حزمة بيانات سلبية لمنطقة اليورو تفاقم التشاؤم

تدهور بالغ في الثقة ونشاط الشركات... مع تباطؤ مقلق للتضخم

تتوالى البيانات المخيبة عن اقتصاد منطقة اليورو مما يضيف مزيداً من التشاؤم (رويترز)
تتوالى البيانات المخيبة عن اقتصاد منطقة اليورو مما يضيف مزيداً من التشاؤم (رويترز)
TT

حزمة بيانات سلبية لمنطقة اليورو تفاقم التشاؤم

تتوالى البيانات المخيبة عن اقتصاد منطقة اليورو مما يضيف مزيداً من التشاؤم (رويترز)
تتوالى البيانات المخيبة عن اقتصاد منطقة اليورو مما يضيف مزيداً من التشاؤم (رويترز)

في أسبوع من المؤشرات السلبية لمنطقة اليورو، بدأ تدهور بالغ للثقة ولمجمل الأنشطة، إضافة إلى تباطؤ لا يطمئن لمستوى التضخم، مما يشير بقوة إلى تراجع كبير للمعنويات الاقتصادية بالمنطقة، ويزيد من حدة التشاؤم حيال مستقبل اقتصاد منطقة وسط ضغوط جيوسياسية متنوعة، تمتد من حرب التجارة المشتعلة بين أميركا والصين، وصولاً إلى تبعات «بريكست» البريطاني وما يحيط به من غموض، على دول مجموعة العملة الأوروبية الموحدة.
وأظهرت بيانات المفوضية الأوروبية أمس تدهورا ملحوظا في الثقة في اقتصاد منطقة اليورو وبأكثر مما هو متوقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في نهاية عام شهد تراجعا للتفاؤل في كل شهر، وهو مؤشر جديد على ضعف اقتصاد المنطقة.
وترجع التوقعات الأكثر قتامة إلى أسباب عدة؛ من بينها تراجع الثقة في الصناعة، بما يتماشى مع تراجع الإنتاج الصناعي في ألمانيا أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وفي مؤشر سيئ لتوقعات النمو بمنطقة اليورو في الربع الأخير من العام، قالت المفوضية إن مؤشر الثقة في اقتصاد المنطقة هبط إلى 107.3 نقطة في ديسمبر من 109.5 في نوفمبر الماضيين، وهو ما يمثل التراجع الشهري الثاني عشر على التوالي للمؤشر وأقل مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 2017. وتوقع اقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز» انخفاضا أقل حدة إلى 108.2، لكن تراجع «ثقة المديرين» في قطاع الصناعة والمستهلكين زاد من قتامة الصورة.
وتراجعت الثقة في الصناعة إلى 1.1 نقطة من 3.4 في نوفمبر مقارنة مع توقعات السوق لقراءة 2.9 نقطة. وبالنسبة لقطاع الخدمات، الذي يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو، انخفضت المعنويات بواقع 1.4 نقطة.
وكان مسح نشر يوم الجمعة الماضي أظهر أن نشاط الشركات بمنطقة اليورو هبط إلى أدنى مستوى في أكثر من 4 أعوام بقليل خلال ديسمبر الماضي. وهذه أخبار مخيبة لآمال صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي الذين أنهوا الشهر الماضي برنامج شراء الأصول البالغة قيمته 2.6 تريليون يورو (2.95 تريليون دولار)، والذي كان أحد المصادر الرئيسية لتحفيز اقتصاد الاتحاد.
واستقر مؤشر «آي إتش إس ماركت المجمع» لمنطقة اليورو في قراءته النهائية فوق مستوى 50 الفاصل بين الانكماش والنمو. ويُعد المؤشر مقياسا لمتانة الاقتصاد بشكل عام. لكنه هبط إلى 51.1 نقطة، مقارنة مع 52.7 في نوفمبر، وهو مستوى يقل أيضا عن قراءة أولية دون 51.3، والأدنى منذ يوليو (تموز) 2013.
ويوم الاثنين، أكد لويس دي جويندو، نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، أن السياسات النقدية وحدها ليست كافية لتعزيز النمو في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، ودعا الأطراف الأخرى إلى الاضطلاع بأدوارها.
وفي حين أن البنك المركزي الأوروبي لم يعد يطرح خطط تحفيز بعد 4 سنوات من برامج شراء السندات في مختلف أنحاء منطقة اليورو، أكد دي جويندو على «الاستمرار في إجراء التغييرات اللازمة»، مشيرا إلى أن «صناع السياسات تعهدوا بإبقاء معدلات الفائدة عند مستويات منخفضة بشكل غير مسبوق، على الأقل حتى فصل الصيف».
ونقلت وكالة «بلومبيرغ» عن دي جويندو قوله إنه «يتعين بذل مزيد من الجهود لتعزيز المرونة الهيكلية ودعم نمو الإنتاج في منطقة اليورو». كما أظهرت تقديرات رسمية أولية قبل يومين تباطؤ التضخم في منطقة اليورو خلال ديسمبر الماضي بأكثر مما كانت تتوقعه الأسواق، تحت ضغط تباطؤ حاد في أسعار الطاقة، بينما ظلت المؤشرات الأساسية مستقرة.
وأشارت تقديرات مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي إلى أن الأسعار في دول الاتحاد، ارتفعت 1.6 في المائة في ديسمبر على أساس سنوي، بما يمثل تباطؤا عن ارتفاع بلغ 1.9 في المائة في نوفمبر.
وجاء التباطؤ أكبر من التوقعات في استطلاع لآراء خبراء اقتصاد أجرته «رويترز»، وأشار إلى تضخم نسبته 1.8 في المائة في ديسمبر. وبهذا الانخفاض غير المتوقع، يكون التضخم قد انخفض دون المستوى المستهدف من البنك المركزي الأوروبي، الذي يقترب جدا من اثنين في المائة.
غير أن التضخم الأساسي الذي يراقبه البنك المركزي الأوروبي عن كثب لاتخاذ القرارات ذات الصلة بسياسته النقدية، والذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة، استقر عند 1.1 في المائة في ديسمبر، متماشيا مع توقعات السوق. وربما كانت بارقة الأمل الوحيدة في البيانات الصادرة هذا الأسبوع، ارتفاع مبيعات منطقة اليورو بأكثر من المتوقع في نوفمبر للشهر الثاني على التوالي مع اتجاه المستهلكين لشراء مزيد من الملابس والسلع الكهربائية، وذلك في إشارة إيجابية للنمو في المنطقة خلال الربع الماضي.
وتشير تقديرات مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي (يوروستات) إلى أن مبيعات التجزئة في دول منطقة اليورو ارتفعت 0.6 في المائة على أساس شهري. وهذه النسبة أعلى بكثير من نمو عند 0.1 في المائة في توقعات خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم. وعلى أساس سنوي زادت مبيعات التجزئة 1.1 في المائة.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.