسال (رويترز)
لبنانية تجهش بالبكاء خلال اعتصام بمدينة بعلبك نظمته عائلات الجنود اللبنانيين الذين اختطفوا من قبل متشددين إسلاميين في عرسال (رويترز)

عشرات الصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، تطارد أهالي العسكريين المحتجزين لدى الجماعات المسلحة. بصرف النظر عما إذا كانت الصور التي تظهر مشاهد قتل وذبح للعسكريين، صحيحة أم مفبركة، إلا أن قساوتها أثارت خوفهم على مصير أبنائهم. «اللهم إني أستودعك زوجي فاحفظه لي يا من ﻻ تضيع ودائعه. بحق اسمك الأعلى رده لي سالما يا رب»، كتبت صابرين كرومبي على صفحتها في «فيسبوك»، وتعبر مناجاتها عن سائر أهالي المخطوفين، وتتردد على مسامعهم جميعا.
ظنت كرومبي، وهي زوجة الرقيب أول زياد عمر، والد طفلتين توأم يبلغ عمرهما سنة ونصف السنة، أن انتماءها لبلدة عرسال قد يساهم في حل ملف زوجها سريعا، لكنها أيقنت أن الأمور خرجت من بين يديها بعدما قامت باتصالات على أعلى المستويات لم تأت نتيجتها حتى الساعة. حال كرومبي، كحال كثيرين من أهالي العسكريين.. وقرروا أمس الخروج في اعتصام للمرة الأولى، بعد أسبوع على اختطاف ذويهم، وثلاثة أيام على هدوء الميدان. واحتج هؤلاء مطالبين بالإفراج عن جميع العسكريين الذين يناهز عددهم 19 مفقودا من الجيش اللبناني، و17 مخطوفا من قوى الأمن الداخلي، بعد الإفراج عن ثلاثة عسكريين من الجيش وثلاثة آخرين من قوى الأمن، بوساطة هيئة العلماء المسلمين.
وواصلت هيئة «العلماء المسلمين» مساعيها للإفراج عن العسكريين المختطفين لدى الجماعات الإرهابية مع وجود وفد من الهيئة داخل عرسال لقيادة المفاوضات. ونفى عضو الهيئة سميح عز الدين ما أشيع عن توجه وفد من العلماء إلى الداخل السوري لاستكمال عملية التفاوض، مؤكدا أنها تتم من داخل البلدة.
وتوقع عز الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تحمل الساعات المقبلة «تباشير خير» لحل الملف، لافتا إلى أن «العسكريين ليسوا لدى فصيل واحد بل لدى أكثر من فصيل»، منبها إلى «الدور السلبي الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام مما يخلق مشكلات بين الفصائل وبالتالي يؤثر على عملية إطلاق سراح العسكريين المخطوفين».
وأعلنت «هيئة العلماء المسلمين» في بيان أمس نجاح المرحلة الأولى من المبادرة لوقف المعارك الدائرة في عرسال، مطالبة المسؤولين في لبنان «إزالة جميع أسباب الاحتقان من المناطق كافة والتي يأتي في مقدمتها إنهاء ملف الموقوفين الإسلاميين وإخلاء سبيل الأبرياء، ومنهم حسام الصباغ».
ويواكب أهالي العسكريين تلك التطورات. ويعولون على الدور الذي تلعبه هيئة العلماء المسلمين لإطلاق سراح أبنائهم، كما على قدرات أهالي عرسال التأثير على المسلحين للغاية نفسها. ويؤكدون لـ«الشرق الأوسط»، أننا «لم نذق طعم النوم منذ نحو الأسبوع».
معروف حمية، والد الجندي في الجيش اللبناني محمد حمية، يطالب، بحسرة، من أهالي عرسال «ممارسة ضغوطات من أجل تحرير أبنائنا والإفراج عنهم بأسرع وقت ممكن»، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «ألا إشكال على الإطلاق مع أهالي البلدة الطيبين». ويناشد حمية هيئة العلماء «استكمال جهودها الطيبة في الملف الذي يتخذ طابعا إنسانيا بعيدا كل البعد عن الطائفية، باعتبار أن المختطفين من جميع الطوائف والمذاهب».
