لافروف يربط «دحر الإرهاب» بسيطرة دمشق على كامل سوريا

TT

لافروف يربط «دحر الإرهاب» بسيطرة دمشق على كامل سوريا

تزامن إعلان الخارجية الروسية، أمس، عن عقد جولة مفاوضات جديدة في آستانة الشهر المقبل، مع تصعيد موسكو لهجتها ضد «الانتهاكات المتواصلة» لنظام وقف النار في إدلب من جانب «جبهة النصرة».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن قلق بلاده «يتزايد» بسبب تمدد مساحة سيطرة «جبهة النصرة» على نحو 70 في المائة من أراضي منطقة إدلب، على الرغم من الاتفاقات الروسية - التركية. وزاد أن موسكو ترصد «انتهاكات متواصلة لنظام المنطقة منزوعة السلاح».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني هايكو ماس، أن «الطريقة الوحيدة لمنع ظهور الإرهاب مرة أخرى في سوريا يتمثل في تسليم الأراضي لتكون تحت سيطرة الحكومة السورية»، من دون أن يوضح ما إذا كان حديثه يقتصر على المناطق الواقعة في شرق الفرات، كما سبق لموسكو أن أعلنت مرات عدة في الأسابيع الأخيرة، أم ينسحب أيضاً على منطقة إدلب، خصوصاً أنه ركز على هذه المنطقة في إشارته إلى تصاعد القلق الروسي.
وزاد الوزير الروسي أن «الإرهابيين (في إدلب) لم يكتفوا بتوسيع مساحة سيطرتهم، بل يحاولون من هناك مهاجمة مواقع الجيش السوري والبلدات، كما يحاولون بشكل متواصل تهديد قاعدتنا العسكرية الجوية في حميميم».
وكانت موسكو أكدت التزامها بالاتفاقات الموقعة في سبتمبر (أيلول) الماضي مع أنقرة حول إنشاء المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، لكن تغير الوضع الميداني في الأسابيع الأخيرة، دفع محللين رُوساً إلى ترجيح سعي موسكو إلى إعادة النظر في الاتفاق، بالتفاهم مع أنقرة على آليات جديدة لإدارة الوضع في المنطقة، وفي إطار تفاهمات أوسع تشمل، بالإضافة إلى إدلب، مناقشة خطوات مشتركة للتعامل مع زيادة توتر الوضع في مناطق شرق الفرات، بعد إعلان واشنطن نيتها الانسحاب من المنطقة، فضلاً عن الاقتراح التركي بإنشاء منطقة عازلة على امتداد الشريط الحدودي. وقال دبلوماسيون إن هذا المدخل سيكون أساسياً خلال النقاشات المنتظرة على مستوى رئيسي البلدين الأربعاء المقبل.
بالتزامن، أعلنت الخارجية الروسية، أن ضامني مسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران) سيعقدون جولة جديدة من المفاوضات في العاصمة الكازاخية في النصف الثاني من الشهر المقبل. وقال نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، إن العمل «جار لتحديد المواعيد النهائية وأجندة المناقشات».
ولفت فيرشينين إلى أن المبعوث الدولي الخاص بالشأن السوري غير بيدرسن، سيزور موسكو بعد غد، وهي أول زيارة له منذ توليه منصبه إلى العاصمة الروسية، مشيراً إلى أن موسكو «تأمل في سماع أفكاره لتنفيذ قرارات التسوية السياسية في سوريا، خصوصاً على صعيد تشكيل اللجنة الدستورية والرؤية التي يطرحها لدفع العملية السياسية».
على صعيد آخر، نشرت صحيفة «أوراسيا ديلي» الروسية تفاصيل عن تراجع كبير في عمليات تزويد المعارضة السورية بأسلحة بيلاروسية المصدر؛ قالت الصحيفة إنها كانت تذهب إلى سوريا عبر بلغاريا، التي قامت بإعادة بيع الأسلحة البيلاروسية إلى أطراف إقليمية سهلت نقلها إلى المعارضة السورية في السابق.
ولفتت الصحيفة إلى أن بلغاريا كانت «أكبر مصدري الأسلحة إلى المعارضة السورية عبر الأطراف الإقليمية، لكن مشترياتها من السلاح البيلاروسي تقلصت كثيراً خلال الفترة الأخيرة، بسبب ميل الأوضاع في سوريا إلى الاستقرار وإغلاق قنوات إيصال الأسلحة إلى ما تبقى من مجموعات مسلحة في سوريا».
ونقلت عن تقارير أصدرتها إدارة مراقبة الصادرات التابعة لوزارة الخارجية الرومانية، أن بيلاروسيا سلمت أسلحة إلى بلغاريا عبر رومانيا، بقيمة 36.8 مليون يورو خلال 9 أشهر من عام 2018، وما قيمته 117 مليون يورو خلال عام 2017.
ورغم أن مصادر الصحيفة أقرت بعدم وجود دليل مباشر على وصول هذه الأسلحة إلى سوريا، لفتت إلى أن مقارنة الكميات التي اشترتها بلغاريا من بيلاروسيا خلال العامين الماضيين والكميات والطرازات التي سلمتها بلغاريا إلى أطراف إقليمية في الفترة ذاتها، يدل إلى أن منشأ الجزء الأكبر من السلاح الذي كان يصل إلى المعارضة السورية هو بيلاروسيا.
وقالت إنه، وفقاً للتقرير الخاص بسجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية، فإن بلغاريا اشترت من بيلاروسيا في عام 2015 قاذفات من طرازي «فاغوت» و«كونكورس» المضادين للدبابات ونحو 140 قاذفة قنابل آلية من طراز «آج - 17». وقامت لاحقاً ببيع كميات مماثلة من هذه القاذفات إلى الولايات المتحدة وبلدان في منطقة الشرق الأوسط.
ورأت الصحيفة أن «استخدام أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات (فاغوت) و(كونكورس) لا يعد سراً في سوريا. كما أن الولايات المتحدة وفرت بالطريقة ذاتها أنظمة مضادة للصواريخ للأكراد. والشتاء الماضي، أثناء عملية (غصن الزيتون) في عفرين، نشر مسلحون موالون لتركيا مقاطع فيديو وصوراً للأسلحة التي تم الاستيلاء عليها».


مقالات ذات صلة

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

مقتل 10 من عناصر حركة «الشباب» بغارة أميركية في الصومال

نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية في جنوب الصومال أسفرت عن مقتل عشرة من عناصر حركة «الشباب»، وفق ما أفاد الجيش الأميركي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم