ترمب ينتقد الأنباء {السخيفة} عن إخفاء تفاصيل محادثاته مع بوتين

مجلس الشيوخ يستعد للمصادقة على تعيين وزير عدل جديد

ترمب يتحدث عن الإغلاق الحكومي الجزئي مع قادة الكونغرس الجمهوريين الأربعاء الماضي (أ.ب)
ترمب يتحدث عن الإغلاق الحكومي الجزئي مع قادة الكونغرس الجمهوريين الأربعاء الماضي (أ.ب)
TT

ترمب ينتقد الأنباء {السخيفة} عن إخفاء تفاصيل محادثاته مع بوتين

ترمب يتحدث عن الإغلاق الحكومي الجزئي مع قادة الكونغرس الجمهوريين الأربعاء الماضي (أ.ب)
ترمب يتحدث عن الإغلاق الحكومي الجزئي مع قادة الكونغرس الجمهوريين الأربعاء الماضي (أ.ب)

نفى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما أورده تقرير صحافي حول رفضه إطلاع كبار مسؤولي إدارته الأميركية على تفاصيل محادثاته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وفي مقابلة أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» ليل أول من أمس، نفى ترمب ما أورده التقرير الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، ووصفه بـ«السخيف». وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأميركي سعى إلى كتمان ما تطرّق إليه خلال محادثاته مع بوتين، وأنه صادر الملاحظات التي دوّنتها مترجمة حضرت قمة هلسنكي، وأمر بعدم الإفصاح عمّا طرح خلال اللقاء.
وكان ترمب قد أعلن أنه أجرى «محادثات رائعة» مع بوتين في قمة جمعتهما بهلسنكي في يوليو (تموز) 2018. ولدى سؤاله عن سبب رفضه الإفصاح عن تفاصيل المحادثات التي دامت لنحو ساعتين، أجاب ترمب: «سأفعل ذلك». وتابع الرئيس الأميركي: «لقد أجريت محادثات مثل كل الرؤساء»، مضيفاً: «لقد تحدّثنا عن حماية أمن إسرائيل، وأمور أخرى عدة... أنا لا أخفي شيئاً، ولا أكترث البتة. الأمر سخيف جداً». وقال الرئيس الأميركي: «كان يمكن لأي كان أن يستمع لذلك الاجتماع، إنه متاح للجميع». وبحسب الصحيفة الأميركية، ليس هناك أي سجل مفصّل للمحادثات التي أجراها ترمب مع بوتين في 5 مناسبات خلال السنتين الماضيتين، حتى على شكل وثائق سرية. ويستند التقرير إلى معلومات تقول الصحيفة إنها حصلت عليها من مسؤولين حاليين وسابقين في الإدارة الأميركية.
وقال ترمب، خلال المقابلة مع «فوكس نيوز»، إنه لم يتم اكتشاف «أي تواطؤ» بين فريق حملته الانتخابية في 2016 وروسيا، وإنه (ترمب) كان أفضل من المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وإن الاقتصاد الأميركي «هو الأقوى في العالم»، وإن صحيفة «واشنطن بوست» هي «أساساً مجموعة ضغط لـ(شركة) أمازون». يشار إلى أن الملياردير الأميركي جيف بيزوس يملك كلاً من مجموعة «أمازون» وصحيفة «واشنطن بوست».
كذلك، هاجم الرئيس الأميركي تقريراً لصحيفة «نيويورك تايمز»، أفاد بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فتح تحقيقاً غير معلن في عام 2017 لتحديد ما إذا كان ترمب يشكل تهديداً للأمن القومي، بالتزامن مع التحقيق في احتمال إعاقته سير العدالة. وقد دُمجت تحقيقات الـ«إف بي آي» لاحقاً في التحقيق الموسع الذي يقوده المحقق الخاص روبرت مولر حول تدخل روسيا في انتخابات 2016، واحتمال تواطؤ حملة ترمب معها، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله في المقابلة مع الشبكة الأميركية «فوكس نيوز» عمّا إذا كان قد عمل في السابق لمصلحة روسيا، اكتفى ترمب بالقول: «أعتقد أنه السؤال الأكثر إهانة الذي وجّه إلي». ووصف الرئيس الأميركي ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه «التقرير الأكثر إهانة الذي كتب عني، وإذا قرأتموه سوف ترون أنهم لم يكتشفوا شيئاً على الإطلاق».
ولم يُكشف علناً عن أي أدلة بأن ترمب تواصل سراً مع مسؤولين روس أو تلقى منهم تعليمات. واشتبه مكتب التحقيقات الفيدرالي بوجود روابط بين ترمب وروسيا خلال الحملة الانتخابية في 2016، لكنّ المكتب لم يفتح تحقيقاً في ذلك إلى أن أقال الرئيس مدير الـ«إف بي آي»، جيمس كومي، الذي رفض وقف التحقيق في تدخل روسيا بالانتخابات، بحسب «نيويورك تايمز».
وصدرت عن تحقيق مولر اتهامات بحق 33 شخصاً، بينهم 3 من كبار معاوني ترمب السابقين. وأقر مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي، مايكل فلين، بأنه أدلى بإفادات كاذبة خلال التحقيقات حول علاقاته بموسكو. كما حُكم على مايكل كوهين، محامي ترمب السابق، بالحبس 3 سنوات بعد إدانته بعدة جرائم، من بينها دفع مبالغ مالية لشراء صمت امرأتين زعمتا أن ترمب أقام علاقة معهما.
وأدين رئيس حملة ترمب الانتخابية السابق بول مانافورت في تهمة وجهها إليه مولر، بينما أقرّ بذنبه في قضية أخرى، تتعلق بجرائم مالية مرتبطة بعمله في أوكرانيا قبل حملة 2016، إضافة إلى التلاعب بالشهود.
