الإعلام العربي المطبوع انتقل في نصف قرن من الرصاص إلى الرقمية

تطورت صناعة الورق في سبعينات القرن الماضي مع ازدهار الصحافة المهاجرة

قسم التصميم والإخراج في ثمانينات القرن الماضي بمقر «الشرق الأوسط» اللندني
قسم التصميم والإخراج في ثمانينات القرن الماضي بمقر «الشرق الأوسط» اللندني
TT

الإعلام العربي المطبوع انتقل في نصف قرن من الرصاص إلى الرقمية

قسم التصميم والإخراج في ثمانينات القرن الماضي بمقر «الشرق الأوسط» اللندني
قسم التصميم والإخراج في ثمانينات القرن الماضي بمقر «الشرق الأوسط» اللندني

يمكن القول، إن الإعلام العربي المطبوع تطور في الخمسين عاماً الأخيرة أكثر مما تطور طوال تاريخه الممتد لأكثر من قرن ونصف القرن. وكانت التجربة اللندنية رائدة في هذا التحول الجذري الذي انتقل بالإعلام من عصر الرصاص والحبر إلى عصر التقنيات الرقمية.
من خاض مجال الصحافة المطبوعة في ستينات وسبعينات القرن الماضي، يعرف تماماً أنها كانت صناعة ثقيلة يمتزج فيها الحبر بالرصاص المصهور. وهي مرحلة كان الصحافيون فيها يتعالون على الآلة الكاتبة على اعتبار أنها من تخصص السكرتيرات وعمال الطباعة. كانت المقالات تسلم بخط اليد لتنقل معاناة فك شفرتها إلى من ينقلها إلى كلمات مطبوعة.
لم يكن تعلّم الكتابة على الآلة الكاتبة من ضرورات العمل الصحافي، على عكس من تعلم الصحافة في الجامعات الأجنبية، حيث كان تعلم الكتابة بسرعة الآلة الكاتبة من ضرورات التحضير قبل دخول السنة الأولى لدراسة الإعلام. وكانت المقالات المكتوبة بخط اليد تنتقل إلى عمال الصف الذين يعملون على أجهزة صب أعمدة الرصاص، الذي يعاد صهره واستخدامه مرات ومرات.
ألواح الرصاص كانت تخرج بحروف المقالات والصور بارزة عليها، ولقراءة النصوص وتصحيحها كان يتعين تغطية الحروف الرصاصية بطبقة من الحبر الأسود، ثم تغطية الحروف بأوراق كبيرة بحجم صفحات الجرائد العريضة. ومع الضغط على الورق بعجلة مطاطية تشبه أدوات دهان الحوائط ينطبع الحبر على الورق، ويمكن قراءة النص كما سيظهر على صفحات الجريدة في اليوم التالي.
هذه الصفحات المطبوعة تذهب إلى المصحح للتأكد من عدم وجود أخطاء مطبعية أو إملائية. وفي حالة اصطياد خطأ كان يتعين إعادة صف سطر العمود الذي يتكون في الغالب من خمس كلمات.
الأخطاء الشائعة في ذلك الزمان لم يكن أغلبها من الكاتب وحده، وإنما ترتكب ما بين المصحح ومركب الصفحة أيضاً. ففي مرات كثيرة كان عامل الصف يصحح الكلمة الخطأ ويرتكب خطأ آخر في كلمة أو أكثر من الكلمات الخمس في السطر الجديد الذي يتم تركيبه. وأحياناً يتم تصحيح السطر على ما يرام، لكن الخطأ يأتي من عامل الصف الذي كان يجب عليه أن يلتقط السطر الخطأ بملقط ويسقط مكانه السطر الصحيح، لكنه يخطئ في رفع السطر الأعلى أو الأسفل ويسقط مكانه السطر المصحح لتخرج الصحيفة وفيها سطران متشابهان، أحدهما صحيح والآخر به خطأ.
وقبل أن تفرض بعض الصحف الرقابة الذاتية ضمن إدارة تحريرها، كانت الصحف الحكومية في الماضي يعمل بها موظف حكومي رسمي اسمه «الرقيب». ولا يتم السماح بطباعة أي صفحة من دون توقيع الرقيب.
