السراج يرفض «عسكرة» ليبيا ويتمسك بالمسار الديمقراطي لحل الأزمة

TT

السراج يرفض «عسكرة» ليبيا ويتمسك بالمسار الديمقراطي لحل الأزمة

اعتبر فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، أنه يستحيل القبول بما وصفه بـ«عسكرة الدولة» في ليبيا، لافتا إلى أن المجالس البلدية، التي أتت بإرادة الشعب وعبر صناديق الاقتراع، دليل على أن المسار الديمقراطي بدأ يتجسد واقعاً معاشاً.
وقال السراج خلال اجتماع الرابطة الوطنية للمجالس البلدية، أمس، والذي عقد بأحد فنادق العاصمة طرابلس، إنه «لا يصح القفز فوق هذه الحقيقة أو الرجوع عنها، ويستحيل القبول بعسكرة الدولة»، مشيراً إلى أن جرائم الإرهاب وعمليات التصعيد والخروقات الأمنية التي تحاول إجهاض العملية الديمقراطية «لن تثنينا عن المضي قدماً في هذا المسار الذي ارتضاه الشعب».
وتابع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا «إننا نتطلع ونعمل على أن تسود مجتمعنا ثقافة السلام والانتماء والتسامح، والاعتراف بالآخر، والقبول بالاختلاف في إطار من الاحترام المتبادل».
في غضون ذلك، تحدث السراج عن خطوات تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تستهدف إرساء النظام العام في العاصمة طرابلس، استناداً على قوات نظامية تعمل وفق معايير مهنية، وتمثل فرصة لبناء مؤسسات أمنية وعسكرية موحدة، تحت سلطة مدنية، تعمل بعقيدة الولاء للوطن، والمحافظة على سيادته واستقراره.
وفي الجانب الاقتصادي، لفت السراج إلى النتائج الإيجابية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يستهدف تصحيح تشوهات الاقتصاد الليبي، والتي تتمثل في تراجع العجز، وتحسن سعر العملة الوطنية، مع ضمان الأمن الغذائي والدوائي. موضحا أن الإصلاحات الاقتصادية «تعد قاعدة ضرورية لمرحلة البناء والتعمير»، ومشيراً إلى أن إنجاح هذه المرحلة «يتطلب توفير بيئة مناسبة للتجارة والاستثمار، وذلك من خلال تشريعات اقتصادية وإدارية ملائمة».
في سياق ذلك، أكد السراج أن حكومته التي تتبنى مبدأ اللامركزية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوزيع عادل للثروة في إطار الدولة المدنية الديمقراطية، «تقدم كل ما يمكن من مساعدات لجميع البلديات في كافة المناطق دون استثناء، وتوسيع صلاحياتها، وتخصيص ميزانيات كافية لها، لتؤدي دورها الحيوي الهام، بتناغم وتنسيق مع وزارة الحكم المحلي والجهات المعنية الأخرى».
إلى ذلك، أكد سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، على أهمية تشجيع الأطراف الليبية على الجلوس إلى طاولة الحوار، والتفاوض لإيجاد حل سياسي توافقي ليبي - ليبي للأزمة في بلادهم.
وفيما بدا وكأنه معارضة علنية، هي الأولى من نوعها لخطة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا لإجراء انتخابات رئاسة وبرلمانية قبل نهاية العام الجاري، حذر لافروف من أن تحديد مواعيد نهائية للانتخابات في ليبيا «ليس تحركا بنّاء لأن على الأطراف السياسية أن تتفق أولا على حل سياسي لإنهاء الصراع في البلاد». وكان غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، قد أعرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن أمله في إجراء الانتخابات الليبية بحلول يونيو (حزيران) المقبل. لكن لم يتم سن قوانين أو وضع إطار دستوري لإجراء الانتخابات.
من جانبه، أكد عمر الترهوني، سفير ليبيا لدى إيطاليا، أن روما لا تدعم فائز السراج على حساب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، أو العكس، معتبرا أن الحكومة الإيطالية تحاول مساعدة الشعب الليبي على إيجاد حل للخروج من فوضى هذه السنوات، باعتبارها «صديقة للشعب الليبي».
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن الترهوني قوله «ليس في طرابلس أي قلق من الحوار الذي بدأ مع المشير حفتر»، معتبرا أن «إيطاليا يجب أن تكون قادرة على التحدث مع الجميع، ومع جميع الشخصيات التي تلعب دوراً في ليبيا».
ميدانيا، يواصل الجيش الوطني تقدمه في الجنوب الليبي لتطهيره من تغول «الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية»، في وقت تداول فيه ناشطون وبعض وسائل الإعلام المحلية مقاطع فيديو، تظهر مسلحين من المعارضة التشادية وهم يؤدون رقصات، وأهازيج قتالية يتوعدون فيها بقتال الجيش الليبي في مناطق الجنوب، وسط معلومات عن احتشاد قوات المعارضة التشادية، تحسبا لمواجهة حتمية ضد قوات الجيش الليبي.
ونقل العقيد ميلود الزوي، المتحدث باسم القوات الخاصة، عن اللواء عبد السلام الحاسي، مسؤول غرفة عمليات الكرامة، تأكيده على أن الوضع في الجنوب «في تحسن مستمر»، منوها بتعاون رجال الجيش والقبائل.
وأكد الزوي أن قوات الجيش سيطرت على مناطق جديدة في سبها، معتبرا أنه «لم يبق إلا القليل، والانتقال إلى المرحلة القادمة، والاقتراب من بوابة 17. التي تشكل رهبة للأهالي والمارة»، حسب تعبيره.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».