«إدلب» و«المنطقة الآمنة» شرق الفرات على طاولة بوتين وإردوغان

موسكو تحذّر من «تدهور سريع» للوضع في شمال سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا نظيره التركي رجب طيب اردوغان في موسكو أمس (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا نظيره التركي رجب طيب اردوغان في موسكو أمس (رويترز)
TT

«إدلب» و«المنطقة الآمنة» شرق الفرات على طاولة بوتين وإردوغان

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا نظيره التركي رجب طيب اردوغان في موسكو أمس (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلا نظيره التركي رجب طيب اردوغان في موسكو أمس (رويترز)

استبقت موسكو، أمس، محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالتأكيد على الأهمية الكبرى التي توليها لتنسيق مواقفها مع أنقرة، وبلورة تحرك مشترك على خلفية قرار الولايات المتحدة بسحب القوات الأميركية من سوريا.
وأعلن الكرملين عن تحضيرات لعقد قمة ثلاثية قريباً، لضامني «مسار آستانة»، فيما حذرت وزارة الخارجية الروسية من «تدهور متسارع» للوضع في إدلب، وشددت على ضرورة عدم السماح بانزلاق الموقف في مناطق شرق الفرات نحو التصعيد.
ومهّد مستشار الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف للقمة التي جمعت بوتين وإردوغان مساء أمس، بتحديد أولويات موسكو وأنقرة خلال المرحلة المقبلة. وأكد على «الأهمية الكبرى» التي توليها موسكو لتنسيق المواقف مع الجانب التركي في سوريا «انطلاقا من منظور العلاقات المتينة بين البلدين».
وزاد أن البحث ينصب على الوضع الناشئ بعد قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، مع إيلاء اهتمام خاص لسير تنفيذ الاتفاقات الروسية - التركية حول إدلب، وأعلن أن موسكو اقترحت عقد قمة ثلاثية تنضم إليها إيران لبلورة ملامح التحرك المشترك لضامني «مسار آستانة» على خلفية التطورات المتسارعة في سوريا، مشيرا إلى أن تحديد موعد القمة التي تستضيفها موسكو يتم خلال الفترة القريبة المقبلة. وأشار أوشاكوف إلى حرص موسكو على مواصلة النقاشات مع أنقرة حول تطبيق المذكرة المشتركة الروسية - التركية بشأن إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، لافتا إلى أن «استفزازات الإرهابيين في المنطقة شهدت في الأوقات الأخيرة تصاعدا ملحوظا، ونجحت المجموعات الإرهابية في تعزيز وجودها هناك، وهذا ما يضيف أهمية خاصة لإجراء جولة جديدة من تبادل الآراء مع القيادة التركية».
وأكد أوشاكوف أن تطورات الموقف في إدلب «تثير المخاوف والقلق، والوضع هناك ليس بسيطا».
وتجنب الكرملين قبل بدء المناقشات على المستوى الرئاسي تحديد موقف من الإعلان التركي حول نية إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، وهو أمر أكد مصدر في الوفد التركي، أمس، أنه يشكل العنصر الأساسي للبحث بين الطرفين.
ورافق إردوغان في محادثاته بالعاصمة الروسية وزيري الخارجية؛ مولود جاويش أوغلو، والدفاع خلوصي آكار، ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، ومسؤولون آخرون.
في غضون ذلك، جددت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الإعراب عن «قلق جدي» بسبب «استمرار التدهور المتسارع» للوضع في محافظة إدلب. وقالت إن المنطقة «وقعت عمليا تحت سيطرة التنظيم الإرهابي (جبهة النصرة) الذي دحر فصائل المعارضة المعتدلة». وأشارت إلى تصاعد ملحوظ في حالات خرق نظام وقف العمليات القتالية، مشيرة إلى أنه منذ توقيع الإعلان الروسي - التركي حول إدلب في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، تم تسجيل أكثر من ألف انتهاك لوقف النار، وقتل نتيجة ذلك 65 شخصا، وأصيب أكثر من مائتين. وزادت أن «تواصل الاستفزازات يشكل خطرا على المدنيين والجنود السوريين وعلى قاعدة حميميم الروسية».
وتطرقت زاخاروفا إلى الوضع حول إعلان واشنطن نيتها سحب قواتها من سوريا، مشيرة إلى أن الأميركيين «لم يقدموا على أي خطوات لتنفيذ قرار سحب القوات»، مشددة على أن «المهم في الظروف الراهنة هو منع التصعيد في شمال شرقي سوريا».
