«النَّاير»... عيد رسمي وذاكرة تأبى النسيان

يحتفي بها سكان شمال أفريقيا استبشاراً بموسم وفير الغلال والأرزاق

الرحى من تراث الأمازيغ
الرحى من تراث الأمازيغ
TT

«النَّاير»... عيد رسمي وذاكرة تأبى النسيان

الرحى من تراث الأمازيغ
الرحى من تراث الأمازيغ

يحتفل ساكنة شمال أفريقيا بمناسبة «النَّاير»، رأس السنة الفلاحية عند الأمازيغ، وتختلف في تاريخ اليوم، ففي الجزائر 12 يناير (كانون الثاني)، بينما المغرب في 13 يناير، ولا يوجد تفسير لهذا الاختلاف في يوم العيد. والنّاير باللغة الأمازيغية مشتق من كلمتين «ين» معناها واحد أو الأول، و«آيير» تعني الشهر.
ترسخ الناير في الذاكرة الجماعية لدى الأمازيغ بأنه بداية السنة الفلاحية، ويكون الاحتفاء به في المأكولات المميزة، والرقصات الشعبية؛ استبشاراً بموسم فلاحي وفير الغلال والأرزاق.
وقد اختلفت روايات المؤرخين، أمازيغَ وعرباً ومستشرقين، في طبيعة الحدث، الذي كان أساس التقويم الأمازيغي، غير أن الرواية الأكثر شيوعاً هي انتصار الأمازيغ على الفراعنة المصريين بقيادة الملك شيشنق، واستيلاؤهم على الحكم في مصر. ويدللون على صحة الرواية بوجود أمازيغ في واحة سيوة، وهي واحة تقع في الصحراء غرب مصر، تعتبر أقصى حدود الأمازيغ الشرقية، في حين تمثل جزر الكناري التابعة لمملكة إسبانيا أقصى حدودهم الغربية.
وقد ارتبط «الناير» في المخيال الشعبي بهذا الانتصار للقائد الأمازيغي شيشنق على فرعون مصر، وقد أسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، التي حكمت مصر من 950 ق.م إلى 817 ق.م، وبلغ عدد ملوكها تسعة. ويعتقد الأمازيغ أن تأريخ السنة الأمازيغية بدأ بانتصار القائد الأمازيغي شيشنق على الفراعنة. وتروي الأسطورة الأمازيغية أن معركة انتصار شيشنق وقعت في منطقة بني سنوس، بولاية تلمسان في الغرب الجزائري، حيث ينظمون سنوياً مهرجان «إيراذ» بمناسبة الناير (إيراذ هو الأسد).
فما صحة هذه الأسطورة الشعبية؟ يوضح، لـ«الشرق الأوسط» المؤرخ الدكتور محمد أرزقي فراد، أستاذ التاريخ في جامعة الجزائر، وباحث في التراث الأمازيغي: أن «الناير هو مطلع التقويم الأمازيغي الفلاحي، وهو مقتبس عن التقويم الروماني الجولاني». ويضيف: «كانت الأعياد قبل نزول الأديان مرتبطة كلية بالزراعة، وعيد الناير يحمل دلالات التفاؤل في العام الجديد، والاحتفال به لزرع الفرحة بين الناس، ويُعبر عن احترام الطبيعة، لكن بعد الفتح الإسلامي هُذب الاحتفال حتى ينسجم مع العقيدة الإسلامية بإزالة المظاهر الوثنية منه»، ويتابع: أن «علاقة الناير بالملك الأمازيغي شيشنق حديثة، وقد رُبط بينهما في مطلع سبعينات القرن الماضي. وهو أمر لا نرى فيه غضاضة، وبخاصة ونحن نعلم أن اتخاذ هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) منطلق التقويم الإسلامي، قد حدث بعد وفاة الرسول، في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، أما قضية وجود شيشنق في تلمسان، فهذا كلام العوام غير مؤسس تاريخياً، والصحيح أن الملك الأمازيغي شيشنق شخصية تاريخية حقيقية، تحدثت عنها مصادر مصرية ويهودية، فهناك عشر مسلات في معبد الكرنك تتحدث عن الملك شيشنق، الذي وصل إلى الحكم في مصر عام 950 قبل الميلاد، كما ورد ذكره أيضاً في التوراة لأنه وصل إلى مدينة أورشليم (القدس اليوم) واحتلها».
يحتفل الجزائريون بالناير لعام 2019، (2969 وفق التقويم الأمازيغي) احتفالاً مميزاً؛ كونه أصبح عيداً وطنياً بعطلة رسمية مدفوعة الأجر مثل عيدي رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية؛ وهو ما جعله يكتسي أهمية لدى الأمازيغ، حسب المؤرخ محمد أرزقي فراد، الذي يتحدر من منطقة القبائل (الأمازيغ)، «تتمثل أهمية عيد الناير هذه السنة في النقاط التالية: المصالحة مع الذاكرة الأمازيغية، والانسجام مع البيئة وحمايتها، وصناعة لحظة فرح وسعادة بإعداد عشاء مميز يجتمع حوله أفراد العائلة».
- طقوس الاحتفالات بالناير
