حملة مقاطعة شراء السيارات في مصر... البقاء للأقوى

«خليها تصدّي» تثير قلق الموزعين والوكلاء

أعضاء الحملة يدعون إلى مقاطعة التجار الجشعين، بعد إلغاء جمارك السيارات الأوروبية (أ.ب)
أعضاء الحملة يدعون إلى مقاطعة التجار الجشعين، بعد إلغاء جمارك السيارات الأوروبية (أ.ب)
TT

حملة مقاطعة شراء السيارات في مصر... البقاء للأقوى

أعضاء الحملة يدعون إلى مقاطعة التجار الجشعين، بعد إلغاء جمارك السيارات الأوروبية (أ.ب)
أعضاء الحملة يدعون إلى مقاطعة التجار الجشعين، بعد إلغاء جمارك السيارات الأوروبية (أ.ب)

تثير حملات مقاطعة السيارات في مصر ردود فعل متباينة، فبينما يراهن أعضاء حملات المقاطعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على تحقيق أهداف الحملة لتخفيض الأسعار على المديين القريب والبعيد، عبر موزعين وتجار مصريين عن قلقهم من تأثير الحملة على حركة المبيعات بشكل سريع وملموس، وأكدوا أنهم لا يبالغون في الأسعار.
واختلفت آراء خبراء السيارات في تأثير حملة المقاطعة على مبيعات السيارات في الآونة الأخيرة، ففي الوقت الذي يؤكد فريق أن الحملات نجحت في الوصول إلى جزء كبير من أهدافها، يرى الفريق الآخر أن المبيعات متوقفة منذ 4 أشهر لأسباب تتعلق بعزوف الزبائن عن الشراء لحين وضوح الرؤية بعد الإعفاء الجمركي واستقرار الأسعار.
ياسر شعبان، خبير السيارات قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «حملة مقاطعة شراء السيارات في عام 2015، تختلف كلياً عن الحملة الجارية؛ لأن الحملة السابقة، كانت ضد ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق؛ استناداً إلى تفاوت سعر الدولار في السوق السوداء، لكن في الحملة الحالية يدعو أعضاؤها إلى مقاطعة التجار الجشعين، بعد إلغاء جمارك السيارات الأوروبية».
وأضاف شعبان: إن «تأثير حملة المقاطعة كان سريعاً جداً؛ إذ تشهد الأسواق حالياً ركوداً كبيراً في عمليات البيع على الرغم من تدشين الحملة منذ أيام قليلة». ولفت إلى أن «ما كتبه أعضاء الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مكاسب التجار والموزعين الكبيرة، كان له مردود كبير على انخفاض المبيعات بشكل لافت، ولجأ هؤلاء إلى ترديد ذلك على الرغم من عدم دقة ما ذكروه للضغط على الموزعين والوكلاء لتخفيض الأسعار؛ لأنهم ظنوا أن أسعار السيارات ستنخفض بنحو 40 في المائة بعد إلغاء الجمارك عن السيارات». موضحاً أن «تخفيضات الموزعين لم ترضِ الفئة المتوسطة التي تتراوح أسعار السيارات فيها ما بين 300 ألف جنيه و500 ألف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)؛ لأن نسبة التخفيض لم تزد على 8 في المائة من سعر السيارة، وهم يريدون عدم زيادة ربح الموزع والتاجر عن 10 في المائة فقط؛ لأنهم يزعمون أن هامش ربحه يصل إلى أكثر من 25 في المائة من سعر السيارة الحقيقي».
وتابع خبير السيارات: إن «الفئة الغنية هي أكثر فئة استفادت من إلغاء الجمارك على السيارات الفارهة؛ لأن سعر بعض الموديلات كان يصل إلى 4 ملايين جنيه وأصبح بعد التخفيض 3 ملايين جنيه فقط».
وعن تأثر الوكلاء والموزعين والتجار بالحملة على المدى الطويل، قال شعبان: إن «الوكلاء لديهم سيولة مالية كبيرة ورأسمال كبير، يستطيعون من خلاله امتصاص صدمة المقاطعة، لكن الموزعين والتجار سيتأثرون بشدة خلال الفترة القصيرة المقبلة؛ لأنه ملتزم بأجور عاملين وإيجار المحال، وسيولته المادية ليست كبيرة بحيث تغطي ركود حركة البيع».
من جانبه، قال خالد حميدو، أحد موزعي السيارات في مصر، في تصريحات تلفزيونية: إن «هناك هبوطاً في أسعار السيارات بعد تطبيق الشريحة الأخيرة من التخفيضات الجمركية على السيارات ذات المنشأ الأوروبي، وهو ما يعرف بـاسم (زيرو جمارك)، لكن ذلك لا يعني أن السيارات ستنخفض أسعارها بنسبة 50 في المائة كما يعتقد البعض». وأضاف: «الحملات التي يطلقها البعض خلال الوقت الراهن تحت مسمى (خليها تصدّي) وغيرها، بهدف مقاطعة شراء السيارات تضر بالاقتصاد المصري؛ لأنها سلعة بها معاملات مالية ضخمة وليست سلعة يحتكرها شخص معين، وقائم عليها آلاف الأسر ممن يعملون في قطاع السيارات».
وقال الدكتور نور الدين درويش، نائب رئيس شعبة السيارات بالغرف التجارية، في تصريحات تلفزيونية، أول من أمس: إن «الشركات الأم تضيف 4 في المائة سنوياً على سعر السيارة الأصلي، فضلاً عن هامش الربح». وأضاف: «السيارات تُضاف إليها رسوم تنمية ومصاريف أخرى، من تمويل وضمان ورسوم ملكية ومناطق حرة، ومكاسب الوكلاء والموزعين»، ناصحاً التجار، بأن «يقبلوا الخسارة هذه الأيام حتى تدور العجلة مرة أخرى».
إلى ذلك، قال محمد راضي، مؤسس حملة «خليها تصدّي» في تصريحات صحافية: إن «هناك فجوة كبيرة بين سعر شراء السيارة الأصلي وسعر البيع في مصر، حيث توجد مبالغة كبيرة من قِبل التجار والموزعين في أسعار السيارات المعلنة بالسوق». وأوضح أن «حملة (خليها تصدّي)، هدفها خفض أسعار السيارات بعد حساب هامش ربح معقول، مشيراً إلى أن السوق المصرية الآن تشهد استقراراً في أسعار الصرف».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».