مقتل 21 في انفجار انتحاري استهدف أكاديمية للشرطة الكولومبية

المنفذ يشتبه بصلاته بجماعة «جيش التحرير الوطني» اليسارية المتمردة

TT

مقتل 21 في انفجار انتحاري استهدف أكاديمية للشرطة الكولومبية

أمر الرئيس الكولومبي إيفان دوكيه، بإرسال تعزيزات إلى الحدود الكولومبية المشتركة مع فنزويلا والطرق المؤيدة إلى مدن، عقب مقتل 21 شخصاً على الأقل وإصابة 68 في تفجير سيارة مفخخة في أكاديمية لتدريب الشرطة في بوغوتا، في حادث هو الأسوأ من نوعه في العاصمة منذ 16 عاماً. وقال الرئيس دوكيه إنه «طلب أيضاً إعطاء الأولوية لجميع التحقيقات لتحديد مخططي هذا الهجوم الإرهابي والمتواطئين معهم». وقال في تغريدة: «جميع الكولومبيين يرفضون الإرهاب ونحن متحدون في محاربته». وقالت وزارة الدفاع إن «عملاً إرهابياً» نُفذ باستخدام سيارة زرع فيها 80 كيلوغراماً من المتفجرات.
وأعلنت الشرطة، في بيان، «مع الأسف، الحصيلة الأولية هي 21 قتيلاً، بينهم منفذ الحادثة، و68 جريحاً»، مضيفة أن 58 من الجرحى غادروا المستشفى. وتعهد دوكي خلال خطاب متلفز بألا يمر الهجوم «ضد شبابنا وحريتنا» دون عقاب، معلناً الحداد في البلاد لمدة ثلاثة أيام. وقد تم تحديد سائق الشاحنة المحملة بالمتفجرات على أنه رجل عمره 57 عاماً يشتبه في أن له صلات بجماعة «جيش التحرير الوطني» اليسارية المتمردة. وقال دوكي: «يجب ألا نهدأ حتى جلب باقي الإرهابيين المتورطين، أمام العدالة»، واعداً بالكشف عن مزيد من المعلومات.
وذكرت محطة «كاراكول» أن الإرهابيين خططوا للهجوم قبل ثلاثة أشهر، وجعلوه يتزامن مع حفل للطلاب في «أكاديمية الجنرال سانتاندر للشرطة» بجنوب العاصمة بوغوتا. وقال النائب العام نيستور هومبيرتو مارتينيز، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية، إن قوات الأمن الكولومبية حددت هوية سائق السيارة المفخخة، مشيراً إلى أنه يُدعى خوسيه ألديمار روخاس رودريجيز. وأضاف مارتينيز أن السلطات تجري تحقيقات لمعرفة الدافع وراء الانفجار. واستهدف المنفذ، الذي أكدت السلطات مقتله في الهجوم «أكاديمية الجنرال فرانسيسكو دو باولا سانتندر» في جنوب بوغوتا، خلال مراسم ترقية عناصر. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، لكن النائب مارتينيز قال إن المشتبه به هو «المنفذ الفعلي لهذه الجريمة المشينة». وقال مارتينيز إن رودريغيز دخل مجمع الأكاديمية صباح الخميس بشاحنة «نيسان باترول» رمادية، دون إعطاء تفاصيل حول التفجير. وقال إن الشاحنة سبق وخضعت للتفتيش في يوليو (تموز) في مقاطعة آراوكو على الحدود مع فنزويلا، وهي معقل تقليدي لحركة التمرد الكولومبية «جيش التحرير الوطني» الماركسية.
وكانت مفتشة الصحة للقوات المسلحة فاني كونتريراس صرحت للإذاعة المحلية، بأن السيارة «دخلت مجمع الأكاديمية فجأة، وكادت أن تصدم رجال الشرطة، وبعد ذلك وقع انفجار».
وأدانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون أميركا اللاتينية، كيمبرلي بريير، الهجوم وقدمت تعازيها. وعرضت السفارة الأميركية في بوغوتا «المساعدة في التحقيق في هذا الهجوم المدان». وكانت روزابيلا خيمينيز (62 عاماً) تفتح متجر الحلويات الذي تملكه قرب الأكاديمية عندما وقع الانفجار. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية «عندما نظرنا اتجاه الأكاديمية كانت السماء ملبدة بالدخان الرمادي. الناس كانوا يفرون ودوي الصفارات يعلو (...) مشهد مروع وكأنه نهاية العالم».
وأغلقت السلطات المنطقة أمام وسائل الإعلام، وعززت الإجراءات الأمنية في جنوب المدينة، حسب مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية. واتبع دوكيه اليميني الذي تولى الرئاسة في أغسطس (آب) نهجاً صارماً تجاه المتمردين الماركسيين ومهربي المخدرات في الدولة التي تعد أكبر منتج للكوكايين في العالم.
وتوقفت المحادثات مع حركة «جيش التحرير الوطني» التي أعلنت في السابق مسؤوليتها عن عمليات تفجير استهدفت الشرطة قبل تولي دوكيه الرئاسة خلفاً لخوان مانويل سانتوس. وقدم دوكيه عدداً من الشروط؛ منها الإفراج عن جميع الرهائن، قبل إطلاق عملية السلام، لكن الحركة المتمردة رفضت مطالبه. وبعد اتفاق السلام عام 2016 بين سانتوس ومتمردي «فارك» الذي حول المتمردين السابقين إلى حزب سياسي، تعد حركة «جيش التحرير الوطني» مجموعة التمرد الأخيرة الناشطة في كولومبيا، التي شهدت أكثر من نصف قرن من النزاع. وشملت دائرة العنف جماعات مسلحة مساندة للجيش ومهربي مخدرات ومتمردين ماركسيين آخرين، بينهم منشقون عن «فارك». وقبل عام، قتل 6 عناصر شرطة وجرح 40 في هجوم على مركز للشرطة في مدينة بارانكيا الكاريبية؛ أعلنت حركة «جيش التحرير الوطني» المسؤولية عنه.
وفي فبراير (شباط) 2017، أعلنت الحركة المتمردة مسؤوليتها عن هجوم على دورية للشرطة في حي ماكارينا في بوغوتا، قتل فيه شرطي وجرح آخرون. وفي يونيو (حزيران) قتل 3 أشخاص بينهم فرنسية وجرح 9 في هجوم على مركز تسوق في بوغوتا نسبته الشرطة إلى المجموعة اليسارية «حركة الشعب الثورية». وذكرت وزارة الخارجية، في بيان، أن من بين الجرحى الذين ذكرت تقارير تلفزيونية أن عددهم بلغ 87 شخصاً، مواطنين من الإكوادور، علاوة على بنميين اثنين. وكانت الإكوادور وبنما والأرجنتين وفنزويلا والولايات المتحدة من بين الدول التي أدانت الهجوم.



