رحيل الفنان المصري سعيد عبد الغني عن عمر ناهز 81 عاماً

أشهر أفلامه «إحنا بتوع الأتوبيس» و«حبيبي دائماً»

الراحل سعيد عبد الغني
الراحل سعيد عبد الغني
TT

رحيل الفنان المصري سعيد عبد الغني عن عمر ناهز 81 عاماً

الراحل سعيد عبد الغني
الراحل سعيد عبد الغني

غيَّب الموت أمس الفنان المصري سعيد عبد الغني، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 81 عاماً. وأعلن الخبر نجله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، عبر حسابه الشخصي على موقع «فيسبوك». وكتب: «توفي والدي الفنان والصحافي الكبير سعيد عبد الغني... نسألكم الفاتحة». وعانى الراحل في الفترة الأخيرة من التهاب رئوي حاد، استدعى نقله للعناية المركزة بأحد المستشفيات بالقاهرة.
وُلد الفنان الراحل في قرية نوسا البحر بالدقهلية، بدلتا مصر، في 23 يناير (كانون الثاني) عام 1938، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1958؛ لكنه اتجه للعمل في مجال الصحافة، وتم تعيينه صحافياً بقسم الحوادث في صحيفة «الأهرام» الرسمية لمدة عامين، ثم أصبح مراسلاً عسكرياً للجريدة، ثم غير مسار حياته واتجه إلى التمثيل.
شكل عبد الغني فرقة مسرحية داخل «الأهرام»، وخاض بها عدداً من المسابقات، وحصل على المركز الأول، إلى أن ظهر للمرة الأولى سينمائياً مع المخرج يوسف شاهين، في دور صغير بفيلم «العصفور» عام 1972، وجسد شخصية صحافي أيضاً. وشكلت السهرات التلفزيونية محطة مهمة في انتشار عبد الغني فنياً، ومنها: «الأيام الخضراء»، و«حكاية مغاوري»، و«ما وراء الأيام».
ترك الفنان سعيد عبد الغني خلفه إرثاً فنياً حافلاً بالإبداعات، وصل لما يزيد على 124 عملاً، ما بين أفلام ومسرحيات ومسلسلات. وقدم كثيراً من الأعمال السينمائية المتميزة، أبرزها: «إحنا بتوع الأتوبيس»، و«حبيبى دائماً»، و«الكرنك»، و«الكداب»، و«المذنبون»، و«وجهاً لوجه»، و«عندما يسقط الجسد»، و«أين المفر»، و«مع حبي وأشواقي»، و«أيام العمر معدودة»، و«اللصوص»، و«حدوتة مصرية»، و«السلخانة». وكانت أبرز مشاركاته في الدراما مسلسلات: «الفرسان»، و«الثعلب»، و«رد قلبي»، و«أولاد الليل»، و«بلا عتاب»، و«الأفعى»، و«صرخة بريء»، و«مبروك جالك ولد»، و«شاهد إثبات»، و«الباحثة»، و«يحكى أن»، وكان آخرها مسلسل «شمس الأنصاري» عام 2012، مع محمد سعد وفاروق الفيشاوي، ومن إخراج جمال عبد الحميد، فضلاً عن عدد من المسرحيات، بينها: «جبل مغناطيسي»، و«القرار»، و«الورثة»، و«رقص الديوك»، و«البودي جارد»، و«المهزلة».
وآخر تكريم حصل عليه الفنان الراحل كان في الدورة الـ65 لمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما المصرية، الذي أقيم عام 2017.
تزوج الراحل من شقيقة الفنانة زهرة العلا، التي أنجب منها ولدين وبنتاً، منهم الفنان أحمد سعيد، الذي ورث عنه كثيراً من ملامحه وطباعه وأسلوب كلامه، وجمعته به 5 أعمال درامية، وهي «ع الحلوة وع المرة»، و«شمس الأنصاري»، و«أوراق مصرية»، و«أم كلثوم»، و«الجحيم رجل».
حصل الراحل خلال حياته الفنية على كثير من الجوائز، منها: جائزة أفضل ممثل عن دور ثانٍ عن فيلم «أيام الغضب»، وجائزة عن دوره في «إحنا بتوع الأتوبيس». كما حصل على وسام الدولة من الطبقة الأولى للفنون عام 1996.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».