مؤسسات دينية مصرية تبدأ إجراءات «إصلاح الخطاب الديني»

استجابة لدعوة الرئيس السيسي لمواجهة التطرف

TT

مؤسسات دينية مصرية تبدأ إجراءات «إصلاح الخطاب الديني»

دخلت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بضرورة بدء تنفيذ «إجراءات ملموسة» في إطار المساعي لـ«إصلاح الخطاب الديني»، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ«الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة»، حيز التنفيذ. ودشن الأزهر أكاديمية دولية للأئمة والوعاظ، للتدريب على محاربة الإرهاب والفكر المتشدد، ونبذ الكراهية، ونشر التعايش بين الجميع، بينما تطلق وزارة الأوقاف المصرية أكاديمية لتدريب وتأهيل الأئمة وإعداد المدربين، من داخل مصر وخارجها، بعد غدٍ (الأحد).
وقال الأزهر عن الأكاديمية الجديدة، إنها «خطوة عملية لتجديد الخطاب الديني والاشتباك مع الواقع، وترجمة عملية لجهود الدولة المصرية والرئيس السيسي، في مواجهة الإرهاب والتطرف».
ويدرس في أكاديمية الأزهر التي أقيمت برعاية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، طلاب من 11 دولة أوروبية، و21 دولة آسيوية، و24 دولة أفريقية. وقالت مصادر في الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأكاديمية تقدم مجموعة من البرامج التدريبية وورش العمل، بالتعاون مع كثير من المؤسسات المحلية والدولية، وتودي دوراً فاعلاً للتوعية بالسياقات المختلفة المحيطة بالمهام الدعوية، لتنمية روح الإبداع عند الفئة التدريبية المستهدفة من الأئمة والوعاظ، في تجديد الخطاب الديني، وبناء عقول قادرة على التعامل مع فقه الواقع واستيعاب إشكالياته، وتقديم حلول شرعية لمشكلات الأفراد والمجتمعات».
من جهته، أكد الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، المشرف على أكاديمية الأزهر، أن «الأكاديمية تركز على قضايا حياتية، أهمها: ضوابط التعامل مع النص الشرعي، وكيفية تكييف النوازل مع النصوص الشرعية، والجهاد والتكفير والولاء والبراء»، لافتاً إلى أن من يقوم بالتدريس في الأكاديمية أساتذة من جامعة الأزهر ومن خارجها، وتم توقيع بروتوكولات مع عدة دول لتدريب أئمتها، من أبرزها: «السويد، وألبانيا، وألمانيا، والبوسنة والهرسك، وإنجلترا، وقبرص، وباكستان، وسنغافورة، والمالديف، والسودان، ونيجيريا، وجيبوتي، وغانا، والصومال، وموريتانيا، وغينيا، وبوركينا فاسو».
في غضون ذلك، أوضح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن «أكاديمية الدعاة العالمية التي سوف يتم افتتاحها لتدريب الدعاة، تكلفتها الإنشائية 150 مليون جنيه، وتضم قاعة كبرى للترجمة الفورية، وستقام بمنطقة السادس من أكتوبر في ضاحية الجيزة المتاخمة للقاهرة، وجرى تجهيزها بأحدث التجهيزات العصرية لإعداد الإمام المستنير الواعي». وأضاف جمعة: «لدينا أمل في عصر ما بعد الأكاديمية. سيكون الخطاب الديني مختلف... وستكون الأكاديمية ترجمة عملية لما طلبه الرئيس السيسي من ضرورة تكوين رجل الدين المثقف المستنير».
وقال مصدر بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأكاديمية سوف تقبل أئمة من مصر وأفريقيا والعالم، تجسيداً لدور مصر ومكانتها، وحرصها على التواصل مع جميع دول العالم؛ خاصة الأفريقية، لمواجهة أفكار الجماعات المتطرفة، والتصدي لخطاب الكراهية التي تطلقه، ويدعو إلى العنف والقتل».
وكان الرئيس المصري قد دعا خلال كلمته ضمن احتفالات مصر بالمولد النبوي، في نوفمبر الماضي، إلى «إشراك شباب الدعاة والعلماء في الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب وإعداد القادة (مؤسسة تابعة للرئاسة المصرية)، حتى يضيفوا إلى علومهم الدينية علوماً أخرى، ويستفيدوا منها». وأصدر السيسي في أغسطس (آب) عام 2017، قراراً بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، التي تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة، والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم.