«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ، وذلك في ختام مؤتمر للأمم المتحدة سادته الفوضى في أذربيجان وخرجت منه الدول النامية بخيبة أمل.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

وأعرب الكيني علي محمد، متحدثاً باسم المجموعة الأفريقية، عن أسفه، لأن التمويل الموعود في مؤتمر «كوب 29» حتى عام 2035 «قليل جداً ومتأخر جداً وغامض جداً». أما نظيره من ملاوي إيفانز نجيوا الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه «غير طموح»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المندوبة الهندية شاندني راينا في مؤتمر «كوب 29» في باكو: «المبلغ المقترح ضئيل جداً. إنه مبلغ زهيد»، مشيرة إلى أن الرئاسة الأذربيجانية لم توفر لها فرصة التحدث قبل الموافقة النهائية على النص.

مخيب للآمال

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.

وكانت الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي قد انسحبت، في وقت سابق السبت، من المشاورات مع رئاسة أذربيجان للمؤتمر، احتجاجاً على مسودة اتفاق لا تفي بمطالبها للحصول على مساعدات مالية.

وأعلن سيدريك شوستر من ساموا باسم مجموعة الدول الجزرية (Aosis) برفقة ممثل أفقر 45 دولة في العالم: «لقد غادرنا (...). نعدّ أنه لم يتم الإصغاء إلينا».

أجواء مثقلة

وبعد أكثر من 24 ساعة من التأخير، بدأت الجلسة الختامية لمؤتمر الأطراف «كوب 29»، مساء السبت، بينما دعا رئيس المؤتمر مختار بابايف، الدول إلى تخطي «انقساماتها».

وحاولت مسودة الاتفاق التوفيق بين مطالب الدول المتقدمة، لا سيما الاتحاد الأوروبي، ومطالب الدول النامية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال للتكيف مع مناخ أكثر تدميراً.

ودعت أكثر من 350 منظمة غير حكومية، الدول النامية صباح السبت، للانسحاب من المفاوضات، قائلة إن عدم التوصل إلى اتفاق خير من التوصل إلى اتفاق سيئ.

وهي استراتيجية تتناقض مع الرسالة الطارئة التي وجهها كثير من البلدان النامية. وشدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي لديه أولويات أخرى لمؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم العام المقبل، على «عدم تأجيل» مهمة باكو حتى عام 2025.

وقال الوزير الآيرلندي إيمون ريان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا أن نعطي الأمل للعالم، وأن نثبت أن التعددية ناجحة».

وانتقد مفاوضون ومنظمات غير حكومية تنظيم أذربيجان للمؤتمر التي لم يسبق لها أن أشرفت على حدث العالمي كهذا.

وانعقد مؤتمر الأطراف في أجواء مثقلة. فقد هاجم الرئيس إلهام علييف فرنسا، حليف عدوه أرمينيا، واستدعى البلدان سفيريهما. وقال برلمانيان أميركيان إنهما تعرضا لمضايقات في باكو. وتم اعتقال كثير من نشطاء البيئة الأذربيجانيين.

قواعد تداول أرصدة الكربون

توازياً اعتمد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)، السبت، قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشروعات خضراء داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري في دول أفريقيا وآسيا.

ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو، مساء السبت، وقوبل بالتصفيق، بعد سنوات من الجدل الحاد حول تداول أرصدة الكربون للحد من الانبعاثات.

وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وقرار السبت يجعله ساري المفعول. وتعول البلدان النامية في أفريقيا وآسيا بشكل كبير على هذا الإجراء للحصول على تمويل دولي.

ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على تدعيم مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار، أو الاستبدال بالمركبات العاملة بالوقود، أخرى كهربائية، أو الحد من استخدام الفحم. ويحسب هذا الخفض في الانبعاثات في البصمة الكربونية للدول الممولة للمشروعات.

واستباقاً للضوء الأخضر الذي كان متوقعاً في باكو، تم التوقيع على 91 اتفاقاً ثنائياً، معظمها من اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، لـ141 مشروعاً رائداً، وفق حصيلة وضعتها الأمم المتحدة حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني).