أسواق الباحة الشعبية الأسبوعية في جنوب السعودية مهددة بالاندثار

انتشار المحلات التجارية وتغيير العطلة الأسبوعية أثرت على مبيعاتها

صورة من سوق الباحة للطيور
صورة من سوق الباحة للطيور
TT

أسواق الباحة الشعبية الأسبوعية في جنوب السعودية مهددة بالاندثار

صورة من سوق الباحة للطيور
صورة من سوق الباحة للطيور

تتوزع منطقة الباحة «بلاد غامد وزهران» الواقعة جنوب غربي المملكة العربية السعودية على مساحة بين السراة حتى حدود منطقة عسير وتهامة، تمتد حتى حدود البحر الأحمر باتجاه محافظة القنفذة، والبادية حتى حدود محافظتي بيشة والطائف، وهي مكونة من مئات القرى التابعة لعشرات القبائل، وهذا التكوين الجغرافي المتباين المتباعد تسبب في خلق نوع من الأسواق الشعبية حكمتها معاهدات وعقود وعادات وتقاليد صارمة التنفيذ، موقعة من أعيان تلك القبيلة أو القبائل. من أشهر تلك الأسواق رغدان وسوق الخميس بالباحة، وعموما لا تخلو قبيلة من سوق تتربع في وسط قرية من قراها، ليسهل الوصول إليها من جميع الأنحاء.
تلك المواقع التي يفد إليها المواطنون للبيع والشراء في الحبوب والماشية والمنتجات الزراعية، وكان بعضها أشبه ما يكون اليوم بلجان لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين الذوات أو بين القرى أو بين القبائل بأسباب مرتبطة بالحدود بين هذه المسميات التي كانت قبل العهد السعودي في تخاصم دائم وتناحر يصل إلى درجة الاشتباك ووقوع ما لا تحمد عقباه، فيتدخل الذوات من هذه التجمعات ليصلحوا الأوضاع.
لعبت تلك الأسواق أيضا دورا شبيها بدور وسائط التواصل الاجتماعي والإعلامي اليوم، حيث يلتقي فيها الأصدقاء وينشرون أخبار الديار والثمار بواسطة ما كانوا يسمونه «البدوة أو العلامة»، ومطلع البدوة كان «آلام يا سماعة الكلام» بعد التسمية والتكبير والناس حول من يلقي، وهو أبرز المفوهين طبعا في المجتمع، أما العلامة فيبدأها بعبارة: «علومنا خير وهداية الله علينا وعليكم»، ويخبرهم بأخبار قبيلته، وكل ما يتعلق بالأجواء والمشكلات إن وجدت والحالة الصحية.. وهكذا.
هذه الأسواق الشعبية تتوزع على أيام الأسبوع وتسمى باسم اليوم الذي تعقد فيه وبعضه من كثرتها يتكرر اسم اليوم، فتجد يوم الجمعة مثلا في أكثر من موقع، والسبت والأحد والاثنين.. وهكذا.
وتشتهر بعضها ببيع المواشي، بينما يشتهر آخرون ببيع الأخشاب كسوق الرومي التي كان سوقا للمنطقة بأكملها أو سوق الجمعة بالعقيق التي اشتهرت ببيع الأغنام والإبل لقربها من البادية ورعاة الغنم والإبل، وسوق الثلاثاء بالمخواة، والاثنين بقلوة لبيع منتجات الماشية من السمن والزبد، كذلك بعض الحبوب التي لا تنتج إلا في تهامة كالدخن والسيال والجلجلان والسمسم، كذلك القطران والسمنة لوجود مصانعها اليدوية وانتشار موادها الأولية من الأشجار، إلا أن أسواق الخميس بالباحة وسوق السبت في بالجرشي، وسوق السبت أيضا ببني حسن والمندق، فكانت من الأسواق المشهورة المأهولة بالبضائع والسكان البائعين من تهامة والسراة والبادية، خصوصا سوق الخميس.
وكانت هذه الأسواق قائمة حتى ما قبل ثلاثة عقود تقريبا، إلا أنها أخذت في الاندثار شيئا فشيئا حتى بقي منها سوق الخميس والسبت بالباحة وبالجرشي، والثلاثاء بالمخواة، إلا أنها كانت أقل ارتيادا، والسبب يعود إلى انتشار المحلات التجارية في كل قرية ومدينة وهجرة، فيما ظلت تحافظ هذه الأسواق على مكانتها وأيامها لوجود من يرى فيها شيئا من المحافظة على التراث والموروث والعادات والتقاليد.
وفي هذا العام ومع تغير أيام العطلة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت، جعل مرتادي هذه الأسواق يطالبون بإحلال يوم السبت مكان الخميس، فيما ظل السبت بسوقه في بالجرشي محتفظا بإقامته ونشاطه، وأصبحت سوق الخميس بالباحة شبه خالية من المبيعات التي كانت تشتهر بها، مثل بيع الطيور والأرانب والقطط، كذلك بيع المصنوعات اليدوية وبيع العسل بكميات كبيرة، وبيع التمور وبيع التحف القديمة وبيع الحبوب في مواقعها المعتادة «المسعارة».
وهناك اتجاه من لجنة التنمية الاقتصادية والسياحية لدراسة إعادة هذه الأسواق، حيث يقول الدكتور هجاد الغامدي عضو مجلس منطقة الباحة ورئيس اللجنة إنه تم تشكيل فريق عمل بالتعاون مع فرع هيئة السياحة والغرفة التجارية للتواصل مع الأهالي، ومعرفة ما إذا كان ممكنا إعادة هذه الأسواق، ودعمها، على أن يحل السبت مكان الخميس لإقامة سوق الباحة باعتبارها علامة سياحية فارقة يمكن للسائح زيارتها إذا ما صادف وجوده بالباحة يوم إقامتها.
رجل الأعمال محمد ملة، الذي فتح محلا لبيع الملابس القديمة والجديدة والسيوف وبعض الحلي القديمة من المؤيدين للفكرة وكذلك العمدة صاحب أشهر محل لبيع التحف، الذي علق قائلا: «كنا نتفاءل بيوم الخميس الذي نبيع ونشتري فيه ما نريد، وما أن تحول ليوم عمل رسمي حتى فقدنا الحركة التجارية وأصبحنا نبحث عن الجائلين لبيع ما لدينا». ويطالب عدد من التجار في السوق بأن يتغير موعد إقامته إلى يوم السبت مع احتفاظه باسمه «سوق الخميس».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.