فنون الهند المعاصرة بأنامل 15 تشكيلياً في معرض بالقاهرة

TT

فنون الهند المعاصرة بأنامل 15 تشكيلياً في معرض بالقاهرة

أبدع الفنانون الهنود منذ آلاف السنين في فنون الرسم والزخرفة والنحت على الجدران، وإلى الآن لا يزال هذا الإبداع الفني يتواصل مع الفنون التشكيلية المعاصرة. وكإطلالة على هذه الفنون، وفي أجواء فنية مجسدة لروح الهند؛ تحتضن العاصمة المصرية القاهرة حالياً معرضاً تشكيلياً يعكس التنوع الثقافي والحضاري لهذا البلد الآسيوي، وبما يشكل رؤية معاصرة لدى المصريين عن الفنون الهندية.
يشارك في المعرض، الذي يحتضنه غاليري «لمسات» للفنون في منطقة وسط القاهرة، 15 فناناً، وتشرف عليه مديرة الغاليري الدكتورة نيرمين شمس، التي توضح أن المعرض يكتسب أهميته من كونه أول معرض في مبادرة الغاليري لعام 2019 الهادفة إلى التبادل الثقافي عبر استضافة معارض تشكيلية من دول مختلفة، قائلة: «يُعتبَر الفن وسيلة للحوار الحسي بين المجتمعات منذ القدم وحتى يومنا هذا، فمنه نستطيع بث رسائل مفهومة لكل أصناف البشرية، متجاوزة حدود اللغات والأعراق والجنسيات».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «وفق هذه الرسالة السامية والهادفة؛ يأتي معرضنا الأول للمبادرة عن الهند، بهدف تعرف المتلقي المصري والعربي على الفن التشكيلي بالهند، بما يعكسه من ملامح البيئة المحلية والموروث والتراث الحضاري، وهو ما يجعل المعرض مناسبة للتبادل الثقافي وإثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر».
وتبيّن مديرة الغاليري أن لوحات المعرض هي لنخبة من أهم وأكبر الفنانين الذين يمثلون كل مدن الهند، والذين تم اختيارهم على أساس المستوى الفني الجيد، بما يجعل من المعرض فرصة مناسبة للربط والتلاقي الفني بين الفنانين من البلدين، وتعريف الفنانين المصريين عن قرب عن أهم الأساليب الحديثة التي يمر بها الفن التشكيلي بدولة الهند، مما يعمل على توطيد التبادل الفكري الإبداعي.
وحول أعمال المعرض، تلفت شمس إلى أن الفن التشكيلي الهندي مميز بالخطوط والأشكال والألوان الساخنة التي تخاطب العين، كما لا تخلو من الإحساس الروحاني، وهو ما تعكسه اللوحات المشاركة، البالغ عددها 25 لوحة، كما أنها تجسد لمحات من الطبيعة التي تتسم بها الهند أو تعطي أبعاداً جديدة لشخصية الإنسان، وجميعها تؤكد مهارات الفنانين المشاركين من حيث استخدام خامات وأساليب متعددة ووضعها في رؤى تشكيلية متنوعة.
من بين الفنانين المشاركين، الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، تقول بارفاتي كوتارابو: «أشارك بلوحتين في المعرض، حيث أعبر في إحداهما عن معاناة المرأة الهندية، فكثير من السيدات لديهن مشكلات مجتمعية عديدة، إلى جانب تحملهن مسؤوليات داخل المنزل وخارجه، فأنا أقول لها تخلصي من همومك وحاولي أن تتحلي بالشجاعة بما يكفي لتواصلي حياتك، أما اللوحة الأخرى فهي نقل لأحد مشاهد الطبيعة النباتية في الهند».
أما الفنان شيمال موخيرجي، والذي ينتمي إلى منطقة كلاكاتا بشرق الهند، فيثمّن فكرة المعرض بما يؤكد على التواصل الثقافي بين مصر والهند، ويوضح أنه يتخصص في الرسم على الزجاج بطريقة عكسية، أي الرسم في خلفية الزجاج ثم عرضه بقلب اللوحة، وهو الأسلوب الذي يتميز به منذ أكثر من 42 عاماً، لافتاً إلى أن أعماله يعبر فيها دائماً عن الأشخاص، مع استخدام الألوان التي تعبر عن طبيعتهم الحقيقية.



دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
TT

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

تُعد دراما السيرة الذاتية للمشاهير والشخصيات العامة من أهم أنواع الدراما التي يُقبل عليها المشاهد عالمياً، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه هذا النوع الدرامي تتعلق بالصراع مع الورثة حول أحقية تقديم العمل من عدمه، وفق متابعين ونقاد.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا وسائل إعلام بتصريحات على لسان الممثل كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز أنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي».

في حين أن محمود عبد العزيز قدم أحد أشهر مسلسلات السيرة الذاتية وهو «رأفت الهجان» عن قصة عميل المخابرات المصرية الذي عاش في إسرائيل رفعت الجمال، وحقّق العمل الذي بُث الجزء الأول منه لأول مرة عام 1988 نجاحاً ساحقاً في أجزائه الثلاثة.

مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

وعلى الرغم من أن الفنان الراحل أحمد زكي قدم 3 أفلام سيرة ذاتية عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ناصر 56» عام 1996، والرئيس الراحل أنور السادات «أيام السادات» عام 2001، والمطرب الراحل عبد الحليم حافظ «حليم» عام 2006، بيد أن شقيقته إيمان زكي رفضت رفضاً قاطعاً تقديم قصة حياته في مسلسل.

حق عام بضوابط

قال حسن حافظ الباحث في تاريخ مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني». وتابع: «بيد أن هناك بعض المعايير، أهمها الاحتفاظ بالسياق التاريخي للأحداث دون تزييف، مع حق المبدع أن يتعمّق في دوافع الشخصية لفهم القرارات التي اتخذتها، وهنا يكون الورثة أحد مكونات عملية البحث، مع التدقيق في ما يقولونه».

أمر آخر لا بد من أخذه في عين الاعتبار حسب حافظ، وهو أن العمل الدرامي لا يحكي قصة الشخصية العامة كما جرت بالضبط، بل هو مبني في جزء منه على الخيال، بعكس العمل الوثائقي.

ويتفق معه الناقد الفني أمجد مصطفى، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يحق للورثة حتى طلب أموال مقابل السماح بتناول القصة، ولكن من حقهم الاطمئنان لخروج العمل الدرامي دون تشويه للشخصية، فهناك بعض كتاب الأعمال الدرامية الذين يتعمدون إضافة أشياء قد تكون غير حقيقية وربما جارحة من أجل التشويق والإثارة».

ولفت إلى أن ذلك لا يعني أن العمل الدرامي يجب أن يُركّز فقط على الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية، فهناك أمور قد لا تفيد في رصد حياة الشخصية، وفق مصطفى.

تخليد للشخصية وشركائها

من أهم السير التي قّدّمت وخلقت حالة في مصر، مسلسل «أم كلثوم» (إنتاج 1999)، وحقق نجاحاً كبيراً، وفق نقاد، ومع ذلك يقول حسن حافظ إن «هذا المسلسل قدم سيرة بيضاء لأم كلثوم، ولم ينخرط مثلاً في صراعاتها مع نجوم عصرها».

في حين يرى أمجد مصطفى أن «مسلسل (أم كلثوم) إلى جانب أنه يخلّد سيرتها، فإنه كذلك يرصد حياة جميع من شاركوا في قصة نجاحها من ملحنين وشعراء، ولكن هذا المسلسل مثلاً تجاهل دور الموسيقار محمد الموجي في حياة أم كلثوم، ومن هنا يجب على كاتب دراما السيرة الذاتية أن يكون أميناً في الرصد».

سيرة أم كلثوم في مسلسل من بطولة صابرين (يوتيوب)

الجدية شرط النجاح

على المستوى العالمي هناك انفتاح لتقديم دراما السيرة الذاتية سواء في أميركا أو أوروبا، مثل مسلسل «كليوباترا» الذي عرضته منصة «نتفليكس» الأميركية في مايو (أيار) 2023 وأثار الجدل لأنه قدم الملكة المصرية الفرعونية ذات بشرة سمراء، وهو ما عدّته السلطات المصرية «تزييفاً للتاريخ»؛ لأن المصادر تؤكد أن كليوباترا كانت بشرتها فاتحة اللون.

في حين أن مسلسل «التاج» (The Crown)، الذي يتناول سيرة الملكة إليزابيث الثانية، حقق نجاحاً كبيراً.

ويُرجع حافظ سبب نجاحه إلى «ما لمسه المشاهد من جدية القائمين عليه لتقديمه في أحسن صورة وأدق تفاصيل».

وشدّد على أن «غياب الجدّية والدقة تسبب في فشل مسلسلات عن سير المشاهير في مصر خلال السنوات الأخيرة، مثل مسلسلات (العندليب) عن سيرة عبد الحليم حافظ، و(السندريلا) عن سيرة سعاد حسني، و(الضاحك الباكي) عن سيرة نجيب الريحاني».

ويرى أمجد مصطفى كذلك أن «فيلم حليم لأنه كان في آخر أيام أحمد زكي وقت مرضه أُنجز بسرعة ولم يكن متّقناً بالقدر اللازم لنجاحه».

تصبح المهمة أسهل حينما تكون للشخصية المشهورة مذكرات كتبتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت، الذي يقول نجله الشاعر محمد بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يواجه والدي مشكلات مع الورثة عند كتابة الفيلم لأنه اعتمد على كتاب البحث عن الذات للرئيس السادات، وكذلك بعض كتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأيضاً مذكرات جيهان السادات التي كانت على قيد الحياة وقتها وأثنت على سيناريو الفيلم قبل تصويره حينما عرضه عليها والدي والفنان أحمد زكي».

أحمد زكي في فيلم «أيام السادات» (فيسبوك)

موقف القانون

وعن موقف القانون من دراما السيرة الذاتية يقول المحامي بالنقض محمد إصلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وفق المبادئ القانونية المستقرة في القانون المدني المصري فإن مجرد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى، ولا يستطيعون رفع دعوى منع ما لم يتمكنوا من إثبات تحقّق هذا الضرر للمحكمة من واقع العمل الفني».