سبت عاشر من مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا

رغم «النقاش الكبير» الذي أطلقه ماكرون لمعالجة مطالب المحتجين

رجال أمن بملابس مدنية يحملون بنادق ذخيرتها طلقات مطاطية استعداداً لأي مجابهة مع المتظاهرين في باريس أمس (أ.ف.ب)
رجال أمن بملابس مدنية يحملون بنادق ذخيرتها طلقات مطاطية استعداداً لأي مجابهة مع المتظاهرين في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

سبت عاشر من مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا

رجال أمن بملابس مدنية يحملون بنادق ذخيرتها طلقات مطاطية استعداداً لأي مجابهة مع المتظاهرين في باريس أمس (أ.ف.ب)
رجال أمن بملابس مدنية يحملون بنادق ذخيرتها طلقات مطاطية استعداداً لأي مجابهة مع المتظاهرين في باريس أمس (أ.ف.ب)

اتسمت احتجاجات حركة «السترات الصفراء» في عاشر سبت من كل أسبوع على التوالي بالسلمية، لكن كثيراً من المتاجر أغلقت أبوابها رغم ذلك تحسباً لوقوع مواجهات. وقال مصدر في الشرطة إن عدد المحتجين في باريس بلغ نحو 5 آلاف احتشد بعضهم قرب الشانزليزيه، فيما شهدت مدن أخرى كبرى في أنحاء فرنسا مظاهرات مماثلة. وشددت السلطات الإجراءات الأمنية بعد أن اشتبك متظاهرون مع الشرطة مراراً خلال الأسابيع الماضية. وقالت السلطات إنه تم نشر 80 ألف فرد من قوات الأمن في جميع أنحاء البلاد، من بينهم 5 آلاف في باريس. وهتف بعض المتظاهرين بشعارات مثل «ماكرون... استقل».
والسبت الماضي في 12 يناير (كانون الثاني)، تظاهر أكثر من 80 ألف شخص على الأقل بحسب أرقام السلطات، مقابل 50 ألفاً قبل ذلك بأسبوع، ما خيب آمال السلطات التي راهنت على استمرار انحسار حركة الاحتجاج الذي لوحظ أثناء احتفالات نهاية العام. وشهد نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2018، تجمع بضع مئات آلاف من المحتجين. وفشلت مجموعة من التدابير الاجتماعية التي قدمها الرئيس ماكرون، المحاصر بالمشكلات، في منتصف ديسمبر الماضي، في استرضاء منتقديه، وتوسعت المسيرات الاحتجاجية منذ ذلك الحين ضد حكومة يمين الوسط وسياساتها الإصلاحية.
واكتسبت المظاهرات اسمها من السترات الصفراء البراقة التي يتوجب على كل قائدي المركبات في فرنسا الاحتفاظ بها في سياراتهم. وانطلقت الاحتجاجات في منتصف نوفمبر بسبب ارتفاع الضرائب على الوقود التي ألغيت نتيجة للمظاهرات التي تحولت منذ ذلك الحين إلى احتجاجات ضد الحكومة بشكل عام.
وتسببت الاحتجاجات في ديسمبر في وقوع بعض أسوأ أعمال العنف التي شهدتها باريس في عقود، إذ أحرق المحتجون سيارات وألحقوا أضراراً بمتاجر وشركات.
ولم تشهد الاحتجاجات هذا الشهر المستوى نفسه من الاضطرابات. وأطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سلسلة من الحوارات والنقاشات الوطنية لمحاولة امتصاص غضب الرأي العام وتعزيز موقفه في الحكم. وقالت المتظاهرة صوفي تيسييه، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ماكرون لا يسمع ولا يفهم شيئاً مما يحدث، ونحاول أن نجعله يفتح عينيه. هناك معاناة إنسانية حقيقية».
وقال لوران نونيز وزير الدولة للداخلية إن السلطات أعدت «انتشاراً أمنياً شبيهاً بنهاية الأسبوع السابق». وكان تم نشر نحو 80 ألف شرطي ودركي في فرنسا، أي ما يساوي عدد المتظاهرين الأسبوع الماضي، منهم 5 آلاف في باريس، بحسب إدارة الشرطة.
ودعا منظمو احتجاجات العاصمة المشاركين إلى جلب «زهرة أو شمعة تكريماً» لمن مات أو أصيب «من أجل القضية»، منذ بداية حركة الاحتجاج في 17 نوفمبر 2018.
وجاءت هذه الدعوة الجديدة من نوعها في باريس، بعد أسبوع شهد جدلاً كبيراً حول استخدام الشرطة بنادق الكرات الوامضة التي تتفتت عند ارتطامها بالهدف، علماً أن فرنسا هي من الدول الأوروبية القليلة جداً التي تستخدم هذا السلاح الذي سبب إصابات خطرة بين المتظاهرين. ودافع وزير الداخلية كريستوف كاستانير الجمعة، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، عن استخدام ذلك السلاح. وكتبت صحيفة «لوباريزيان» في عنوانها الرئيسي «تحدي الحفاظ على النظام»، متسائلة عن «كيفية التصرف إزاء المتظاهرين الأشد عنفاً».
وبالتوازي مع ذلك، يواصل الرئيس إيمانويل ماكرون جولته عبر فرنسا لإجراء نقاشات مطولة مع مئات من رؤساء البلديات، وذلك في إطار ما أطلق عليه «النقاش الكبير» الهادف للإنصات لمطالب المحتجين. واستمر النقاش الجمعة، في سوياك (جنوب غرب) أكثر من 6 ساعات، كما حدث الثلاثاء في الشمال الشرقي.
وحذر كريستيان فنري رئيس جمعية رؤساء البلديات الريفية (جنوب غرب) في بداية النقاش في مدينة سوياك الصغيرة، قائلاً: «أحذركم، السيد الرئيس، من أنه لا ينبغي أن يتحول هذا النقاش الكبير إلى خدعة كبيرة». وعلاوة على الحوار مع المسؤولين المنتخبين تنظم في إطار هذا «النقاش الوطني الكبير» في أنحاء فرنسا، نقاشات بين مواطنين حول محاور القدرة الشرائية والضرائب والديمقراطية والبيئة.
ووعد الرئيس بمتابعة هذه النقاشات على أمل الاستجابة بذلك لكل أشكال الغضب. لكن كثيراً من محتجي «السترات الصفر» يرون في هذا النقاش الكبير وسيلة لدفن مطالبهم.
ورفض ماكرون مجدداً خصوصاً إعادة فرض الضريبة على الأكثر ثراء، وهو من مطالب حركة الاحتجاج.
وأشار استطلاع نشر الخميس، إلى أن 94 في المائة من الفرنسيين سمعوا عن «النقاش الوطني الكبير»، لكن 64 في المائة شككوا في جدواه وأقل من الثلث (29 في المائة) قالوا إنهم ينوون المشاركة فيه.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».