رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» الأرجنتينية تعثر على حفيدها بعد 36 سنة

رئيسة الجمهورية تحدثت معها لتهنئتها وبكتا معا

استيلا دي كارلوتو (في الوسط) رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» خلال المؤتمر الصحافي عقب العثور على ابن ابنتها الذي أعدمته السلطات الأرجنتينية بعد 36 سنة من البحث (إ.ب.أ)
استيلا دي كارلوتو (في الوسط) رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» خلال المؤتمر الصحافي عقب العثور على ابن ابنتها الذي أعدمته السلطات الأرجنتينية بعد 36 سنة من البحث (إ.ب.أ)
TT

رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» الأرجنتينية تعثر على حفيدها بعد 36 سنة

استيلا دي كارلوتو (في الوسط) رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» خلال المؤتمر الصحافي عقب العثور على ابن ابنتها الذي أعدمته السلطات الأرجنتينية بعد 36 سنة من البحث (إ.ب.أ)
استيلا دي كارلوتو (في الوسط) رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو» خلال المؤتمر الصحافي عقب العثور على ابن ابنتها الذي أعدمته السلطات الأرجنتينية بعد 36 سنة من البحث (إ.ب.أ)

قبل 36 عاما، وبالتحديد عام 1978، دخلت «لاورا» بنت استيلا دي كارلوتو السجن في الأرجنتين، بسبب نشاطها السياسي المعارض للحكم العسكري آنذاك، ولم تعرف الأم أي شيء عن ابنتها غير أنها كانت حاملا عندما دخلت السجن، ثم ولدت ولدا في المستشفى العسكري في بوينس آيرس، ولم تبق مع ابنها غير خمس ساعات فقط، وبعد شهرين تم إعدامها، ولم تزل في الرابعة والعشرين من عمرها. ومنذ ذلك الحين فقدت الجدة أثر حفيدها، لكنها لم تستسلم، وظلت تبحث عنه طوال هذه الفترة، حتى عثرت عليه مؤخرا، بعد أن كان الحفيد قد تطوع لإجراء اختبارات طبية لمعرفة عائلته الحقيقية، ذلك أن العائلة التي تعهدت بتربيته أخبرته بأنه ابنها بالتبني، وكانت نتيجة اختبارات الحامض النووي قد أثبتت أنه ابن لاورا، حفيد استيلا دي كارلوتو رئيسة منظمة «جدات ميدان مايو». وقد أعلن الخبر خال الحفيد، غيدو كارلوتو وقال: «لا أستطيع الإدلاء بأي معلومات حول الحفيد لأسباب قانونية»، ولكن الصحافة استطاعت التوصل إلى معرفة اسم الحفيد وهو اغناثيو أوربان، فنان موسيقي، ويدير مدرسة للموسيقى.
واستيلا دي كارلوتو (83 عاما) عملت مدرسة، ثم تم انتخابها رئيسة لمنظمة «جدات ساحة مايو»، وهي منظمة تجمع أولئك الذين فقدوا أبناءهم أو أحفادهم إبان الحكم العسكري في الأرجنتين بين 1976 و1983. وتسعى لمعرفة الأطفال الذين فقدوا عوائلهم. تقول الجدة «اتصلت بي كريستنيا رئيسة الجمهورية، كانت تبكي، وسألتني إذا كان هذا الخبر صحيحا، فقلت لها: نعم، فبكينا معا».
القاضية ماريا سيربيني مسؤولة قضية الذين فقدوا إبان الحكم العسكري، قالت: «لقد كان موقفا مؤثرا للغاية لي وللعاملين معي، بعد وصول نتيجة الاختبارات إلينا. قلت لها: استيلا، لقد عثرنا على طفل آخر من أبناء المفقودين. فكانت فرحتها هائلة. تصوروا كيف كانت حالتها عندما قلت لها: إنه حفيدك».
يحمل الحفيد اسم اغناثيو أوربان، وعاش مع عائلته التي تبنته في مدينة اواباريا، ثم درس في بوينس آيرس الموسيقى، وهو الآن يدير مدرسة للموسيقى. ومن غريب الصدف أنه كان يتعاون مع منظمة «جدات ساحة مايو» بإجراء فعاليات موسيقية، لكنه لم يكن على علم بأنه يتعاون مع جدته، دون أن يعرف بأنها جدته.
تقول الجدة: «لقد كمل عدد أحفادي بالكامل، إنهم 14 حفيدا، لقد خصصت الكرسي رقم 14 له، وكان فارغا طيلة هذه الفترة، والآن سيشغله. أتذكر أنه شارك منظمتنا في نشاطاتها في شهر يوليو (تموز)، واستقبلناه واستمعنا إليه. على أي حال هو يعرف بأننا في انتظاره».
تقول إحدى صديقات الحفيدة سألتها إحدى المرات: «استيلا»، ماذا تفعلين لو أنك لم تعثري على حفيدك؟ فردت علي قائلة: المهم أننا بذلنا جهودا كبيرة للعثور على بعض الأحفاد الذين فقدوا أهاليهم، وبهذا فإن جهودنا لم تكن ضائعة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».