وتكررت تصريحات إلغاء الرقابة على الصحف من وزارات الإعلام التي كانت تكتسب أسماء تناسب العصر مثل «وزارة الإرشاد» أو «وزارة المعارف». لكن المرة الوحيدة التي صدق فيها الجمهور إلغاء الرقابة في مصر كانت في عصر الرئيس الراحل أنور السادات عندما تظاهر جمهور من «الرقباء» في وسط القاهرة بعدما فقدوا وظائفهم.
لكن إذا كان الجمهور قد صدق هذه الرواية بشواهد الرقباء الذين فقدوا وظائفهم، فإن الأمر اختلف مع طلبة الإعلام في الجامعة الأميركية بالقاهرة في ذلك الحين. فقد كانوا يطبعون صحيفة جامعتهم، وهي صحيفة تابلويد باللغتين العربية والإنجليزية تسمى «القافلة»، وتطبع في مطابع جريدة «الجمهورية» في شارع الشيخ ريحان في القاهرة. تضمنت الصحيفة مقالاً في الصفحة الأولى فيه انتقاد شديد للسادات وحكومته، كان الغرض منه اختبار صحة إلغاء الرقابة. لكن «الرقيب الجديد» أوقف طباعة «القافلة» حتى يتم تغيير المقال. ولما أزال رئيس تحرير «القافلة» المقال وترك مكانه مساحة بيضاء، رفض الرقيب أيضاً هذا الحل حتى لا ينكشف أمر استمرار الرقابة الحكومية على الصحف.
لم تتغير أحوال أو تقنيات الصحافة العربية كثيراً حتى نهاية سبعينات القرن المنصرم، أو بالأحرى حتى ظهور الصحافة المهاجرة إلى باريس ولندن بفعل الحرب الأهلية اللبنانية من ناحية، وبداية مشروعات الصحافة العربية في لندن.
فمنذ البدايات لصحف ومجلات لندن، وأهمها «الشرق الأوسط» و«المجلة» و«العرب» و«التضامن» و«الدستور»، اختفى الرصاص والأحبار وحلّ مكانها آلات حديثة، منها ما يحوّل الكلمات إلى شرائط ممغنطة يتم تحميضها لتخرج على شكل أعمدة مطبوعة على ورق مصقول، ومنها ما كان يختزل مرحلة التحميض في غرفة مظلمة لتخرج مباشرة إلى طاولات الصف.
في هذه المرحلة أيضاً لم يتم الاستغناء عن موظفي الصف؛ لأن معظم الصحافيين، وخصوصاً الجيل القديم منهم، لم يكن قد تعلم بعد تسليم المقالات مصفوفة، سواء على آلة كاتبة أو على جهاز كومبيوتر.
ومن ناحية الإخراج، بدأ الأمر بطاولات عريضة عليها أوانٍ تحتوي على شمع مسال لاستخدامه في لصق أعمدة المقالات والصور على الصفحات قبل إرسالها إلى الطباعة. لكن الأمر تطور تدريجياً إلى تصميم الصفحات على الكومبيوتر سواء في الصحف أو المجلات.
شمل التطور أيضاً مجال الطباعة والتوزيع في أكثر من موقع جغرافي. وخلال المرحلة اللندنية كانت الصحف والمجلات تشحن في الطائرات، بأوزان ثقيلة وتكلفة عالية، لكي تصل إلى أسواق التوزيع في بلدان الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.
تطور الأمر بعد ذلك، وبقيادة ملموسة من صحيفة «الشرق الأوسط»، إلى الطباعة الإلكترونية الرقمية، حيث يتم إخراج الصحيفة في لندن وإرسال أفلام الصفحات إلكترونياً حول العالم ليتم طباعتها في المواقع التي تريدها الصحيفة من دون أوزان ثقيلة، ولا تكاليف شحن باهظة.
