«شابكة»... مسرحية مغربية تنتقد الواقع بالسخرية

تتناول قصة معلمة متشبثة بالمبادئ والقيم

لقطة من مسرحية «شابكة»
لقطة من مسرحية «شابكة»
TT

«شابكة»... مسرحية مغربية تنتقد الواقع بالسخرية

لقطة من مسرحية «شابكة»
لقطة من مسرحية «شابكة»

يقدم المخرج المغربي أمين ناسور عرضه «شابكة» الذي يناقش التحولات الاجتماعية العربية ومآلات الأجيال السابقة ومستقبل الأجيال الجديدة، في إطار ساخر يتناقض مع الواقع المأساوي للشخصيات على المسرح.
يتناول العرض قصة المعلمة صالحة المتشبثة بالمبادئ والقيم، التي أحيلت للتقاعد وتعيش مع زوجها عبد العال الذي أحيل هو الآخر للتقاعد ويعيش الاثنان حالة من الفراغ واجترار آلام العمر الذي مر دون جني مال أو وصول لمنصب.
تنغلق صالحة وزوجها على نفسيهما في البيت ومعهما ابنهما سلطان ولا يربطهم بالعالم الخارجي سوى المذياع الذي يعرفون منه الأحداث، وذات يوم تستمع العائلة إلى نبأ تولية رابح ولد رابح وزيراً لثلاث وزارات، وهو الذي كان تلميذاً فاشلاً لصالحة في المدرسة.
تأخذ الأحداث منعطفاً شديد التوتر في المنزل الهادئ الرتيب، إذ يحث عبد العال وسلطان المعلمة السابقة على الذهاب إلى الوزير ومحاولة الاستفادة منه، إلا أنها ترفض وتستنكر من الأساس اختياره وزيراً، وتصر على أن خللاً ما في القيم والذمم هو الذي أوصله لذلك المنصب.
العرض لفرقة «الأوركيد» المغربية، وهو من بطولة حنان خالدي وعبد الله شيشة ونبيل البوستاوي وعادل اضريسي، ومأخوذ عن نص «على باب الوزير» للكاتب عبد الكريم برشيد.
يتنافس العرض الذي قدم أخيراً على خشبة المسرح القومي بالقاهرة ضمن 8 عروض على جائزة الشيخ سلطان القاسمي في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي المقام حالياً في مصر.
يحمل العرض روحاً شابة مرحة تناقض ما تعانيه شخوص الرواية من فقر وقهر ليسلط الضوء على أكثر القضايا قسوة بعين ساخرة. وتلعب الموسيقى دوراً كبيراً في العرض سواء بإدخال أغنيات مغربية ومصرية تعود لحقب مختلفة أو بالعزف الحي لآلات الكمان.
وقال المخرج أمين ناسور الذي تخرج في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ويملك في رصيده 12 عرضاً مسرحياً، لـ«رويترز»، «رهاني في العروض هو على الفنان متعدد المواهب، أبحث دوماً عن الممثلين الذين يعرفون الرقص، يعرفون الغناء، لأن هذا يساعدني على خلق عرض ثري جدير بالمشاهدة».
وأضاف: «بالنسبة للموسيقى والأغاني هي من اختياري مائة في المائة، واخترت حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، فاشتغلت على الأغاني المصرية مثل أغاني عبد الحليم وأم كلثوم لأنها الموسيقى التي تربينا عليها، فلم يخلُ بيت مغربي آنذاك من أغاني كبار المطربين المصريين، واشتغلت أيضاً على الموسيقى المغربية من خلال نجاة عبد السلام ومجموعة غنائية اسمها (لمشاهب) نشطت في أواخر السبعينات والثمانينات، وأظن أن هذا حقق صداه لدى المشاهدين الذين تفاعلوا معها، كما لو أنهم يسمعونها لأول مرة اليوم».
وتميزت لغة المسرحية بالسلاسة والوضوح فجاءت بلغة عربية بسيطة خالية من أي مفردات أجنبية أو لهجات محلية تعوق وصول النص إلى المشاهد.
وقال ناسور «كنت أمام تحد كبير في هذا الصدد، فأنا قادم إلى مهرجان للمسرح العربي، وبالتالي سيكون الجمهور من جميع الدول، وهناك لهجات مختلفة مثل اللهجة المصرية واللبنانية والمغربية لذلك حرصت على الاعتماد على لهجة جامعة تستوعب جميع هذه اللهجات». وتستمر عروض مهرجان المسرح العربي حتى 16 يناير (كانون الثاني) موعد الختام وإعلان العرض الفائز بجائزة الشيخ سلطان القاسمي، إلا أن مخرج «شابكة» يعتبر أنه فاز بالفعل بما هو أهم وأكبر.
وقال: «أهم جائزة عندي الآن هو التفاعل الذي وجدته هنا، أن تأتي إلى مصر، مهد المسرح، وتقدم عملك ويتفاعل معه العرب والمصريون ويعجبهم... فأي جائزة تحتاج بعد ذلك؟».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».