باريس: الآلية الخاصة بالتجارة مع إيران ستطلق بعد أيام

خبراء يشككون بقدرتها على تعويض خسائر العقوبات الأميركية

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر الآليزيه بعد حضور الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في باريس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر الآليزيه بعد حضور الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

باريس: الآلية الخاصة بالتجارة مع إيران ستطلق بعد أيام

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر الآليزيه بعد حضور الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في باريس أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر الآليزيه بعد حضور الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في باريس أمس (أ.ف.ب)

قبل 4 أشهر، أعلنت 3 بلدان أوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) و«وزيرة» خارجية الاتحاد الأوروبي، من نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، العزم على إنشاء «آلية مالية خاصة» تكون بمثابة ردّ على قرار الرئيس الأميركي إعادة فرض عقوبات اقتصادية وتجارية على إيران على مرحلتين، والعمل على منعها من تصدير نفطها والاستفادة من السوق المالية الدولية.
وبعد نحو 120 يوماً من المشاورات والاجتماعات في العواصم الأوروبية، وفي طهران، أعلن أمس وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بمناسبة شهادة له أمام مجلس الشيوخ، أن هذه الآلية التي غرضها تسهيل التجارة مع إيران بعملات غير الدولار، وتجاوز العقوبات الأميركية، سيتم إطلاقها «بعد أيام» من غير مزيد من الدقة في التاريخ.
ووفق المعلومات المتوافرة، فإن البلدان الأوروبية الثلاثة المشار إليها وجدت في النهاية «مخرجاً» لتوطين هذه الآلية بعد رفض من النمسا وبلجيكا ودوقية لوكسمبورغ.
وهكذا، فإن الآلية سوف تسجل في باريس، فيما نقلت وكالة «رويترز»، أنها ستكون بإدارة شخصية ألمانية لم تحدد هويتها، وأن الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاقية النووية مع إيران صيف العام 2015 ستكون هي الأطراف المساهمة.
بيد أن الإعلان عن إطلاق الآلية لن يعني بالضرورة أنها ستكون جاهزة للتشغيل فوراً، إذ يبدو أن هناك كثيراً من التفاصيل التقنية التي تحتاج إلى الترتيب. وبالتالي، سيتعين على الطرف الإيراني أن ينتظر «عدة أشهر» قبل أن تنطلق هذه الآلية حقيقة. والمبدأ الذي تقوم عليه هو إنشاء ما يشبه الصندوق الذي تودع فيه عائدات النفط الإيراني، على أن يغرف منه لدفع قيمة السلع والخدمات التي تقدم لإيران. وكل ذلك بعيد عن العملة الأميركية (الدولار) لتلافي التعرض للعقوبات الأميركية.
ورغم انطلاقتها، فإن كثيراً من الخبراء يشككون بجدواها وبقدرتها على تعويض الخسائر التي تتحملها إيران بفعل العقوبات الأميركية، لأن الشركات الأوروبية الكبرى التي لها حضور في السوق الأميركية قررت سلفاً وقف تعاملاتها مع طهران، ما يترك في الساحة الشركات المتوسطة والصغرى التي لن تشفي بالطبع الغليل الإيراني. يضاف إلى ذلك أن «الإعفاءات» التي أعطتها واشنطن لـ8 دول، «بينها اثنتان أوروبيتان، هما إيطاليا واليونان» سينتهي مفعولها بعد 3 أشهر فقط، ما يعني قيوداً إضافية على صادرات النفط الإيراني وصعوبات في توفير التوازن للميزانية الإيرانية.
وما يلفت الانتباه أن كلام الوزير الفرنسي يأتي رغم كل التقارير التي تقول بوجود توترات قوية بين طهران والعواصم الأوروبية، بسبب برامج إيران الباليستية والصاروخية، وبسبب سياساتها الإقليمية، إضافة إلى العمليات الإرهابية التي نسبت إلى أجهزتها، والتي تم إجهاضها في فرنسا والدنمارك، وبعد العقوبات التي فرضت على جهاز مخابرات إيراني وشخصيات إيرانية.
وكانت فرنسا سبّاقة بالتحذير الذي أطلقته باتجاه إيران، وبالعقوبات التي فرضتها قبل العقوبات الأوروبية. من هنا التساؤل حول كيفية توفيق أوروبا بين التحذيرات والعقوبات من جهة، وبين مضيها في العمل من أجل تمكين إيران من الاستمرار في الاستفادة مما يوفره لها الاتفاق النووي. وبحسب مصادر فرنسية رسمية، فإن التفسير يكمن في أن الأوروبيين ما زالوا متمسكين بالاتفاقية، وهم يرون أن منع إيران من الاستفادة من بعض حسناتها سيدفعها بدورها إلى نقض الاتفاقية، وبالتالي فإن المنطقة كلها ستدخل في سباق نووي، وتفتح أبواب المجاهيل أمامها.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.