حفل غنائي في بيروت لإنقاذ رمز رياضي وطني

يحييه رامي عياش وميشال فاضل وهشام حداد

الفنان هشام حداد يشارك في حفل نادي الحكمة من دون مقابل مادي
الفنان هشام حداد يشارك في حفل نادي الحكمة من دون مقابل مادي
TT

حفل غنائي في بيروت لإنقاذ رمز رياضي وطني

الفنان هشام حداد يشارك في حفل نادي الحكمة من دون مقابل مادي
الفنان هشام حداد يشارك في حفل نادي الحكمة من دون مقابل مادي

لم يتوان عدد من الفنانين اللبنانيين عن تلبية دعوة إدارة نادي الحكمة في بيروت لإحياء حفل غنائي في «فوروم دي بيروت»، يعود ريعه للنادي المذكور. ففي 2 فبراير (شباط) المقبل، سيجتمع كل من المطرب رامي عياش والموسيقي ميشال فاضل والمقدم التلفزيوني والممثل هشام حداد إضافة إلى عدد آخر من الفنانين، ليقدموا أمسية فنّية أمام نحو 4000 شخص سيساهم ريعها في إعادة وقوف «نادي الحكمة الرياضي» على قدميه من جديد. ومن المنتظر أن يؤدي عياش باقة من أغانيه المعروفة فيما يطلّ ميشال فاضل على الحضور بعزف على البيانو. أمّا الممثل والمقدم التلفزيوني هشام حداد فسيلوّن السهرة بقفشات واسكتشات ساخرة وأدائه لأغانٍ مأخوذة من برنامجه التلفزيوني «لهون وبس» الذي يعرض على شاشة «إل بي سي أي». كما يشارك في الحفل فنانون آخرون من فريق «أو ميشيل» يؤدّون أغاني غربية وأخرى عربية.
فهذا النادي اللبناني العريق الذي يشكّل أحد الرّموز الوطنية في عالم الرياضة، بات يعاني مؤخرا من الإفلاس ومن توقف نشاطاته في ظل الضّائقة المالية التي يمر بها. وانطلاقا من فكرة إعادة إحيائه وتشجيع لاعبيه على ممارسة مهمتهم في أجواء ملائمة وسليمة قرّر ميشال أبو عبدو (عضو مجلس الأمناء في النّادي) إقامة هذا الحفل. «سيكون واحدا من سلسلة نشاطات نخطّط لتنفيذها بمؤازرة الإدارة الجديدة لنادي الحكمة مع رئيسها إيلي يحشوشي». يقول أبو عبدو في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «لا يخفى على أحد بأنّ هذا النّادي العريق الذي حقّق بطولات عربية ومحلية في عالم كرة السّلة يعاني من ضائقة مالية ساهمت في تراجعه. ولذلك قرّرنا مع أصدقاء نادي الحكمة ورئيس النادي، وضع خطّة عمل تساهم في إنقاذ هذا النادي وتعيده إلى الواجهة». وتسعى هذه الخطة المرتكزة على أفكار أكاديمية وأخرى ترفيهية إلى تأمين مداخيل ثابتة للنّادي تصبّ في خدمته وذلك في ظل إدارة جديدة تطمح إلى إجراء تغييرات كثيرة في طبيعة إيقاع أعماله على الأرض. ويوضح ميشال أبو عبدو في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الحفل سيؤمّن للنّادي دون شك، إيرادات جيّدة تمثّل البداية لمشاريع عدة مشابهة. واللافت في الموضوع هو أن بعض الفنانين المشاركين فيه رفضوا أن ينالوا أجرا على مشاركتهم، فيما وافقت نسبة أخرى على مبالغ مالية رمزيّة مساهمة منها في إعادة إحياء هذا النادي».
ويشير المقدم التلفزيوني هشام حداد أحد المشاركين الأساسيين في هذا الحفل، بأنّ نادي الحكمة الرياضي، كما غيره من اللبنانيين، يعني له الكثير على الصعيد الوطني. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتردّد ولا للحظة في المشاركة بهذا الحفل الذي يعود ريعه لإنقاذ نادي الحكمة. وأنا شخصيا تطوّعت لهذه المهمة لأنّني أشعر بمسؤوليتي كواحد من جمهور النادي لمساندته ومساعدته للخروج من محنته».
وقد بدأ نادي الحكمة ببيروت يعاني من أزمة مالية منذ فترة، أدّت إلى انقسامات حادة في إدارته لا سيما أنّ مشكلة تمويله وقفت عائقا أساسيا لاستعادة دوره الرّيادي على الأرض. ولم تنحصر الأزمة بفريق لاعبيه لكرة السّلة بل امتدت إلى فريقه الكروي الذي علّق نشاطاته وتمريناته إلى حين حصول لاعبيه على مستحقاتهم المالية.
وشهد نادي الحكمة نجاحات وبطولات عديدة أنجزها في مسيرته الرياضية أثناء تولي إدارته من قبل رجل الأعمال الراحل أنطوان الشويري، وليبدأ بالتراجع بشكل لافت في السنوات الأخيرة. ويتأمل اللبنانيون اليوم بعد انتخاب رئيس جديد له (إيلي يحشوشي)، أنّ يستعيد هذا النادي العريق موقعه على السّاحتين المحلية والعربية.
والمعروف أنّ نادي الحكمة بيروت تأسس في عام 1943. وهو يشارك في الدوري اللبناني لكرة السّلة، وكذلك في دوري كرة القدم، ويصنّف حالياً في الدّرجة الثانية. أمّا زي فريق كرة السلة فهو الأبيض مع خطوط خضراء، فيما يرتدي فريق كرة القدم الملابس الخضراء ولذلك استحق لقب «النادي الأخضر». فاز فريق كرة السّلة ببطولات عديدة من بينها بطولة آسيا لكرة السلة ثلاث مرات وبطولة الأندية العربية مرتين. ومن أشهر لاعبيه في فترته الذهبية إيلي مشنتف وفادي الخطيب اللذين شكّلا في مطلع التسعينات ثنائيا رياضياً لا يستهان به، بعد أن سجّلا معاً انتصارات كبيرة للنادي المذكور.
جدير ذكره، أنّ فريق كرة السلة يُدرّبه فؤاد أبو شقرا، بينما يدرب فريق كرة القدم اللبناني حسن أيوب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».