يصف المزارعون ما يخرج من نخيل البلح من جريد وسعف وخوص بـ«مخلفات»، بينما تسعى أبحاث علمية لتغيير تلك النظرة لهذه الأشياء، عبر تحويلها لمنتجات مفيدة. وأطلق مؤتمر دولي استضافته مدينة أسوان المصرية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اسم «نواتج النخيل الثانوية»، للإشارة لهذه المخرجات، لنفي صفة «المخلف» عنها، وفق أبحاث تم عرضها.
نتاجات النحيل
محمد درويش، أحد مؤسسي شركة تسمى «جريد» عرض تجربة إنتاج الأخشاب من «جريد النخيل»، عبر ماكينات خاصة. وقال شارحا تجربته: «لدى مصر 14 مليون نخلة، تنتج عنها كميات جريد ضخمة يمكن أن تدخل في إنتاج الأخشاب عبر عدة خطوات، تبدأ بإزالة الخوص، ثم تجفيفه وتقطيعه ثلاث قطع، وتخزينه تهيئه لعملية التسديب، التي تتم من خلال ماكينة خاصة ابتكرها باحثو كلية الهندسة جامعة عين شمس، وفيها يتم تحويل كل قطعة من القطع الثلاث لقطع صغيرة بتقطيعها طوليا، ثم تجمع القطع الصغيرة معا في شكل مستطيل من خلال ماكينة كبس خاصة ابتكرها أيضا باحثو كلية الهندسة». بعد ذلك، تأتي عملية تسمى «التقصيب»، وفيها يتم تهذيب شكل القطعة الخشبية، ثم تجمع القطع لإنتاج لوح خشبي.
ويقول درويش لـ«الشرق الأوسط»: «جودة خشب جريد النخيل لا تقل عن أخشاب الأشجار التقليدية، وفق اختبارات أجريت في معهد ميونيخ للأخشاب».
الألياف والسعف
كما عرضت استخدامات أخرى اعتمدت على توظيف ألياف نواتج النخيل، حيث قدم الباحث التونسي رمزي خيالي تجربته في إنتاج الورق، تبدأ باستخراج ألياف السيللوز منها بطريقة استخراجها نفسها من الأخشاب لتصنيع الورق، مع إضافة خاصة بالباحث حصل بموجبها على براءة اختراع دولية، تتعلق بمواد إضافية تسمح باستخراج سهل للألياف، لتكون الألياف مهيأة للدخول على ماكينات تصنيع الورق.
يقول خيالي لـ«الشرق الأوسط» إن «تصنيع الورق من ألياف نواتج النخيل تم تحت إشرافه في أحد مصانع الورق الفرنسية، ولم يسجل القائمون عليها أي اختلافات بين هذه الخامة والتقليدية المستخدمة».
وكانت الألياف ذاتها موضوعا لبحثا آخر عرضه الباحث مصطفى رجب، المدرس بجامعة بني سويف المصرية، الذي نجح في استخدامها لإنتاج ما يعرف بـ«البلاستيك الحيوي». ويقول رجب: «هذا النوع من البلاستيك المصنع من سيللوز نواتج النخيل الثانوية يختلف عن البلاستيك التقليدي في أن له عمرا افتراضيا ولا يسبب تلوثا للبيئة لأنه مصنع من مكونات عضوية، كما يمكن التحكم في عمره الافتراضي».
وأوضح رجب لـ«الشرق الأوسط»، أن البلاستيك الحيوي المصنع من نواتج النخيل لا يقل في جودته عن التقليدي، ومن المتوقع أن يكون سعره أقل بمعدل يصل لـ20 في المائة، إضافة إلى أنه آمن بيئيا.
ومثل كثير من النواتج الثانوية لبعض المحاصيل الزراعية، التي حولها باحثون لكربون نشط، كانت نواتج النخيل الثانوية مجالا للمنتج نفسه، ونجح فريق بحثي تونسي بقيادة الباحث يونس مساوي، في التوصل لطريقة تعتمد على تحويل سعف النخيل إلى كربون نشط باستخدام عامل حفاز هو هيدروكسيد الصوديوم.
تحدث مساوي، خلال المؤتمر، عن خصائص الكربون النشط المعد من سعف النخيل من حيث درجة الحموضة، مؤكدا أنه «لا يوجد أي اختلاف بين هذا النوع والأنواع المصنعة من مصادر أخرى».
والكربون النشط فحم مسامي يتميز بمساحة سطح عالية جدا، تجعله قادرا من الناحية الكيميائية على التقاط غازات ضارة، لذلك فإن أغلب تطبيقاته في المجال الصناعي، كما أن له استخدامات طبية، حيث يستخدم كدواء معالج لأي مرض تنتشر فيه غازات سامة بالجهاز الهضمي.