تختلف طقوس احتفالات الناير بين ولاية وأخرى في الجزائر، وخلال تلك الاحتفالات يوزع الأمازيغ الأغصان الخضراء والحشائش الغضة على سطوح المنازل استبشاراً وفأل خير بسنة خضراء وفيرة المحاصيل، وفي الأسواق تزين واجهات محال بيع الفواكه والتمور بصرر الجوز واللوز والفستق والتين المجفف، وبسطات الحلوى المشكلة الخاصة لأفراح الناير.
في الغرب الجزائري تحدثت كنزة (سيدة منزل، 45 سنة) لـ«الشرق الأوسط» قائلة: إن «توزع أكياس الدقاق على الكبار والصغار، يحتوي الكيس على التين المجفف والفول السوداني والحلوى، ويجب أكلها كاملة لأن فيها بركة».
ومن البليدة (في الوسط الجزائري)، تقول جميلة أستاذة ثانوي: «نحن العرب نحتفل بالناير. الجدة الكبيرة تسلق القمح بالملح، يسمى الشرشم، وتخلطه بالحلوى، ويوزع على الأطفال والكبار، وما زلنا نحافظ على عولة الناير كل عام».
بينما مناطق الشرق الجزائري، يشوى القمح ويُطحن، ويُعجن الطحين بالسمن العربي أو زيت الزيتون، ويُحلى بالعسل، ويسمى «الروينة» وفي مناطق أخرى يُسمى «الرفيس».
للناير أكلات خاصة على رأسها طبق «تمغطال»، يتكون من البقوليات، وطبق الكسكسي مع لحم الدجاج أو الأرنب، ويذبح القرويون ديكاً يُربى في فناء المنزل، ويطبخون عليه الكسكسي الطبق الشهير في شمال أفريقيا. وتجتمع الأسرة على عشاء الناير، ويجب أن يكون وافراً، ليأكل الجميع حتى الشبع؛ لأن من لا يشبع في الناير يبقى جائعاً طوال العام، حسب المعتقدات الشعبية لدى الأمازيغ. وفي هذه المناسبة يتصالح المتخاصمون في عشاء الناير ويتسامحون.
- طقوس وثنية تراجعت
في احتفال الناير أعمال يجب القيام بها لإرضاء الأرواح الخفية، حسب اعتقاد الأمازيغ، بإسالة دم ديك أو أرنب، ونثر كميات من الطعام في أماكن خارج البيت وداخله؛ وذلك لاستعطاف تلك الأرواح حتى لا تؤذيهم. ويحظر خلال احتفال الناير غسل صحون وقدور الطعام والملاعق أو نفض طبق الخبز، كما يمنع كنس البيت، وإخراج جذوة النار من الكانون، ولا يجوز اللغو والكلام البذيء كي لا تنفر الأرواح الطيبة.
وفي يوم الناير تُجدد بعض الأدوات المنزلية، ويُفرغ رماد الكانون، وتغير أثافي الموقد، وتحرص النساء على تغطية دلاء الماء، أما رب الأسرة فيكسّر ثمرة رمان ناضجة على يد المحراث لتتكاثر البذور بعدد حبات الرمان، ويوجه حديثه لحيواناته ليسمع ثغاء الماعز، وخوار الثور، ومأمأة الخراف، وصهيل الحصان، ونهيق الحمار، لتكون سنة خير؛ لأن صمتها يدل على سنة زراعية عجفاء.
هذه معتقدات شعبية قديمة، دفعت بعض المتشددين إلى منع الاحتفال بالناير لحد التكفير؛ لأنهم يعتبرونه «مخلفات وثنية»، وهو ما أسِف له المؤرخ محمد أرزقي فراد، قائلاً: «للأسف، المتحجرون باسم الدين يحرّمون هذا الاحتفال بحجة أنه قادم من الجاهلية، وينسون أن الحج مثلاً في الإسلام عادة جاهلية، وكيف يحرّمون الاحتفال بالتقويم الفلاحي المنظم للشؤون الفلاحية، وقد أوصانا الله باعتماد الحساب في سورة يونس، الآية الخامسة؟».
احتفال الناير هذا العام كان العيد بعيدين، احتفالات شعبية بالناير مألوفة لدى الجزائريين، والاحتفال الرسمي بالذكرى الأولى كعيد وطني رسمي. في المدن والقرى الأمازيغية كان الناير عرساً مفتوحاً، وأفراحاً باذخة بتنظيم سباقات الخيل والرقص والغناء، وتزامنت مع احتفالات رسمية شاركت فيها جمعيات مدنية ومؤسسات ثقافية حكومية، بإقامة معارض فنية وتراثية، ومهرجانات، تسابقت دور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة على تنظيمها قبل أسبوع من الناير، واستمرت بعده بأيام، «الناير هذا العام عيد ولا كل الأعياد» تبادلوا التهاني «سنة سعيدة» وترجمتها باللغة الأمازيغية «أسقاس أمغاز» ASSGHASS AMEGHAZ».
يذكر أن الدستور الجزائري في تعديله 2016، أقر اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية، وقد فُتحت أكاديمية لترقية اللغة الأمازيغية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 . وهي تطورات اعتبرها الأمازيغ «اعترافاً بكامل المواطنة لهم».



عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> نايف بن بندر السديري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية، استقبل أول من أمس، الدكتور زهير حسين غنيم، الأمين العام للاتحاد العالمي للكشاف المسلم، والوفد المرافق له، حيث تم خلال اللقاء بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين. من جانبه، قدّم الأمين العام درع الاتحاد للسفير؛ تقديراً وعرفاناً لحُسن الاستقبال والحفاوة.
> حميد شبار، سفير المملكة المغربية المعتمد لدى موريتانيا، التقى أول من أمس، وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة الموريتاني لمرابط ولد بناهي. وعبّر الطرفان عن ارتياحهما لمستوى التعاون الاقتصادي في شقيه التجاري والاستثماري، وحرصهما واستعدادهما لدفع التبادل التجاري إلى ما يأمله البلدان الشقيقان؛ خدمةً لتعزيز النمو الاقتصادي، كما أكد الطرفان على ضرورة تبادل الخبرات في القطاع الزراعي؛ للرقي بهذا القطاع المهم إلى ما يعزز ويطور آليات الإنتاج في البلدين الشقيقين.
> إريك شوفالييه، سفير فرنسا لدى العراق، التقى أول من أمس، محافظ الديوانية ميثم الشهد؛ لبحث آفاق التعاون المشترك والنهوض به نحو الأفضل، وتم خلال اللقاء الذي أقيم في ديوان المحافظة، بحث إمكانية الاستثمار من قِبل الشركات الفرنسية في الديوانية، خصوصاً أنها تمتلك بيئة استثمارية جيدة، والتعاون المشترك بين فرنسا والحكومة المحلية في عدد من المجالات والقطاعات.
> عبد اللطيف جمعة باييف، سفير جمهورية قيرغيزستان لدى دولة الإمارات، التقى أول من أمس، اللواء الركن خليفة حارب الخييلي، وكيل وزارة الداخلية، بمقر الوزارة، بحضور عدد من ضباط وزارة الداخلية. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الصديقين. ورحب اللواء الخييلي بزيارة السفير القيرغيزي، مؤكداً حرص الوزارة على توطيد علاقات التعاون والعمل المشترك مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الدولة.
> عبد الله حسين المرزوقي، القنصل العام لدولة الإمارات العربية المتحدة في مومباي، حضر أول من أمس، احتفالاً بذكرى يوم الدستور لجمهورية بولندا، الذي استضافه القنصل العام لبولندا داميان إرزيك، بحضور رؤساء البعثات الدبلوماسية في مومباي، وعدد من المسؤولين في الحكومة الهندية ورجال الأعمال.
> عمر عبيد الشامسي، سفير دولة الإمارات لدى المملكة الإسبانية، اجتمع أول من أمس، مع خوسيه لويس ديلبايي، مدير مكتبة «الإسكوريال» الملكية في إسبانيا، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون مع المكتبة. جاء ذلك خلال الجولة التي قام بها السفير في مكتبة «الإسكوريال والبازيليكا» الملكية، بالإضافة إلى المبنى الملكي للضيافة الذي كان يستقبل فيه الملك فيليب الثاني، ملك إسبانيا (1556 - 1598م)، مختلف سفراء دول العالم.
> ستيفن بوندي، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى مملكة البحرين، استقبله أول من أمس، الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بالبحرين؛ لمناقشة تعزيز أوجه التعاون في الجوانب التعليمية والثقافية، واستعراض أهم التجارب التعليمية الناجحة، كما تم بحث تعزيز الشراكة بين الجانبين في تدريب معلمي اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية على مهارات وطرق تدريس الإعداد لاختبارات (TOEFL)، لزيادة مستويات التحصيل العلمي لدى طلبة المرحلة الثانوية في اللغة الإنجليزية.
> ماجد مصلح، سفير جمهورية مصر العربية لدى سريلانكا، استقبله أول من أمس، رئيس الوزراء السريلانكي دينيش غوناواردينا، حيث تناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة. وأشاد رئيس الوزراء السريلانكي بعلاقات الصداقة التاريخية التي تجمع بين البلدين، مُسلطاً الضوء على دور البلدين في إقامة حركة عدم الانحياز، الأمر الذي كان له أثره الكبير على صعيد العلاقات الدولية بصفة عامة، ومصالح واستقلالية الدول النامية على وجه الخصوص.
> بيتر بروغل، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى تونس، التقى أول من أمس، رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، بقصر باردو. وعبّر السفير عن استعداد بلاده لمواصلة دعم مجهودات تونس في مسارها التنموي ومؤازرتها اقتصادياً واجتماعياً. وأكد ارتياحه للمستوى الممتاز للعلاقات الثنائية، معبّراً عن تقديره للخطوات الإيجابية التي تم قطعها في مجال البناء الديمقراطي، كما اطلع على صلاحياته وطرق عمل المجلس وعلاقته بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم من جهة، وبالحكومة من جهة أخرى.