الريادة في تطويع التكنولوجيا من صحيفة «الشرق الأوسط» لم تكن غائبة عن أعين إدارات الصحف والمجلات العربية في بلدانها. ومن أجل الاستفادة من هذه التجربة الرائدة أرسلت الكثير من المطبوعات العربية المحلية وفودها إلى «الشرق الأوسط» في لندن لكي تطلع على التجربة، وتستفيد منها في تطوير الصحف المحلية.
كانت هذه مرحلة التسعينات وبداية الألفية. كما كانت أيضاً مرحلة نشأة جيل جديد من الصحافيين المؤهلين تقنياً، بحيث يتم تسليم المقالات منهم مصفوفة بعد مراجعتها، بحيث تكون جاهزة للتركيب على الصفحات. وبهذا أمكن للصحف الاستغناء عن فرق كاملة من عمال الصف. وهناك من الصحافيين والصحافيات من يستطيع أيضاً استعمال عناصر التصميم لإكمال مهمة تصميم الصفحات. لكن هذا الجانب ما زال يعتمد على خبرة التصميم الغرافيكي المحترف من فنانين لهم خبرة طويلة.
الجيل المتوسط بين القدامى والجدد تحمّل أعباء التحول التقني السريع واضطر إلى التأقلم عليه أكثر من مرة. في البداية، عمّمت الشركة السعودية على كل المطبوعات استخدام أجهزة «آبل» لكي يصف المحررون مقالاتهم على برنامج عربي اسمه «الناشر المكتبي». وكان تصميم الصفحات أيضاً يتم على أجهزة وبرامج «آبل».
استمر هذا الحال سنوات عدة في منتصف التسعينات حتى تفوقت أجهزة «بي سي» وبرامجها على «آبل» بفضل شركات مثل «مايكروسوفت» وغيرها. ولم يكن في الإمكان إرسال مقالات «الناشر المكتبي» بالبريد الإلكتروني، وإنما تعين استخدام الفاكس، فكانت مقالات المكاتب يتم صفها مرة أخرى في لندن. فاتخذت الشركة السعودية قرارها الجريء مرة أخرى بالتحول إلى أجهزة «بي سي» والاستغناء تماماً عن أجهزة «آبل» في الصف وفي الإخراج.
وكان على جيل الوسط من الصحافيين إعادة تعلم الصف على أجهزة «بي سي»، حيث مواقع الحروف العربية مختلف عنها في أجهزة «آبل». ومع مرور الوقت اتضح أن القرار بالتحول إلى أجهزة «بي سي» كان هو القرار الصحيح. واتبعت النموذج نفسه بقية الصحف العربية في بلدانها.
ثم دخل الإعلام المطبوع المرحلة الرقمية بإنشاء مواقع إخبارية توفر الجديد على مدار الساعة.
ويمكن القول على مدخل عشرينات القرن: إن الصحافة العربية لا تقل من الناحية التقنية عن الصحافة العالمية، بل تتقدم تقنياً على بعضها.
ومن ناحية الانتشار لم يعد الاطلاع على صحيفة يومية، مثل «الشرق الأوسط»، يقتصر على شراء المطبوعة وقراءتها ورقياً، وإنما أيضاً يتم عبر تصفح الجريدة على الإنترنت. وهكذا، فإن قراء «الشرق الأوسط» الفعليين هم بالملايين وينتشرون في جميع أنحاء العالم. وتوفر لهم الصحيفة مصدراً متجدداً للأخبار الإقليمية التي لا تنحصر داخل بلد واحد، مثل معظم الصحف الأخرى، بلا شروط اشتراك أو تكلفة مالية أو موانع للدخول الحر لتصفح كافة محتويات الصحيفة يومياً.
وعبر سنوات التطور في نصف القرن الأخير لم يقتصر الأمر على الجوانب التقنية، وإنما ارتقى جانب التحرير أيضاً. وتشير التجارب العملية أن «الشرق الأوسط» تتمتع بمصداقية عالية بفضل رصانة الأسلوب وسمعة الكتاب فيها والالتزام بمعايير الإعلام العالمي لأنها تصدر وفق معايير عالمية.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».