وأضافت أنه من الواضح أن «الوحدات الأميركية الموجودة في سوريا بصورة غير شرعية وكذلك حلفاء واشنطن في التحالف الدولي، لم يتمكنا من منع انتقال الإرهابيين المحاصرين في شرق سوريا إلى أنحاء أخرى في البلاد».
وأكدت زاخاروفا «ضرورة تسليم المنطقة في شرق الفرات للسلطات الشرعية السورية».
إلى ذلك، ترافقت تحذيرات الدبلوماسية الروسية من تدهور أسوأ للوضع في إدلب، مع إعلان وزارة الدفاع عن «تصدي الجيش السوري لهجوم كبير شنه تنظيم (جبهة النصرة) الإرهابي على مواقع للجيش في محافظة إدلب».
وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الفريق سيرغي سولوماتين، إن «عصابات (جبهة النصرة) هاجمت الثلاثاء مواقع القوات الحكومية السورية بالتزامن في منطقتي أبو الضهور وأبو شرجي».
وأوضح: «تشكيلات تضم ما بين 150 مسلحا و200 مسلح نفذت الهجوم على كل واحد من المحورين، وكانوا يستقلون ما بين 15 و20 عربة مزودة برشاشات ثقيلة». وزاد أن «الإرهابيين تمكنوا من التوغل في خطوط الدفاع للجيش السوري بعمق يصل إلى 1.5 كيلومترا، قبل أن ينجح الجيش في مواجهتهم وإعادتهم إلى ما وراء خط التماس». وأضاف سولوماتين أن مركز المصالحة الروسي أبلغ الجانب التركي بتطورات الوضع في منطقة الهجوم.
ويقف الرئيسان على طرفي نقيض من الأزمة السورية؛ فروسيا تقدم الدعم للحكومة السورية، بينما تدعم تركيا فصائل مسلحة معارضة تحارب نظام الرئيس بشار الأسد.
ورغم الخلافات، فإن البلدين يعملان معا وبشكل وثيق على إيجاد حل سياسي للحرب المستمرة منذ 7 أعوام. وقد اتفقت روسيا وتركيا على تنسيق عملياتهما الميدانية في سوريا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب المفاجئ الشهر الماضي بسحب القوات الأميركية من هناك.
وقال إردوغان في خطاب الاثنين الماضي إنه سيبحث مع بوتين اقتراح ترمب إنشاء «منطقة آمنة» تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا. وقد أبدى ترمب تأييده هذه الفكرة في منتصف الشهر الحالي. لكن الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة والذين يسيطرون على الجزء الأكبر من شمال سوريا يرفضون الفكرة خوفا من هجوم تركي محتمل ضد المناطق التي تقع تحت سيطرتهم.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عدّ الأسبوع الماضي أن شمال سوريا يجب أن ينتقل إلى سيطرة النظام السوري.
وقال لافروف آنذاك: «نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية»، مضيفا: «نرحب بالاتصالات ونؤيدها التي بدأت الآن بين ممثلين عن الأكراد والسلطات السورية كي يتمكنوا من العودة إلى حياتهم تحت حكومة واحدة دون تدخل خارجي».
وبعد نحو 8 سنوات من الصراع الدامي في سوريا، أدى قرار الانسحاب الأميركي إلى تعزيز حملة النظام السوري المدعومة من روسيا لإعادة فرض السيطرة على البلاد. فالقوات الكردية التي باغتها إعلان ترمب سحب الجنود الأميركيين، طلبت المساعدة من النظام السوري لمواجهة التهديد المتمثل بهجوم تركي.
وأشاد الكرملين بدخول القوات السورية إلى مدينة منبج الرئيسية في الشمال للمرة الأولى منذ 6 سنوات.
وتحضر موسكو لتنظيم قمة ثلاثية مع تركيا وإيران بداية هذا العام في جزء من «عملية آستانة» للسلام التي أطلقتها الدول الثلاث عام 2017.
وقال يوري أوشاكوف، مستشار بوتين للسياسة الخارجية، في لقاء مع صحافيين الأسبوع الماضي: «حتى الآن لم يتم تحديد موعد، لكن بعد إجراء مشاورات مع إردوغان فسنبدأ التحضيرات للقمة الثلاثية».
وعقدت آخر قمة بين بوتين وإردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني في إيران في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، حيث طغى على جدول الأعمال البحث في مصير محافظة إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا. ولم تسفر القمة عن نتائج.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.