مقالات ذات صلة

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج يوضح المعرض أهمية الفنون في مصاحبة كتابة المصاحف ونَسْخها عبر العصور (مكتبة الملك عبد العزيز)

معرض في الرياض لنوادر المصاحف المذهّبة

افتُتح، في الرياض، أول من أمس، معرض المصاحف الشريفة المذهَّبة والمزخرفة، الذي تقيمه مكتبةُ الملك عبد العزيز العامة بفرعها في «مركز المؤسس التاريخي» بالرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا في هذه الصورة التي التُقطت في 6 فبراير 2024 رجل يدلّ على ضريح الصوفي الحاج روزبيه المهدم في نيودلهي (أ.ف.ب)

هدم ضريح ولي صوفي في إطار برنامج «للتنمية» في دلهي

في أوائل فبراير (شباط)، صار ضريح صوفي أحدث ضحايا «برنامج الهدم» الذي تنفذه هيئة تنمية دلهي لإزالة «المباني الدينية غير القانونية» في الهند.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق مصلون يشاركون في جلسة للياقة البدنية بعد الصلاة في مسجد منطقة باغجلار في إسطنبول في 8 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

حصص رياضة داخل مساجد تركية تساعد المصلين على تحسين لياقتهم

يشارك مصلّون في حصة تدريبات رياضية في مساجد بمدينة إسطنبول التركية بعد انتهاء صلاة العصر، ويوجد معهم مدرّب لياقة بدنية.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
TT

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين، ورفض رئاستها المعينة من قبل الجماعة اتخاذ أي إجراءات بشأن الحادثة، وذلك بالتزامن مع نهب مساحة من الحرم الجامعي وتخصيصها للاحتفالات.

وذكرت مصادر أكاديمية في ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) أن حسن محمد الحيفي، وهو ابن القيادي الحوثي محمد الحيفي المعين رئيساً للجامعة، وطالب دراسات عليا فيها، اعتدى على الأكاديمي وليد عبد الرزاق مدير إدارة الدراسات العليا بكلية العلوم التطبيقية، وتعمد إهانة عميد الكلية ونوابه.

عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار تقدم استقالة جماعية (إكس)

ووفقاً للمصادر، فإن رئيس الجماعة رفض الاستجابة للشكوى التي تقدمت بها هيئة التدريس في الكلية وعمادتها، بل ووجه عميد الكلية بإيقاف المدرس الذي وقع الاعتداء عليه، ووجه بتعيين عميد جديد للكلية بدلاً عنه.

ومنذ أيام أعلنت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها أنه جرى دور تسليم وتسلم بين عميد الكلية وخلفه تنفيذاً لقرار الحيفي.

إلا أن المصادر أوضحت أن العميد المقال أُجبِر على الحضور إلى مقر الكلية والتقاط الصور مع العميد الجديد وبعض القادة الحوثيين، لتمييع القضية وتمريرها أمام الرأي العام، بتجاهل تام لحادثة اعتداء ابن القيادي الحيفي على مدرسه، والإجراءات التعسفية التي اتخذها الحيفي نفسه وإساءاته للعميد والمدرسين.

وبحسب المصادر، فإنه جرى تهديد العميد المقال بتلفيق قضايا فساد له، والتعاون مع الحكومة الشرعية، وأن الحيفي حذر جميع الأكاديميين مما سماه التطاول أو تجاوز حدودهم في التعامل معه.

واستغربت الأوساط الأكاديمية في الجامعة من تجاهل القيادات الحوثية في المحافظة للواقعة، رغم توجه عدد من الأكاديميين إليها بالشكوى بعد رفض الحيفي ورئاسة الجامعة اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الواقعة.

