الترشح للانتخابات البرلمانية التونسية يشعل المنافسة بين الأحزاب السياسية

المرزوقي يعلن أن بلاده طلبت من الولايات المتحدة تزويدها بـ12 مروحية عسكرية لمحاربة الإرهاب

محمد المرزوقي
محمد المرزوقي
TT

الترشح للانتخابات البرلمانية التونسية يشعل المنافسة بين الأحزاب السياسية

محمد المرزوقي
محمد المرزوقي

قبل نحو أسبوعين من فتح أبواب الترشح للانتخابات البرلمانية، تتسابق الأحزاب السياسية التونسية على ضبط اللوائح الانتخابية، واختيار أفضل الأسماء وأكثرها حظوظا للمنافسة في المناطق الداخلية التونسية.
ووفق الروزنامة الانتخابية التي حددتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن تاريخ 22 أغسطس (آب) الحالي سيكون موعد فتح أبواب الترشح للانتخابات البرلمانية، بينما تتواصل فترة قبول الترشحات لمدة ثمانية أيام فقط.
واستعدت معظم الأحزاب لهذا الحدث بالإعلان عن رؤساء اللوائح الانتخابية، وفيما اعتمدت عدة أحزاب على قيادات سياسية للمنافسة على إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 217 مقعدا، فإن حركة النهضة تميل إلى الاعتماد على وزرائها السابقين في حكومتي علي العريض وحمادي الجبالي للمراهنة من جديد على مقاعد البرلمان.
وأعلنت حركة النهضة عن أسماء مرشحيها إلى الانتخابات البرلمانية في انتظار موافقة مجلس شورى الحركة على الأسماء المقترحة، وكيفية توزيعها على الدوائر الانتخابية. ويترأس فتحي العيادي، رئيس مجلس الشورى، الدائرة الانتحابية في صفاقس ثاني كبرى المدن التونسية بعد تونس العاصمة. أما علي العريض وزير الداخلية رئيس الحكومة التونسية السابق فسيكون على رأس دائرة تونس الأولى الانتخابية، في حين سيرأس الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة، الدائرة الانتخابية الثانية في تونس العاصمة، بينما يرأس عبد اللطيف المكي، وزير الصحة، الدائرة الانتخابية في مدينة الكاف (160 كلم شمال غرب).
واقترحت حركة النهضة اسم نور الدين البحيري، وزير العدل السابق، على رأس دائرة بن عروس الانتخابية، ومن المنتظر أن يرأس الصحبي عتيق، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة في المجلس التأسيسي الحالي، دائرة أريانة القريبة من العاصمة، كما سيرأس زياد العذاري، المتحدث باسم حركة النهضة، دائرة سوسة الانتخابية. ولم يرد اسم سمير ديلو، وزير العدالة الانتقالية السابق، إلا في المرتبة الثالثة ضمن الدائرة الانتخابية الخاصة بمدينة بنزرت.
وفي قراءة أولية للأسماء المرشحة لرئاسة اللوائح الانتخابية، فإن حركة النهضة تخلت عن بعض القيادات التي أثارت جدلا خلال فترة الحكم السابقة، مثل الحبيب اللوز (من صفاقس)، والصادق شورو (بن عروس)، وهما ينتميان إلى الشق المتشدد ضمن اللوائح الانتخابية.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي لحركة نداء تونس في بلاغ أصدره، أمس، خبر تلقي الباجي قائد السبسي، رئيس الحركة، سيارتين مصفحتين من الإمارات العربيّة لحمايته وحماية الفريق الساهر على مرافقته، بسبب تواصل التهديدات الإرهابية الجديّة المستهدفة لحياته.
وعلى صعيد منفصل، طالبت أمهات عدد من الشبان التونسيين المفقودين في إيطاليا جراء الهجرة غير الشرعية خلال سنة 2011. الحكومة التونسية بالكشف عن مصير أبنائهن، وإيجاد حلول فعلية للعثور عليهم أحياء أو أمواتا. وقالت ربح كريم، رئيسة جمعية «الخضراء» للتونسيين المفقودين في إيطاليا في مؤتمر صحافي عقدته أمس في العاصمة التونسية، إن الحكومات التي أعقبت الثورة اعتمدت «الصمت الرهيب» تجاه آلاف المفقودين في إيطاليا، ولم تسع للبحث عن حقيقة ما حدث لهؤلاء الشبان من السلطات الإيطالية، التي رفضت التعامل مع الجمعيات التونسية، وتنتظر من الحكومة التونسية اتصالات رسمية.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قالت ربح إنها تملك ما يكفي من الحجج والبراهين على إيداع الآلاف من التونسيين السجون الإيطالية لمخالفتهم قوانين الهجرة، وإن الطرف الإيطالي مطالب بمراعاة حالة الانفلات الأمني والاضطراب السياسي الذي كان سائدا في تونس مباشرة بعد الثورة، عند النظر في ملفات المهاجرين غير الشرعيين.
وقالت: إن الجمعية نظمت أكثر من 20 اعتصاما في إيطاليا للمطالبة بالكشف عن حقيقة التونسيين المفقودين هناك.
وتشير منظمات دولية ناشطة في مجال الهجرة إلى أن نحو 23 ألف تونسي توافدوا على إيطاليا في موجات من الهجرة الغير شرعية خلال سنة 2011، وإن الكثير منهم توفي في عرض البحر المتوسط قبل الوصول إلى إيطاليا.
وعلى صعيد متصل بمحاربة الإرهاب، أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في واشنطن أن بلاده طلبت من الولايات المتحدة تزويدها بـ12 مروحية عسكرية كي تقاتل قواتها المسلحة «الإرهاب» الجهادي الذي يهدد هذه الدولة في المغرب العربي.
وصرح المرزوقي في كلمة ألقاها في مركز دراسات في واشنطن على هامش القمة الأميركية الأفريقية «نحن بحاجة إلى مروحيات، نحتاج إلى نحو 12 منها. وقد طلبنا من الولايات المتحدة تزويدنا بنحو 12 مروحية بلاك هوك».
وأوضح المرزوقي أن هذه الصفقة ستكون «باهظة الكلفة»، مشيرا إلى أن تونس ستحتاج إلى «عامين أو ثلاثة» للحصول على الطائرات.
كما طالب المرزوقي «بمعدات للرؤية الليلية والاتصالات» لتجهيز جيشه. وتحدث الرئيس التونسي عن «مكافحة الإرهاب» الذي أصبح يشكل «تهديدا جديدا» يمثله «إرهابيون تلقوا تدريبا ممتازا في مالي أو طوال 20 عاما ضد الجيش الجزائري».
وكرر المرزوقي إشادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، ببلاده حيث عد تونس «بارقة أمل» للعالم العربي، كونها البلد الذي انطلقت منه شرارة الربيع العربي سنة 2011. وقال المرزوقي «إن تونس «هي الأمل الأخير، ومن واجبنا أن نكون قصة نجاح».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.