تقرير أميركي يحذر من «الإرهاب العشوائي»

يقوم به «شخص عاقل»... لكنه يؤمن بأفكار سياسية متطرفة

TT

تقرير أميركي يحذر من «الإرهاب العشوائي»

حذر تقرير أميركي من تزايد ما يسميه خبراء الإرهاب «الإرهاب العشوائي»، إشارة إلى أنه ليس منظماً، أو منتظماً، ومن دون تنسيق مع آخرين، ويسبقه غضب سياسي، ويمكن أن يحدث في أي مكان وأي زمان، ويقوم به «شخص عاقل جداً، لكنه يؤمن بأفكار سياسية متطرفة، أوصلته مرحلة الغضب الشديد الذي أوصله إلى عمل إرهابي».
وقالت مجلة «وايارد»، التي نشرت مقتطفات من التقرير أمس (الاثنين)، أن «الديماغوغية السياسية» هي السبب الرئيسي لهذا النوع من الإرهاب، وأنها زادت في الولايات المتحدة خلال الأعوام القليلة الماضية، وبخاصة بسبب سياسات الرئيس دونالد ترمب، «من جانب مؤيديه، ومن جانب معارضيه على حد سواء. لا تجمعهم الآيديولوجية، لكن يجمعهم الغضب الشديد».
وأشار التقرير إلى ما حدث عام 2017، عندما أرسل سيزار سايوك، من مؤيدي ترمب المتطرفين، قنبلة إلى رئاسة تلفزيون «سي إن إن» في أتلانتا (ولاية جورجيا). وفي وقت لاحق، اعترف للمحققين بأن «الغضب الشديد على ناقدي ترمب هو الذي دفعه ليفعل ما فعل». وقال التقرير: «لم يطلب أحد من سايوك أن يفعل ذلك، ولم يدخل سايوك في نقاش مع أحد عن خطته، ولم يُعرف عنه غضب واضح، لكن، صار معروفاً أن غضبه الشديد كان يغلي في أعماقه».
وأشار التقرير، أيضاً، إلى ما حدث عام 2011، عندما أطلق معارض سياسي لعضو الكونغرس غابى جيفوردز، النار عليها، ونجت من الموت بأعجوبة. وإنه، في ذلك الوقت، بدأ الحديث عن «الإرهاب العشوائي»؛ لأن الرجل الذي أطلق النار عليها لم تكن له سوابق إجرامية، وكان رب عائلة مستقرة، حتى تغلب عليه غضبه الشديد».
وقال التقرير: «لا يجب أن يستغرب أي شخص إذا شاهدنا مزيداً من مثل هذا الإرهاب العشوائي في الظروف الحالية التي صار فيها غضب الناس، في اليمين وفي اليسار، يغلي في أعماقهم».
وانتقد التقرير السياسيين، محافظين وليبراليين، بأن تصريحات يدلون بها يمكن أن تزيد غضب «المنغمسين في متابعة التطورات السياسية، والذين، بعد أن كانوا يراقبون الأخبار، صاروا ينفعلون معها».
وأشار التقرير إلى ما حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما ثارت ضجة نتيجة وصف روبرت باورز، الذي قتل، في ذلك الوقت، 11 يهودياً في معبد يهودي، في بيتسبرغ (ولاية بنسلفانيا)، بأنه إرهابي، أو مختل عقلياً.
وكانت التقارير الإخبارية أشارت إلى أنه عبّر عن آراء متطرفة معادية لليهود، ومهاجمة المهاجرين، على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، ومنها قوله: إن اليهود «يرتكبون الإبادة الجماعية ضد البيض عن طريق تشجيع (غزوات) المهاجرين من أميركا الوسطى». وصار واضحاً أن «الرجل يحمل أفكاراً سياسية متطرفة، وأنها هي التي قادته إلى ارتكاب مذبحة المعبد اليهودي».
وانتقد التقرير وصف آراء متطرفة بأنها تشجع الإرهاب وآراء أخرى بأنها لا تشجعه. وقال: إن التطرف، عادة، يسهّل اللجوء إلى العنف، رغم اختلاف الدوافع. وأشار إلى تقرير صدر في نهاية العام الماضي من مركز تحليل المشكلات الاجتماعية في جامعة شمال تكساس عن نتائج بحث أوضح أن «أكثر الأميركيين يميلون نحو وصف الهجمات الإسلامية بأنها إرهاب، ووصف هجمات البيض المتطرفين بأنها بسبب أمراض عقلية».
وكان المركز اختار 1.198 مشاركاً أميركياً عن طريق خدمة إلكترونية تقدمها شركة «أمازون»، وأرسل إليهم أخباراً خيالية عن محاولة إطلاق النار في مدينة أميركية، وإحباطها. وطلب المركز من المشاركين وصف هذه الأخبار، وتمييز نوع العنف من خلال الخيارات التالية: الإرهاب، إطلاق النار الجماعي، القتل الفردي، عنف العصابات، و«غير معروف».
قسّم المركز المشاركين إلى ست مجموعات، تضم كل مجموعة 200 مشاركاً تقريباً، وأعطى كل مجموعة نسخة مختلفة عن الحادث نفسه».
وصفت واحدة من النسخ الشخص الذي حاول قتل آخرين بأنه «أبيض». ووصفته نسخة ثانية بأنه «أميركي عربي». وغيرها أنه «قناص أبيض ينتمي إلى مجموعة من البيض المتعصبين». ووصفته نسخة ثالثة بأنه «عربي أميركي ينتمي إلى جماعة إسلامية متطرفة». ونسخة رابعه بأنه «من أصل عرقي غير معروف، وينتمي إلى منظمة متطرفة غير محددة».
وأوضحت النتائج، أن وصف «إرهابي» أطلق على «الأميركي العربي» بنسبة 18 نقطة مئوية. لكن، فقط نسبة 9.5 في المائة وصفت «العنصري الأبيض» بأنه «إرهابي». وقالت نسبة 58 في المائة: إن «العربي الأميركي الذي ينتمي إلى جماعة متطرفة» هو «إرهابي».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.