اللجنة الدستورية {أولوية} موسكو

غير بيدرسون
غير بيدرسون
TT

اللجنة الدستورية {أولوية} موسكو

غير بيدرسون
غير بيدرسون

تترقب موسكو النتائج الأولى للتحركات التي بدأها الأسبوع الماضي، المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون، وسط تعويل على إمكانية التوصل إلى رؤية مشتركة في الملفات المطروحة على الطاولة وأبرزها بالنسبة إلى روسيا حاليا ملف تشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق عملها في أسرع وقت، كما قال دبلوماسيون روس أخيرا، في إشارة إلى رغبة بتبديد الفتور الذي سيطر على علاقة موسكو بالمبعوث الدولي السابق ستيفان دي ميستورا على خلفية تحفظ الأخير على خطوات موسكو وطهران لتشكيل اللجنة الدستورية وتعمده المحافظة على الرؤية الأممية لدفع السلال الأربع التي اقترحها للتسوية في شكل متواز.
وتشكل الزيارة الأولى التي يقوم بها بيدرسون غدا إلى العاصمة الروسية، أول اختبار للنوايا بين الطرفين، بعد جولته في المنطقة ومناقشاته مع طرفي الأزمة السورية. واستبق بيدرسون الزيارة بتأكيد أن «المشاورات المكثفة والخطوات الملموسة والدعم الدولي هي عوامل ضرورية وأعوّل على المحادثات المزمعة في موسكو».
وأضاف أنه «في ضوء المشاورات مع الطرفين السوريين، سأعمل على تعزيز القواسم المشتركة وبناء الثقة ودفع العملية السياسية في جنيف». بينما استبقت موسكو الزيارة بتأكيد أنها تتطلع إلى بحث كل ملفات التسوية مع المبعوث الدولي الجديد، وفقا لنائب الوزير سيرغي فيرشينين.
ويبدو التباين في الأولويات بين موسكو والمنظمة الدولية محور الاختبار الأساسي، على خلفية تركيز الجانب الروسي على ضرورة دفع جهود تشكيل «الدستورية» ووضع رؤية مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة لإطلاق مسار إعادة الأعمار بالتوازي مع ترتيبات توسيع النشاط في مجال إعادة اللاجئين السوريين. ويتجنب المسؤولون الروس في كل تصريحاتهم خلال الشهور الأخيرة أي إشارات إلى «السلال الأربع» التي أقرها مسار جنيف في جولته الرابعة، وفقا للقرار الدولي 2254 (الانتقال السياسي والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب) ويكتفون بالتركيز على ملفي تشكيل «الدستورية» ومكافحة الإرهاب، مع توسيع الضغوط لاستثمار التطورات الميدانية الواسعة في سوريا في اتجاه فرض سيطرة الحكومة على كل الأراضي السورية، وهو أمر وصفه دبلوماسيون غربيون أكثر من مرة بأنه مسعى لتقويض مسار جنيف وإحلال مسار أستانة وتفاهمات روسيا مع تركيا وإيران بديلا عنه.
ورأت أوساط روسية أخيرا، أن الإحاطة الأخيرة التي قدمها دي ميستورا إلى مجلس الأمن قبل مغادرته منصبه، «حملت إصرارا من جانب المنظمة الدولية على تجاهل التطورات الكبرى التي جرت على الأرض خلال العامين الماضيين، فضلا عن نجاح جهود ضامني أستانة في تثبيت أوسع وقف للنار تزامن مع عودة الاستقرار إلى غالبية الأراضي السورية» وفقا لتأكيد دبلوماسي روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط». وتعكس هذه العبارات درجة التباعد بين مقاربة روسيا لنتائج التطورات الميدانية مع رؤية المجموعة الدولية التي عبر عنها دي ميستورا في إحاطته عندما شدد على أن «السلال الأربع» ما زالت تمثل أساسا لحل الأزمة. وأشار إلى أن كل الوعود التي تمخضت عن مفاوضات أطراف الأزمة السورية لم تتحقق بعد، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة وضعت لبنات أساسية للتسوية لكنها لم تتمكن من وضع آليات تقود للحل.
لذلك، تكتسب الزيارة الأولى لبيدرسون إلى روسيا أهمية خاصة لاستطلاع مواقفه وتلمس رغبته في المحافظة على «تركة دي ميستورا» أو الانطلاق إلى «رؤية واقعية تأخذ في الاعتبار تحسن الوضع العام في سوريا والمزاج الإقليمي والدولي الذي بات يميل إلى انتهاج سياسة موضوعية وواقعية تنهي الأزمة» كما قال الدبلوماسي.
ولا تبدو المقدمات الأولى مريحة لموسكو خصوصا على خلفية تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة حول أن الأمم المتحدة «لم تضع أي حدود زمنية لبدء عمل اللجنة الدستورية السورية».
وهو أمر ترى فيه موسكو «عرقلة مقصودة» من بعض الأطراف التي لا ترغب في تسريع عملية التسوية» وفقا لتصريح سابق لوزير الخارجية سيرغي لافروف.
وبدا في إشارة غوتيريش إلى أن بيدرسون سوف يعود بعد محادثاته في موسكو إلى دمشق تأكيدا على أن خطوات المبعوث الدولي الأولى تهدف إلى بلورة ملامح تحرك مقبول من كل الأطراف. وخصوصا على صعيد الاقتراح الروسي الإيراني بتشكيلة اللجنة الدستورية التي كانت الأمم المتحدة أبدت تحفظات عليها، ورأت أنها «لم تستوف المعايير الضرورية للمصداقية والتوازن».
ومع التباين حول هذا الملف، تنطلق موسكو من قدرتها على تثبيت عدد من العناصر التي تدعم مواقفها للعمل مع المبعوث الدولي الجديد وهو يضع رؤيته لدفع جهود التسوية، بينها أن كل الأطراف الدولية باتت مقتنعة بأن «مسار أستانة» بات ضرورة ملحة كونه نجح في إعادة بناء الثقة وإنشاء مناطق خفض التصعيد رغم الخروقات المتكررة، فضلا عن التفاهمات مع تركيا في إدلب، وارتباك التحرك الأميركي في الشمال السوري وتغير المزاج الإقليمي في التعامل مع النظام. وحملت كلمات لافروف أخيرا، إشارة في الاتجاه ذاته عندما حدد ملامح التحرك الروسي في سوريا خلال العام الجديد في مساري «الدستورية» واستكمال مهام مكافحة الإرهاب من دون إشارة إلى ملفات التسوية الأخرى.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.