القمّة العربية الاقتصادية تعمّق الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية

الوفود التحضيرية للقمة بدأت الوصول إلى بيروت

يتطلع لبنان إلى القمة الاقتصادية و«سيدر» لتجاوز التراجع  الكبير في الوضع الاقتصادي (رويترز)
يتطلع لبنان إلى القمة الاقتصادية و«سيدر» لتجاوز التراجع الكبير في الوضع الاقتصادي (رويترز)
TT

القمّة العربية الاقتصادية تعمّق الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية

يتطلع لبنان إلى القمة الاقتصادية و«سيدر» لتجاوز التراجع  الكبير في الوضع الاقتصادي (رويترز)
يتطلع لبنان إلى القمة الاقتصادية و«سيدر» لتجاوز التراجع الكبير في الوضع الاقتصادي (رويترز)

تفاعلت دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، إلى تأجيل انعقاد القمة العربية الاقتصادية المقرر انعقادها في بيروت في التاسع عشر من الشهر الحالي، وأثارت المخاوف من تفويت فرصة انعقادها في بيروت، وحصد نتائجها السياسية والاقتصادية.
وفيما عزا برّي طلب التأجيل إلى معالجة مسألة حضور سوريا، تباينت المواقف حيال خلفيات موقف رئيس البرلمان، لكنّ مصادر القصر الجمهوري أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن القمة «لا تزال مقررة في زمانها ومكانها». وقالت: «حتى الآن لم تتبلغ اللجنة المنظمة للقمّة، أي بلاغ من الأمانة العامة للجامعة العربية، ولا من أي جهة عربية معنية بالأمر بتأجيلها أو إلغائها، وبالتالي فإن القمة لا تزال قائمة في موعدها ولم تطرأ عليها أي تعديلات». وعمّا إذا كان هذا التباين بشأن هذه القمة ولّد شرخاً في العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، اكتفت مصادر قصر بعبدا بالقول: «ليس لدينا تعليق على موقف الرئيس برّي».
ويعوّل المسؤولون اللبنانيون على هذه القمّة انطلاقاً من ثلاثة ثوابت: الأول تكريس الاهتمام العربي بلبنان، والثاني عدم إضاعة فرصة حضور دول الخليج العربي المساهمة في مؤتمر «سيدر» إلى لبنان، والثالث تفعيل الاستثمارات العربية التي يحتاج إليها البلد في خضم أزمته، وهو ما أشار إليه وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري، الذي استبعد أي تعديل في موعد انعقاد القمة أو مكانها، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القمة تشكل فرصة سياسية واقتصادية للبنان يجب تلقفها وعدم التفريط بها». وقال: «لبنان جزء من العالم العربي والجامعة العربية، وهو في الحضن العربي، وأهمية هذه القمّة أنها ستُعقد في بلد يتمتّع بنظام اقتصادي حرّ، وبالتالي لا يمكن التفريط بالقمة أياً كانت الأسباب والمسوغات التي يسوقها البعض».
وأضاف وزير الاقتصاد وهو من فريق الرئيس عون الوزاري: «إخواننا العرب يحبون لبنان ولديهم استثمارات فيه، والبلد بحاجة إلى دعم وتضامن أشقائه العرب الذين كانوا مساهمين أساسيين في مؤتمر (سيدر)، وهناك مشاريع سياحية واستثمارية بين لبنان ودول الخليج العربي، إضافة إلى وجود آلاف اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج، عدا عن الترابط التاريخي والثقافي مع كلّ الدول العربية، وبالتالي يجب أخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار وعدم التفريط بالقمة».
ويعاني الوضع الاقتصادي والمالي تراجعاً كبيراً، لجهة غياب النمو وارتفاع العجز في الموازنة وزيادة البطالة، وتراكم الدين العام الذي تجاوز عتبة الـ80 مليار دولار، وأمام هذه التحديات دعا وزير الاقتصاد رائد خوري إلى «الاستفادة من الاهتمام العربي بلبنان، خصوصاً أن الدول العربية تريد أن يكون لبنان منصّة في عملية إعادة إعمار سوريا من خلال موقعه الجغرافي، ومن خلال قدرة القطاع الخاص اللبناني على لعب دور أساسي في إعادة الإعمار، وكلّ هذه الأمور تدعونا إلى عدم تفويت انعقاد القمة العربية ببيروت في موعدها المحدد». وسأل: «هل يُعقل أن نجعل من لبنان بلداً لتلقي الضربات فقط، ولا نستفيد من الأشياء الإيجابية؟».
ويرى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور مروان إسكندر، أن «ثمة خوفاً لدى الرئيس برّي وقوى سياسية أخرى من فشل القمّة، بسبب غياب الرؤساء والقادة العرب عنها، وحصر التمثيل بالسفراء أو وزراء الخارجية». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «دعوة سوريا ربما تشكّل عقدة أساسية، لأن ذلك يصعّب عودتها إلى الجامعة العربية»، لافتاً إلى أن الرئيس برّي «يحاول تفادي مشكلات قد تنتج عن غياب سوريا عن القمة».
إلى ذلك, تسلم الوزراء اللبنانيون أمس دعوات لحضور جلسات القمة التنموية الاقتصادية العربية المزمع عقدها في بيروت في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، فيما بدأ المعنيون باستقبال الوفود العربية تدريبات في مطار رفيق الحريري في بيروت استعداداً لاستقبال الوفود العربية المشاركة في القمة.
وبالموازاة، قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفود السباقة التي عادة ما تصل لإجراء تحضيرات لوجيستية وتستبق أي قمة أو اجتماعات عربية «بدأت الوصول إلى بيروت منذ أمس الخميس»، لافتة إلى أن هذه الفرق تجري التحضيرات اللوجيستية والإدارية والأمنية. وقالت المصادر إن اللجنة التحضيرية للقمة الاقتصادية «لم تتلق أي إشارة من مجلس الجامعة العربية أو الدول العربية باحتمال تأجيل انعقاد القمة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.