مطالب الأهالي، تتشابه. مدين حسن وهو العسكري المتقاعد من الجيش اللبناني، والد الرقيب في فرقة «الفهود» بقوى الأمن الداخلي محمد حسن، يفضل أن يترك الملف بأيدي مؤسسات الدولة وأجهزتها، مطالبا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» السياسيين بتحمل مسؤولياتهم لإنقاذ فلذات أكبادنا. ويكمل متحسرا: «صبرا بأمهاتهم وبأبنائهم الأطفال».
وتكاد الحسرة تخنق والدة الجندي المخطوف أحمد عباس الذي يعيل ثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر عشر سنوات، وتكتفي بمناشدة المعنيين إعادة ابنها سالما لعائلته وأوﻻده الثلاثة. «حرام.. هؤلاء الأطفال لا يستحقون حرمانهم من والدهم»، كما تقول.
واللافت بتصريحات الأهالي أن الكل يطالب بالإفراج عن العسكريين دفعة واحدة وعدم تجزئة الملف، مبررين ذلك بالقول: «نحن نذوق اللوعة نفسها، ولا نتخيل كم ستتضاعف في حال أفرج عن عسكريين دون آخرين».
ونجح الأهالي بضبط النفس إلى حد بعيد قبل أن يقرروا أمس التحرك والاعتصام في بلدة دورس (شرق لبنان) حيث قطعوا الطريق رافعين الأعلام اللبنانية ومرديين شعارات مؤيدة للجيش وأخرى تقول: «بدنا ولادنا إسلام سنة ومسيحية، بدنا ياهم كلهم».
وتحدث باسم المعتصمين رئيس بلدية طاريا مهدي حمية، شاكرا هيئة العلماء المسلمين وأهالي عرسال «الذين تربطنا بهم علاقات تعايش ومحبة وأخوة» لافتا إلى أن «هناك يدا غريبة دخلت على الخط وعملت على خطف أبنائنا، وكل ما نريده هو الإفراج عن أبنائنا ولا عداوة بيننا وبين أهل عرسال».
وتمنى مختار حورتعلا حسن المصري على «أهل عرسال الذين تربطنا معهم علاقات تجارة والذين نتقاسم معهم الرغيف إطلاق سراح أبنائنا».
وكان الجيش اللبناني أعلن مع بداية المعارك يوم السبت الماضي فقدان الاتصال بـ22 عسكريا رجح أن يكون قد جرى احتجازهم لدى المجموعات المسلحة، قبل أن تنجح وساطة «هيئة العلماء المسلمين» في الإفراج عن ثلاثة من عناصر قوى الأمن، وثلاثة من عناصر الجيش اللبناني، يوم الأربعاء الماضي.
ميدانيا، عزز الجيش اللبناني، أمس، مواقعه في منطقة وادي الحصن شرق بلدة عرسال، وهي النقطة الأخيرة التي كانت تحت سيطرة المسلحين، بعد ثلاثة أيام من توقف المعارك وانسحاب المسلحين المتشددين السوريين إلى التلال الحدودية مع سوريا.
وأفادت مصادر ميدانية «الشرق الأوسط» أن الجيش أعاد تمركزه في كل النقاط التي كان يوجد فيها في عرسال قبل اندلاع المعارك قبل نحو أسبوع، فيما سيرت قوى الأمن الداخلي دوريات داخل البلدة حيث ساد الهدوء النسبي. وأشارت إلى أن وضع مخيمات النازحين السوريين، التي أحرقت ودمرت نتيجة المعارك، لا يزال على حاله مع انتقال سكانها للمكوث في مدارس ومساجد البلدة.
وتمركزت عناصر الجيش أمس على التلال المشرفة على المنطقة منذ ساعات الصباح الأولى، وسيرت دوريات مؤللة في أحياء عرسال الغربية، كما استحدث الجيش نقطة تمركز جديدة قرب مسجد أبو إسماعيل الذي كانت تمارس منه أعمال قنص على الجيش اللبناني بعد توقيف ثلاثة قناصين يوم الجمعة الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.