أزمات قضائية تلاحق مطربين مصريين

فؤاد وشيرين وسلطان الأبرز

شيرين عبد الوهاب  -  محمد فؤاد  -  بهاء سلطان
شيرين عبد الوهاب - محمد فؤاد - بهاء سلطان
TT

أزمات قضائية تلاحق مطربين مصريين

شيرين عبد الوهاب  -  محمد فؤاد  -  بهاء سلطان
شيرين عبد الوهاب - محمد فؤاد - بهاء سلطان

مع بداية عام 2019. دخل عدد من المطربين المصريين في أزمات قضائية مع شركات الإنتاج الخاصة بهم، ما أدى إلى تعطّل أنشطتهم الفنية بشكل نسبي في الآونة الأخيرة، وكان آخرها مشكلة الفنان محمد فؤاد مع شركة «قنوات» التي سلّمت أوراقا ومستندات ضدّ المطرب إلى محكمة مصرية للحصول على حقوقها المادية والقانونية، لتنضم إلى قضايا أخرى مشابهة من بينها نزاع الفنانة شيرين عبد الوهاب القانوني مع شركة «نجوم ريكوردز» والفنان بهاء سلطان مع شركة «فري ميوزيك».
بدأت مشكلة المطرب المصري، محمد فؤاد، بعدما أصدرت شركة «قنوات للإنتاج الفني»، بياناً منذ أسابيع، تنذر فيه فؤاد لكونه أخلّ بعقود تعاقده معها، الذي وُقّع في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2012. وأعلنت أنّها صرفت مبالغ مالية اتفق عليها للمطرب المصري، بموجب التعاقد مقابل تسليمه الشركة ألبومه الجديد في العام نفسه، لكنّه تعذر بحجج وهمية وطلب تأجيل الألبوم إلى عام 2016. حسب وصف الشركة، التي أضافت في بيانها أنّها فوجئت بتسليم فؤاد الألبوم إلى شركة أخرى ما دفعهم إلى تحرير محضر ضده في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، حتى لا يسمح لأي شركة باستغلال أغنيات ألبومه الجديد.
من جهته قال الفنان محمد فؤاد لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما جرى تداوله في وسائل الإعلام على لسان الشركة غير صحيح على الإطلاق، فأنا لم أتعاقد مع أي شركة، ولم ألتزم بأي حقوق مع أي شخص ولم أتحصل على أي مبالغ مالية من أي جهة، فالجميع يعرف محمد فؤاد ويعرف مبادئه في العمل الفني». وأضاف: «حقي الأدبي سأحصل عليه من خلال القانون، إذ أنّني كلفت مكتبي القانوني باتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه تلك الشركة، لأنّني قد تضرّرت كثيراً بما حدث من انتشار هذه الادعاءات والأكاذيب».
قضية محمد فؤاد ليست الوحيدة التي تنظر أمام القضاء مع بداية عام 2019. فلا تزال أزمة الفنانة شيرين عبد الوهاب و«شركة نجوم ريكوردز»، قائمة حتى الآن في ساحات القضاء المصري، رغم اندلاعها قبل عدة شهور. وقال المحامي ميلاد فايز مستشار الشركة القانوني لـ«الشرق الأوسط»: «الفنانة شيرين عبد الوهاب تعاقدت مع شركة نجوم ريكوردز على تنفيذ ثلاثة ألبومات غنائية تُطرح أعوام 2014 و2016 و2018، نفذت شيرين منها ألبوم «أنا كتير» عام 2014. ولم تسلم الألبومين المتبقيين حتى نهاية عام 2018، في حين أنّها منذ توقيع العقد في مارس (آذار) من عام 2013. تسلّمت مبلغ التعاقد وهو أربعة ملايين و750 ألف جنية (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)». وأضاف: «رغم الاتفاق بينها وبين الشّركة على فسخ العقد بالتراضي وإعادة المبالغ التي قامت بصرفها، فإنّها لم تردها حتى موعد التقاضي، ولذلك طلبنا في دعوتنا القضائية إلزام شيرين برد المبلغ وفوائده، بجانب دفع مليون جنيه تعويضا ماديا وأدبيا نتيجة الإخلال بالتزاماتها».
بينما قال المحامي حسام لطفي، المستشار القانوني للفنانة شيرين عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»: «الشركة التي أثارت القضية وافقت على فسخ التعاقد بالتراضي مع شيرين، إذن الأمور تحلّ لدى محاسبين وليس في القضاء، وأنا تواصلت مع المستشار القانوني للشركة وحاولت أكثر من مرة دعوته للجلوس معا لإنهاء تلك المشكلة بالتراضي».
وعلى مدار السنوات الماضية برزت العديد من القضايا والأزمات القانونية بين مطربين مصريين وعرب، وبين شركات الإنتاج، تم حل بعضها بطرق ودية، وأخرى تم الحكم فيها بأحكام نهائية. وتظل أزمة المطرب المصري بهاء سلطان مع شركة «فري ميوزيك» أكثر القضايا تعقيدا في مصر، رغم مرور أربع سنوات على بدايتها، بعدما نجح المنتج في إيقاف بهاء سلطان عن طرح أي أغنية جديدة طيلة تلك المرحلة، وإذ طرح المطرب أي عمل جديد عبر موقع الفيديوهات يوتيوب يحذفه الأول ويوقفه، ويشترط محروس الحصول على مبلغ مليون دولار من المطرب بهاء سلطان للتّنازل عن القضية ضده، وفق ما أعلنه محروس.
من جهته قال بهاء سلطان لـ«الشرق الأوسط»: «أجلس في بيتي منذ أربع سنوات، وغير قادر على إصدار أي عمل فني جديد، وربما اليوم السعيد الوحيد الذي عشته خلال تلك الفترة هو يوم رأس السنة الأخير، الذي أحييت فيه ثلاث حفلات غنائية». وأضاف: «ليس هناك أي مجال للتّصالح بيننا حالياً، فما انتظره وأعقد أملي عليه هو إنصافي في القضية عبر تقرير الخبير الذي يفصل بيننا من خلال العقد المبرم بيني وبين الشركة، وهو الذي سيتحدد مصيري على إثره».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».