نهب أراضي الجامعة

اتهم عدد من الأكاديميين القيادات الحوثية المسيطرة على محافظة ذمار، وفي مقدمتها محمد البخيتي المعين في منصب المحافظ، بالتواطؤ مع رئيس الجامعة، مرجحين تجاهله الشكوى المقدمة له بالحيفي، لما بينهما من تعاون في العديد من الملفات في إطار تنفيذ مشروع الجماعة الحوثية، ومنها ما حدث أخيراً من نهب لأراضي الجامعة.

محمد البخيتي المعين محافظاً لذمار يشارك في إحدى فعاليات جامعة ذمار بسلاحه الشخصي (إعلام حوثي)

وكان البخيتي أقدم منذ نحو شهر على اقتطاع مساحة كبيرة من أراضي جامعة ذمار، وتحويلها إلى ساحة للاحتفالات، وذلك ضمن استعدادات الجماعة للاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبلغت المساحة التي اقتطعها البخيتي من حرم الجامعة، أكثر من 10 آلاف لبنة (وحدة قياس محلية، واللبنة الواحدة تساوي 44.44 متر مربع)، وجاء الكشف عن هذا الإجراء بعد أيام قليلة من الكشف عن استقطاع المساحة نفسها من أراضي جامعة صنعاء، لصالح مشاريع استثمارية لقيادات حوثية.

وتؤكد مصادر محلية أن البخيتي استأذن القيادي مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة الحوثية (مجلس الحكم الانقلابي)، في اقتطاع تلك المساحة، بحجة عدم احتياج الجامعة لها.

ووافق المشاط على طلب البخيتي موجهاً بتنفيذ إجراءات نقل ملكية تلك المساحة من الأرض من جامعة ذمار إلى السلطات الحوثية التي تشرف على المحافظة، والتي باشرت بأعمال تهيئتها لتنظيم الاحتفال بالمولد النبوي عليها.

واستنكرت شخصيات سياسية واجتماعية في محافظة ذمار واقعة اقتطاع أراضٍ تابعةٍ للجامعة لتنظيم الاحتفالات، وعدّوا التعدي على أراضي الجامعات جريمة بحق العملية التعليمية والأكاديمية.

تحجيم مساحة التعليم

تفيد المصادر الأكاديمية في ذمار بأن أراضي الجامعة التي يجرى التعدي عليها، كانت ضمن مخططات تعود إلى ما قبل الانقلاب الحوثي لتنفيذ مشاريع ومنشآت تابعة للجامعة، خصوصاً الكليات والمراكز التي ما زالت مقراتها خارج الحرم الجامعي، مثل كلية الآداب ومركز التعليم المستمر.

مبنى كلية الهندسة في جامعة ذمار (فيسبوك)

وأوضحت المصادر أنه رغم مصادرة الجماعة الحوثية لمبنيي كلية الآداب ومركز التعليم المستمر، واعتزامها تحويل مبنى كلية الحاسبات إلى أكاديمية للقرآن، وجميعها تقع وسط المدينة؛ فإنها لم تبدأ بأي إجراءات لتعويض هذه الجهات الثلاث بمنشآت داخل أراضي الحرم الجامعي، وبدلاً عن ذلك تصادر أراضي الجامعة لصالح مشروعها الطائفي.

كما تمتلك كليات الآداب والتربية والطب البشري والأسنان مباني أخرى في وسط المدينة، وكان مقرراً قبل الانقلاب أن تبدأ الجهات المعنية التخطيط لمشاريع بناء منشآت داخل أراضي الجامعة لنقل جميع الكليات إلى الحرم الجامعي.

وتخشى الأوساط الأكاديمية والاجتماعية في محافظة ذمار من أن تؤدي أعمال مصادرة مباني وأراضي الجامعة إلى الإضرار الكامل بالعملية التعليمية والأكاديمية، وتحجيم مساحتها وإمكاناتها.