إدانات دولية لمقتل محتجين في الخرطوم... و«الصحة» السودانية تعتذر

غوتيريش «يتابع بقلق»... والاتحاد الأوروبي يحث الخرطوم على ضبط النفس ... وإضراب للأطباء

جانب من المظاهرات المناهضة للحكومة في مدينة أم درمان أول من أمس (رويترز) ...وفي الإطار أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المناهضة للحكومة في مدينة أم درمان أول من أمس (رويترز) ...وفي الإطار أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
TT

إدانات دولية لمقتل محتجين في الخرطوم... و«الصحة» السودانية تعتذر

جانب من المظاهرات المناهضة للحكومة في مدينة أم درمان أول من أمس (رويترز) ...وفي الإطار أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المناهضة للحكومة في مدينة أم درمان أول من أمس (رويترز) ...وفي الإطار أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

أقرت الشرطة السودانية، بمقتل ثلاثة متظاهرين، على الأقل في احتجاجات مدينة أم درمان أول من أمس، التي واجهتها بترسانة مسلحة، مستخدمة الرصاص الحي، أصيب جراه اثنا عشر شخصا آخرون، وهو ما دفع مراقبين إلى وصف تلك الأحداث بـ«الأربعاء الدامي».
وأعلن الأطباء إضراباً شاملاً عن العمل، احتجاجاً على اقتحام الأجهزة الأمنية لمستشفاهم، وإطلاق الرصاص، والغاز المسيل للدموع داخله، مما دفع وزارة الصحة للاعتذار. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس، أنه «يتابع بقلق» أعمال العنف التي أدت إلى سقوط قتلى بين المتظاهرين في السودان، داعياً إلى «ضبط النفس» وإجراء «تحقيق واف» فيما جرى، بينما ازدادت المخاوف من تأثير الأحداث على المساعدات الإنسانية التي ترسلها المنظمات الدولية لملايين المحتاجين في كل أنحاء البلاد.
ورداً على سؤال «الشرق الأوسط» في شأن المظاهرات التي تشهدها مناطق ومدن عدة في السودان وإطلاق الذخيرة الحيّة ضد المحتجين، أجاب الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش «يتابع بقلق التطورات في جمهورية السودان، بما في ذلك ما يفاد عن العنف والقتلى»، داعياً إلى «الهدوء وضبط النفس» ومطالباً السلطات بـ«إجراء تحقيق واف في خصوص القتلى والعنف». وعبر عن «تعازيه إلى جميع أولئك الذين فقدوا أحباء لهم في أعمال العنف». وشدد على «ضرورة صون حرية التعبير والتجمع السلمي» في البلاد.
وفي شأن المساعدات التي توزع على المحتاجين في بعض الولايات، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأنه «حتى تاريخه، لم تحصل مظاهرات كبرى، تعيق العمليات الإنسانية الكبرى، مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق». غير أنه أشار إلى أن تردي الوضع الاقتصادي الذي أشعل هذه الاحتجاجات، والارتفاعات الحادة في أسعار المواد الغذائية، أثرت على قدرة الناس على شراء ما يكفي من الأغذية... فضلا عن وجود نحو 5.5 مليون شخص يحتاجون أصلاً إلى المساعدة الإنسانية. وأكد أن الوضع الاقتصادي أدى أيضاً إلى نقص متقطع في الوقود والنقود، مما أثر على قدرة المنظمات على إيصال المساعدات إلى المجتمعات الضعيفة.
من جانبه، حث الاتحاد الأوروبي الحكومة السودانية على منح المواطنين حق التظاهر، معرباً عن قلقه من وقوع ضحايا في وسطهم، مؤكداً أنه يتابع عن قرب الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة وعدداً من مدن الولايات المختلفة، وتوقيف قيادات سياسية ونشطاء، مشدداً على ضرورة ضبط النفس.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان أمس، إن الاحتجاجات الشعبية المستمرة بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في السودان تثير القلق خاصة الأعداد المتزايدة في أوساط الضحايا. وأضاف: «من المهم إظهار ضبط النفس والعمل ضمن القانون»، داعياً الحكومة إلى احترام حق المواطنين في التعبير عن مخاوفهم والاستجابة لشكاويهم، وقال البيان: «يجب على جميع الأجهزة إنفاذ القانون بما يتفق مع التزامات السودان الدستورية والدولية». وأكد بيان الاتحاد الأوروبي أنه سيثير هذه القضايا في إطار الحكومة السودانية ومع الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان.
وكانت دول الترويكا «المملكة المتحدة والولايات المتحدة والنرويج» إضافة إلى كندا، قد أعربت عن شعورها بالقلق العميق إزاء تعامل الحكومة السودانية مع الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة الخرطوم وعدد من المدن الأخرى واحتجاز عدد من السياسيين والناشطين والمتظاهرين، وحثت الحكومة على إطلاق سراح المعتقلين فوراً وإجراء تحقيق كامل وشفاف ومستقل في أقرب وقت بشأن مقتل كثير من المتظاهرين.
واعترفت الشرطة من جهتها، بمقتل ثلاثة متظاهرين، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن الناطق الرسمي هاشم عبد الرحيم، تلقي ثلاثة بلاغات بحالات وفاة وعدد من الإصابات في «أحداث شغب» بأم درمان ويجري التحقيق حولها تحت إشراف النيابة العامة، دون أن تحدد طريقة وسبب قتلهم.
وقال مصدر طبي، طلب حجب اسمه، إن نحو 5 أشخاص أصيبوا بالرصاص مباشرة في أحداث أم درمان إلى جانب القتلى، إضافة إلى 7 أصيبوا بالرصاص في احتجاجات أخرى، ما يزال بعضهم طريح المستشفيات.
وأوضح أن هناك ثلاثة مصابين بالرصاص في مستشفى «فضيل» أجريت لهم جراحات وأوضاعهم حرجة، إضافة إلى مصابَين إصابتهما خفيفة، تم تقديم العلاج لهم وخرجوا من المستشفيات، وفي مستشفى أم درمان أجريت عمليتان جراحيتان لاثنين، أحدهما الناشط هشام الشوالي، وثلاثة مصابين بطلق ناري في مستشفى الأربعين أجريت لهم جراحات وأوضاعهم مستقرة.
ويرجح المعارضون أن يكون الرصاص الذي قتل وجرح المتظاهرين السلميين، أطلق استجابة لتوجيهات مبطنة أطلقها النائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، بزعمه أن هناك قوات خاصة بالنظام تعرف كودياً باسم «الأمن الشعبي»، وتدافع عنه حتى الموت، حين قال في مقابلة تلفزيونية، إن «الإنقاذ نظام تحميه كتائب ومجموعات يعرفونها، حتى ولو أدى الأمر للتضحية بأرواحهم».
الحكومة السودانية اعترفت على استحياء بمقتل 19 شخصاً في الاحتجاجات، مرجعة القتل إلى عمليات «تخريب وعنف»، وبقتلى أم درمان الثلاثة يكون عدد القتلى الرسمي 22، لكن قتلى أم درمان لم يقتلوا في أحداث عنف أو تخريب، بل جاء العنف «غير المبرر» من القوات النظامية نفسها، في الوقت الذي تقول فيه المعارضة إن القتلى تجاوز عددهم الأربعين قتيلاً حتى الآن.