وفي هذا الصدد، تناقش لجنة بمجلس النواب الأميركي ما جاء في تقرير «نيويورك تايمز»، حسبما قال رئيس اللجنة الذي ينتمي للحزب الديمقراطي يوم السبت. وقال جيرولد نادلر، رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، إن لجنته «ستتخذ خطوات من أجل فهم كل من إجراءات الرئيس ورد مكتب التحقيقات الاتحادي على هذا السلوك بشكل أفضل خلال الأسابيع المقبلة»، وأضاف أن النواب سيسعون إلى حماية المحققين من «الهجمات المشوشة على نحو متزايد» للرئيس. وتابع نادلر في بيان: «ليس هناك ما يدعو للتشكيك في جدية أو مهنية مكتب التحقيقات الاتحادي، مثلما فعل الرئيس في رد فعله على هذه الرواية»، وقال: «لقد علمنا من هذا التقرير أنه حتى في بداية إدارة ترمب، كان سلوك الرئيس مثيراً للقلق إلى حد أن مكتب التحقيقات الاتحادي شعر بأنه مضطر للقيام بهذا الإجراء غير المسبوق، وهو فتح تحقيق في مجال مكافحة التجسس مع رئيس في أثناء وجوده بالسلطة».
في المقابل، رفض البيت الأبيض مقال الصحيفة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، ووصفه بـ«السخيف»، واعتبرت الناطقة الإعلامية باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أن ما جاء في التقرير لا يستحق رداً.
وعلى صعيد متصل، يبدأ مجلس الشيوخ، غداً (الثلاثاء)، إجراءات المصادقة على تعيين ويليام بار الذي اختاره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتولي منصب وزير العدل، مع جلسة استماع أمام أعضاء المجلس الذين ينوون الكشف عن نواياه بشأن التحقيق الروسي شديد الحساسية. ويجب، وفق الدستور، أن يصادق مجلس الشيوخ على تعيين بار (68 عاماً) وزيراً للعدل، بعدما كان قد تولى هذا المنصب مطلع تسعينات القرن الماضي خلال رئاسة جورج بوش الأب. ويتمتع الجمهوريون بأغلبية 53 مقعداً من أصل 100 مقعد، الأمر الذي يسهل المهمة.
ويتعين على ويليام بار، الذي يطلق عليه اسم بيل، تبديد الشكوك التي ولدها الكشف عن مذكرة يعارض فيها التحقيقات في صلات مفترضة بين فريق ترمب الانتخابي في 2016 وروسيا. وأعرب بار عن مخاوفه بشأن جزء من التحقيق في مذكرته التي أرسلها إلى وزارة العدل في يونيو (حزيران) الماضي، معتبراً أن تحقيق مولر «صمم بشكل لا يمكن إصلاحه، وغير مسؤول بشكل كبير»، حسبما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال».
وسيكون من مهام بار، بوصفه وزيراً للعدل، الإشراف على التحقيقات التي يجريها المحقق الخاص روبرت مولر، مما يثير حفيظة المعارضين الديمقراطيين الذين يخشون من أن يضعف ذلك التحقيق.
وتساءل السيناتور الديمقراطي تيم كين عما إذا كانت تلك المذكرة «تمهيداً لوقف التحقيق، أو محاولة لإخفاء استنتاجاته عن الرأي العام الأميركي»، فيما دعا زعيم الديمقراطيين في المجلس، تشاك شومر، الرئيس لسحب ترشيحه، إلا أن الجمهوريين اعترضوا على ذلك. وقال السيناتور ليندسي غراهام، الأربعاء، إن بار «لديه رأي جيد للغاية حول مولر، وهو مصمم على السماح له بإتمام عمله».
وويليام بار كان مسؤولاً عن مولر حين كان وزيراً للعدل خلال رئاسة جورج بوش الأب (من 1991 حتى 1993). وكان مولر يتولى آنذاك إدارة الشؤون الجنائية في الوزارة. وفي مايو (أيار)، حين كلف مولر بالتحقيق الروسي، أشاد بار بهذا الخيار، وقال في مقابلة إنه «واثق» بأن المدعي الخاص «لن يترك التحقيق ينجرّ إلى حملة مطاردة من دون نهاية».
وبار خريج جامعة كولومبيا العريقة، وقد عمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، ولدى محاكم في العاصمة الفيدرالية ومكاتب قانون خاصة، قبل أن يُعيّن وزيراً للعدل في فريق الرئيس جورج بوش الأب. والتحق بار، بعد انتخاب بيل كلينتون، بالقطاع الخاص، وانضم للعمل في شركة «فيرايزون» للاتصالات، كما عمل مؤخراً في أحد أكبر مكاتب المحاماة في نيويورك.
وكان يعلق بانتظام على الأخبار، حيث أثارت بعض تصريحاته استغراب الديمقراطيين. وأيّد إقالة ترمب لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي في مايو 2017، وقال: «إنني أتفهم أن الإدارة لا ترغب في وجود مدير لمكتب التحقيقات الفيدرالي لا يحترم حدود سلطته».
كما دافع عن دعوة ترمب لإجراء تحقيق حول منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وأعلن أنه «ليس هناك أي خطأ جوهري في أن يطالب رئيس بإجراء تحقيق»، فيما يؤكد الدستور على الفصل الصارم بين السلطات التنفيذية والقضائية.
وفي حال صادق مجلس الشيوخ على تعيين بار، فسيخلف جيف سيشينز الذي أقاله ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن اتّهمه بالنأي بنفسه عن التحقيق الروسي، مما حرمه من جدار حماية. ويتولى ماثيو ويتاكر منذ شهر منصب وزير العدل بالوكالة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