وبحسب الشهود، واجه المتظاهرون الرصاص بصدورهم العارية، وقتل جراه كل من صالح عبد الوهاب، ومحمد الفاتح، والحذيفة محمد، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية، التي تابعت القول إن أجهزة الأمن لم تكتف بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، بل اعتدت على المستشفيات، وأطلقت داخلها الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع. وبحسب بيانها، فإن سلطات الأمن «لم تراع حرمة المكان وقدسيته، وحرمة الأطفال والمرضى، والأطباء والعاملين بالمستشفيات، والتجاوز اللامحدود باعتقال طبيب امتياز واقتياده من مكان عمله».
وبسبب الاعتداء على المرضى في المستشفيات، قرر الأطباء الدخول في إضراب مفتوح، مشترطين للعودة إلى ممارسة عملهم أن يلاحق المعتدين، وإطلاق سراح زميلهم، وإيكال حراسة المستشفيات لرجال الجيش، واعتذارا مكتوبا من وزارة الداخلية وجهاز الأمن مع التعهد بعدم تكرار ذلك.
بيد أن وزارة الصحة بولاية الخرطوم، أدانت على لسان وزيرها مأمون حميدة، اقتحام قوات الأمن مستشفى أم درمان لمطاردة محتجين، ووصفت دخول القوات الأمنية للمستشفى بأنه «غير مقبول»، وأعلنت فتح «تحقيق حول ملابسات الأمر مع الجهات المعنية»، وأكدت نشر عناصر شرطة لحراسة المستشفيات وتأمين الأطباء والكوادر الصحية والمرضى.
من جهته، لم يبد الصحافي والمحلل السياسي فيصل محمد صالح، دهشته للعنف المفرط الذي استخدمته القوات الأمنية ضد العزل، وقال: «هذا ليس سلوكاً جديداً للنظام، فهو جزء من طبيعته وتركيبته، فمنذ تسلمه للسلطة في انقلاب يونيو (حزيران) 1989، لم يكن يتورع عن استخدام العنف المفرط ضد خصومه السياسيين».
وأضاف صالح أن الانقلاب يستهين عادة بأرواح الناس، ففي بداية عهد النظام قتل مجموعة من الضباط بدم بارد، وأخفى مواطنين في ظروف غامضة، وقتل بعضهم تحت التعذيب في «بيوت الأشباح»، ولقي آلاف المدنيين في حرب دارفور مصرعهم، في علميات حرق للقرى الآمنة، وقصف العزل بالطيران.
ويشير صالح إلى أن النظام قتل في انتفاضة سبتمبر (أيلول) 2013 عدداً كبيراً من المحتجين، قدرته منظمات حقوقية بأكثر من مائتي قتيل، واعترف هو بمقتل 80. ويتوقع أن يتزايد العدد كثيراً أثناء استمرار الاحتجاجات، ويقول: «لم يبلغ عدد القتلى في المظاهرات الأخيرة قتلى سبتمبر، لكن يمكن أن يصل إليه ويزيد عليه».
ويوضح صالح أن الأجهزة الأمنية غير مقيدة ولا يحدها دليل لاستخدام العنف وتحديد نوع الفعل اللازم، ويتابع: «التقديرات متروكة للأجهزة الأمنية، فقد أُلغي النظام الذي كان متبعاً، ويعطي سلطة تقدير استخدام العنف لقاض مرافق للشرطة، لكن النظام ترك تلك التقديرات لأجهزته الأمنية دون مراقبة أو حساب».
ويقطع صالح بأن ما حدث في المظاهرات الأخيرة من قتل ودم «سياسة منهجية» للنظام تجوز له استخدام أقصى حالات العنف في مواجهة المعارضين بما في ذلك القتل، حسب تقديرات الأجهزة الأمنية.
من ناحية أخرى، ينتظر أن تتواصل الاحتجاجات في البلاد، وتتزايد وتيرتها، وأعلن تجمع المهنيين السودانيين، عن ترتيب خطوات لاحتجاجات منظمة قادمة، وقال في بيان صادر أمس: «تجري المشاورات من دون كلل ولا راحة، للترتيب لخطوات قادمة، تشبه أحلامنا وتطلعاتنا، فصبراً... إن موعدنا الحرية والتغيير».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.